القارئ مصطفى التونى يكتب: فن صناعة المعاق

الإثنين، 02 سبتمبر 2019 10:00 ص
القارئ مصطفى التونى يكتب: فن صناعة المعاق تربية الأبناء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هذا؟ وهل يوجد فن بهذا الاسم؟ وهل يصنع المعاق اصلاً؟
صبراً عزيزى القارئ اعذرك لان حدود علمنا عن المعاق انه من فقد أحد أعضائه أو ذوى الاحتياجات الخاصة، وهم إما معاقين منذ خلقهم الله أو بسبب حادث سبب لهم نوع من الإعاقة، وهؤلاء المعاقين لا يمثلون خطورة على المجتمع بل منهم من حقق نجاحات كثيرة، وأفادوا مجتمعاتهم لأن من خلفهم آباء وأمهات ربوهم على تحمل المسئولية.
 
المعاقين الذين نحن بصدد الحديث عنهم اليوم هم من نصنعهم نحن بأيدينا وعلى أعيننا صناعة بإتقان أجاد الآباء والأمهات فنونها حتى حولت أبناءنا الأصحاء أصحاب العقول الى معاقين عن الحركة وعن الفكر؛ حولناهم الى معاقين حينما ربيناهم على عدم تحمل المسئولية فى كل شيء، حينما تحملنا ما لا يطاق لتلبية رغباتهم وتحقيق مطالبهم دون أدنى مشاركة منهم؛ والنتيجة أصبح لدينا جيل يحمل ثقافة الاتكالية بدل من ثقافة المشاركة وتحمل المسئولية.
 
فى مقال للكاتب السعودى مشعل أبا الودع تحت عنوان "هل فى منزلنا ضيوف أم معاقين" ألقى فيه الضوء على البرنامج اليومى لأبنائنا منذ الاستيقاظ من النوم حتى نومهم؛ وكل ما ذكره الكاتب هى حقاً مشاهد يومية نشاهدها جميعاً فى بيوتنا ولا ندرى انها أولى مراحل صناعة المعاق، فهو يستيقظ صباحاً ويترك فراشه دون ترتيب، فالأم ستتولى ذلك.
 
يستبدل ملابسه ويتركها للغسيل متناثرة فى أى زاوية أو ركن، فالأم ستتولى جمعها وغسلها وكويها وإعادتها للغرفة.
يقدم له الطعام جاهزاً ليتناوله قبل ذلك أو بعده لا يتعب نفسه بغسل كوب أو صحن، فالأم ستتولى كل ما يترتب على هذا.
 
يذهب لمدرسته أو جامعته ويعود لينام أو يسهر على سنا بشات أو توتير أو إنستجرام أو مشاهدة حلقات متتابعة من مسلسل جديد يتخلل ذلك وجبات تقدم له جاهزة وكل ما عليه هو أن "يأخذ بريك" ويمد يده ليأكل، جزاه الله خير على ذلك، ويعاود الجهاد أمام شاشة هاتفه أو الآيباد أو اللاب توب.
 
وأحياناً فى أوقات فراغه قد يتكرم فى الجلوس مع بقية أفراد أسرته لكنه حاشا أن ينسى أن يتصفح شاشة هاتفه ليظل حاضراً وقريباً من أصحابه الذين يقضى معهم جُلّ أوقاته حتى لا يفوته لا سمح الله تعليق أو صورة أو فضول فيما يفعله الآخرون، لا يساهم ولا يشارك فى أى مسؤولية فى البيت ولو بالشيء القليل،.
يترك المكان فى فوضته، ويغضب أن لم يعجبه العشاء، وإن رأى فى البيت ما يستوجب التصليح أو التبديل يمر مر السحاب، طبعاً التصليحات مسئولية والده أليس كذلك، والتنظيف والترتيب مسؤولية أمه فقط..
 
وهكذا يبقى الآباء والأمهات تحت وطأة تحمل المسئولية لأنهم لم يعودوا أبناءهم عليها ولن يشعر الأبناء بمعاناة ابائهم حتى مع تقدم العمر لأننا استطعنا بتفوق أن نصنع معاق بدرجة امتياز.
 
اعتقد أنك الان صدقت انه فن وأننا اجدنا صناعته دون أن ندرى.
آن الآون أن نعيد حساباتنا فى ترسيخ مبدأ تحمل المسئولية فى عقول أبناءنا لإنقاذ ما يمكن إنقاذه؛ فإن ابينا فستعلمه الدنيا لكنها ستكون قاسية وصادمة وأقل حنانا منا على .
 
 
 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة