قراءة مدققة فى المشهد الانتخابى بتونس، تخبرنا بالكثير عن شعب تونس فقد أظهرت الإنتخابات الرئاسية التونسية للسطح غياب ثقة هذا الشعب فى نخبته السياسية، فمن جهة كان هناك ضعف الإقبال، حيث شارك فى هذه الانتخابات 3 ملايين و465 ألف ناخب فى 33 دائرة بداخل وخارج تونس ، من مجموع 7 ملايين و747 ألف مسجلين في الانتخابات، أيّ بنسبة إقبال بلغت 45%.
ومن جهة أخرى، انتخب التونسيون نبيل القروى المسجون على ذمة الاتهام بالتهرب الضريبى وغسيل الأموال كبديل لهم عن الأسماء التقليدية.
منذ بداية الحملات الانتخابية قدمت تونس تجربة انتخابية مختلفة بكل ما تحمل الكلمة من معانٍ، بدءا من اعتماد "المناظرات" التلفزيونية بين 26 مرشحا للرئاسة، وصولا إلى النتائج التى حملت الكثير من الدلالات.
وفوجئ المراقبون بنتائج أمس عندما أكدت اللجنة العليا للانتخابات المؤشرات الأولية، التى ظهرت أمس بتقدم قيس سعيد ونبيل القروى، مشيرة إلى حصول الأول على نسبة 18.4% والثانى على 15.58% .
وكانت النتائج الأولية للفرز كشفت تصدر المرشح قيس سعيد للترتيب، بعد حصوله على أصوات 489145 ناخبا، يليه المرشح السجين نبيل القروي بعد حصوله على ثقة 403438 ناخبا، وهو ما يعنى ترشحهما إلى الدور الثانى من الانتخابات الرئاسية للتنافس على رئاسة تونس، وفقا لنا أعلنته العيئة العليا المستقلة للانتخابات.
تقودنا قراءة هذه النتائج إلى رسائل مهمة أراد الشعب التونسى توجيهها للنخبة السياسية مفادها "إننا غاضبون منكم ولن نقبل بصعود أى منكم للسلطة، حتى إذا كان البديل شخصا مخالفا للنظام حبيس خلف القضبان".
وإذا نظرنا للمرشح قيس سعيد سنجده مواطنا تونسيا بعيدا عن عالم السياسة فهو أستاذ قانون يحمل الماجستير ولم يحصل على لدكتوراه، اعتمد قط على صفحات لتواصل الاجتماعى لتلاميذه من شباب الجامعة الذين قادوا حملته الانتخابية المتواضعة
قيس سعيد يعد ظاهرة سياسية مجتمعية تونسية ظهرت إبان الثورة من خلال تحاليل للدستور وللقوانين بحكم اختصاصه في القانون الدستوري ومثّل الحلول التقنية في كل مرة تحدث فيها ولم يكن يؤمن بالتوافقات والحلول السياسية للأزمات التى مرت بها تونس.
لقد كانت النتيجة التى حصدها سعيد مفاجأة له هو أيضا وهذا ما أكده عقب إعلام النتائج قائلا: أن المؤشرات كانت مفاجأة ولكن تؤكد أن هناك تحول إيجابى فى تونس" ، مؤكدا أن لديه شعور عميق بالمسئولية ، وأتقدم للشعب التونسى بالشكر وأتعهد أن اكون رئيسا لكل التونسيين" .
منذ بدء حملته الانتخابية أعطى سعيد اهتماما للشباب ربما أنه أدرك حجم قوتهم التى لا يستهان فى وقت أهمل غيره من المرشحين هذه القوة ، بل ترك لهم إدارة ندواته وجلساته الدعائية التى كان يعقدها والتى لم تكن كثيرة مثل بقية المرشحين.
كما أن غالبية من شاركوا فى الانتخابات من الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عاما، حسبما أكد عبدالوهاب الريسى منسق الهيئة العليا للانتخابات بمصر.
يدل هذا على أهمية "الشباب" كقوة قائدة ومحركة للمستقبل، ليس فى تونس فقط بل فى كل البلدان .
سعيد أيضا أعلن أنه بلا انتماء سياسى أو حزبى، وربما هذا ضمن الأسباب الرئيسية التى دفعت الناخبين لإعطائه أصواتهم، ممن سئموا وعود النخبة السياسية منذ ثورة الياسمين التى انطلقت فى 2011 وحتى الآن .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة