من بين مئات المجازر الصهيونية التى ارتكبت ضد أبناء الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة، تأتى مذبحة صبرا وشاتيلا لتجسد خيبة وخزى لدى الأمة العربية، بعدما اشترك أبناء الشعب العربى الواحد يتناحرون تحت أعين ومساندة ودعم من الجيش الإسرائيلى لملشيات لبنانية للقضاء على المخيم الفلسطينى فى صبرا وشاتيلا.
فى مثل هذا اليوم 16 سبتمبر من عام 1982، وقعت مذبحة صبرا وشاتيلا، تلك المجزرة التى نفذت ضد اللاجئين الفلسطينيين في 16 سبتمبر 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبنانى وجيش لبنان الجنوبى والجيش الإسرائيلى.
وبحسب كتاب "العنصرية اليهودية وآثارها في المجتمع الإسلامي والموقف منها: الجزء الثالث" تأليف الدكتور أحمد بن عبد الله بن ابراهيم الزغيبى، فإن قوات حزب الكتائب اللبنانى المسيحى، قامت بالتعاون مع القوات الإسرائيلية خلال الحرب العربية الإسرائيلية الخامسة المعروفة بحرب لبنان عام 1982، بعد الترحيل القسرى للقوات الفلسطينية، بمجزرة بشرية مريعة ضد اللاجئين الفلسطينين، فى مخيمى صبرا وشاتيلا، فى المدة من 16 إلى 18 سبتمبر عام 1982، وبلغ عدد القتلى فيها ما يقرب من 4 آلاف شخص غالبتهم من الشيوخ والنساء والأطفال.
ويوضح كتاب "شذا الرياحين من سيرة واستشهاد الشيخ أحمد ياسين - ج 2" للدكتور سيد بن حسين العفانى، إنه تم إقناع القوات الفلسطينية المتواجدة فى لبنان بالخروج منها، وأن يلقوا سلاحهم ويخرجوا عزل، تاركين وراءهم النساء والأطفال.
لكن بمجرد خروج المقاتلين ولم يكن هناك إلا العجائز والنساء والأطفال، قامت المدفعية والطائرات الإسرائيلية بقصف مخيم صبرا وشاتيلا، وأغلقت الدبابات الإسرائيلية الطرق المؤدية إلى المخيم وبرج البراجنة، وأدخلت القوات الإسرائيلية، عناصر حزب الكتائب اللبنانى، وألمح الكتاب إلى شبهة وجود حرب طائفية فى تلك المذبحة، مشيرا إلى مقاتلى الكتائب اللبنانية جاءت متعطشة لأخذ بالثائر للرئيس اللبنانى بشير الجميل، والذى اتهم فيها عناصر فلسطينية، قبل يومين فقط من المذبحة، لتخرج قوات حزب الكتائب اللبنانى المسيحى، لقتل الفلسطينيين العزل وأغلبهم مسلمين، تحت حراسة قوات اليهود.
ويشير الكتاب سالف الذكر إلى أن المذبحة استمرت طوال يومى الجمعة وصباح يوم السبت، وأيقظ المحرر العسكرى الإسرائيلى روني شاى إرييل شارون وزير الدفاع فى حكومة مناحم بيجين ليبلغه وقوع المذبحة فى صبرا وشاتيلا، ليرد عليه شارون ببرود: غرباء قتلوا غرباء.. فماذا نفعل؟".
وتذكر مذكرات "رفائيل إيتان" رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلى وقت وقوع المذبحة، فإنه فى صباح يوم الخميس، وبعدما أصبحت بيروت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلى، شاهد "إيتان" عناصر مقاتلى الكتائب اللبنانية يستعدون فى منطقة المطار تمهيدا لدخول مخيمى صبرا وشاتيلا، موضحا "لم أكن أتوقع منهم القيام بأعمال وحشية فى مخيمات اللاجئين الفلسطينين".
ولفت رئيس الأركان الإسرائيلى الأسبق، أن وزير الدفاع الإسرائيلى شارون جاء ليشارك فى تشييع الرئيس اللبنانى بشير الجميل، وقام بعدها بالاجتماع بزعماء حزب الكتائب وكميل شمعون وبيير الجميل، لكن رفائيل إيتان لم يحضره على حد زعمه.
لكنه عاد وأكد أنه سافر إلى القدس للاشتراك فى جلسة حكومة إسرائيل، وأبلغ الحكومة حينها بأن رجال الكتائب سيدخلون مخيم صبرا وشاتيلا فى الثامنة مساء، وبالفعل بدأ الكتائبيون دخول المخيمات بينما كانت جلسة الحكومة لاتزال منعقدة، ولم يعارض أحد الإجراء.
ويبدو أن "إيتان" يحاول "غسل يده" من دماء الفلسطينين، مشيرا إلى أن الوزير دافيد ليفى كان الوحيد الذى ابدى خشيته من احتمال انتقام الكتائبين من سكان المخيمات العزل، لكن الأول أكد له أن انطباعه عنهم بعد اشتراكهم معا فى عمليات سابقة بأنهم سيتصرفون حسب الأصول وقوانين لحرب، ويشدد "إيتان" بأن قبل دخول الكتائبين المخيم طلبوا من القوات الإسرائيلية الدعم بنيران المدفعية والدبابات لكنه لم يستجيب ووافق على مساعدتهم بإنارة المنطقة كون العملية تنفذ ليلا، على حد زعمه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة