أغلب ما يتسبب في توتر العلاقات بين الطرفين المُتفاهمين، هو دخول طرف ثالث، فهذا الطرف قد تكون طبيعته تميل إلى فك الترابط بين الأطراف المُتفاهمة، وقد يفعل ذلك دون قصد منه، ولكنه في النهاية يتسبب في انهيار علاقة قائمة بنجاح بين الطرفين، ولكن لو ركزنا قليلاً سنُدرك أن هذا الشخص لم يتسبب في ذلك الأمر بمفرده، بل الطرفين السالفين، أو أحدهما قد أعانه على ذلك، عندما سمح له بالتدخل في تلك العلاقة، أو عندما منح لعقله الفرصة في تصديق الأكاذيب أو الحقائق المُؤولة.
وأنا شخصيًا أذكر موقفًا حدث لي قريبًا، حيث إنني تربطني علاقة صداقة وطيدة مع إنسانة، وإن كانت تلك العلاقة منذ فترة قصيرة، ولكن حدث تناغم نفسي بيننا، وإذا بي أكتشف أن إحدى معارفي على صلة بها، فأصبحنا ثلاثة، نلتقي في مكان واحد، بصورة دورية، ثم بعد فترة وجيزة من اللقاءات المعدودة، فوجئت بوالدي، الذي على صلة بالشخصية التي ظهرت حديثًا في حياتي، يقول لي إن تلك الشخصية قد نقلت له حوارًا غير لطيف على لسان صديقتي، تتحدث فيه عني، وبدأ يُشكك في نوايا صديقتي تجاهي، إلا أنه فُوجئ برد فعل شديد من البرود من ناحيتي، ولا مبالاة، فسألني عن السبب، فقلت له ببساطة شديدة، أنني لا أعرف الإنسانة التي نقلت هذا الحوار، ولكنني أعرف صديقتي جيدًا، وبالقطع، لن أُجْهد تفكيري في هذا الحوار، أو سببه، أو مدى مصداقيته؛ لأن علاقتي بها لها أدلة وبراهين ومواقف، أما تلك الإنسانة وحواراتها لا تعنيني في شيء، ولن أقف عندها، ثم استطردت قائلة إن سبب انتهاء العلاقات النقية والصادقة، عادة ما يرجع إلى تصديقنا لأطراف ليس لهم لدينا أي أرضية حقيقية، فنتسبب في خسارة من لهم لدينا رصيد حقيقي، ولم أعبأ بالأمر على الإطلاق، ولم أفكر فيه ولو للحظة، ولم أذكر الموقف لصديقتي، واكتفيت بأنني ضحكت بسخرية من داخلي على من يظنون أنهم بوسعهم تدمير أي شيء بذكائهم، ويتناسون أنهم إن كانوا يملكون الدهاء، فنحن نملك صفاء العقل، ونقاء القلب، الذي يجعلنا نرى كل شيء على حقيقته.
ومن هنا، فكرت أن أنصح كل إنسان يقع في هذا الموقف، وهو محاولة تدمير علاقته بشخص، لم يرَ منه سوى كل خير، ألا يدع المجال لأي إنسان ضعيف النفس، لكي يُدمر تلك العلاقة الجميلة؛ حتى لا يخسر من يُحبونه، وعليه أن يتذكر دائمًا أن الإنسان النقي، لا يمكن أن يُدمر شيئًا جميلاً، حتى لو تعارض مع مصالحه.
فأنا طيلة حياتي أتبنى هذا الأمر، لدرجة أنني كنت أُدافع عن أشخاص، قد تتعارض مصالحهم مع مصالحي؛ حتى لا أُدمر حياتهم، ورغم علمي بكُرههم لي، فمبادئ الإنسان لابد أن تتغلب على رغباته وأحاسيسه،؛ حتى يظل راضيًا عن نفسه، ومُجرد دخول أشخاص أنقياء في حياتنا، هو نعمة، لابد أن نُحافظ عليها، ولا نسمح لأي إنسان أن يجعلنا نفقدها، مهما كان الثمن، كل ما في الأمر، هو أن نسُد أذننا عن همس الحاقدين والمُغرضين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة