أكد الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن السودان ليس كسائر بلدان العالم، فهو لا يملك تاريخا واحدا بل تواريخ، ولا يملك تراثا واحدا بل آثار وأشكال عدة من التراث، يجب على الجميع المحافظة عليها، لنعزز من خلالها الانتماء للوطن ونحيي عبرها ذاكرة الزمان والمكان ونرسم ملامح المستقبل.
جاء ذلك خلال الكلمة التي ألقاها الشيخ سلطان القاسمى في افتتاح ندوة حفظ التراث في السودان، التي أقيمت فعاليتها اليوم في معهد الشارقة للتراث، حسبما نقلت وكالة الأنباء الإماراتنية.
وأشار إلى أهمية العناية بأفراد المجتمع المحلي، حيث سرد قصة لأحد مدرسيه السودانيين خلال دراسته الجامعية، وكيف أنه طلب منه تقديم اقتراحات عن كيفية العناية بالماشية والثروة الحيوانية في السودان، بناءً على طلب من الحاكم العسكري للسودان في ذلك الوقت، فكان رد الأستاذ بجملة واحدة هي: "إذا أردت العناية بماشية السودان، فاعتني بأهلها أولاً".
وتناول أهمية موقع السودان، وتاريخه المتنوع، وأهمية المحافظة على تراثه بكافة أنواعه، قائلاً "كل بلد له تاريخ وله تراث ولكن السودان لها تواريخ ولها آثار مختلفة، فالسودان تقصده القوافل من غرب أفريقيا عبر دارفور وصولاً إلى سواكن ناقلة معها تراثها، وهذا التراث المنقول جعل من سواكن بوابة لأفريقيا على العالم العربي والإسلامي، وهي بقدر ما تنقل من آثار ومعارف وأقوام إلى هذه الأرض التي نحن فيها هنا، تأتي بآخرين ولذلك عندما ننظر إلى العمارة والتراث غير الملموس مثل الأهازيج والموسيقى نراها مشابهة ومرتبطة بتراث البحر الأحمر والجزيرة العربية".
وحول فائدة المحافظة على التراث، قال : "التراث والتاريخ يعززان الانتماء الوطني، وكل من لا يملك في الأرض شيء، سهلٌ عليه أن يرحل منها، ولذلك هذا التراث بإثباته في الأرض وبإعادته وبإعادة التراث غير الملموس هو إحياءٌ للذاكرة، وترتيباً لمستقبل زاهر".
وتمنى في ختام كلمته النجاح والتوفيق في المشاريع المستقبلية المشتركة للمحافظة على التراث السوادني، موكداً دعمه لكافة المشاريع الثقافية لإعمار السودان.
وتأتي ندوة حفظ التراث في السودان ضمن إطار عمل مشروع "المتاحف المجتمعية في غرب السودان" التي تشكل فرصة وأداة لتقديم موارد ثمينة للشعب السوادني، وذلك من خلال التوجه إلى مختلف المكونات الاجتماعية من خلال رؤية سليمة لتراثهم الثقافي، كونها مؤسسات ثقافية واقعة في مناطق الصراع في أمدرمان والأبيض ونيالا، بمشاركة مجموعة من العاملين في مجال حماية التراث الثقافي من السودان، والخبراء المختصين في مجال تطوير العرض المتحفي التعليمي.
.
وتهدف خطة عمل هذه المشروعات الثقافية إلى حماية هذه المتاحف كونها تمتلك مجموعات رائعة من التراث الثقافي المادي، وحماية المتاحف من خلال أعمال ترميم المباني والحفاظ عليها، بالإضافة إلى مشاركة المجتمع المحلي في الأنشطة المختلفة.
وألقى للدكتور زكي أصلان مدير المركز الإقليمي لحفظ التراث الثقافي في الوطن العربي /إيكروم _ الشارقة/ كلمة رفع فيها الشكر والتقدير إلى صاحب السمو حاكم الشارقة على دعمه الدائم وتوجيهاته الحكيمة في دعم الجهود الثقافية والتراثية في مختلف الأقطار العربية وحرصه على ترميم المواقع الأثرية والحفاظ عليها.
واستعرض مدير إيكروم _ الشارقة خلال كلمته جهود ومبادرات المركز في الحفاظ على التراث الثقافي والمراحل التي قام بها المركز بالتعاون مع الشركاء من الجهات في ترميم عدد من المواقع في الدول العربية.
وثمن الدكتور عبدالرحمن علي المدير العام للهيئة العامة للآثار والمتاحف في السودان دعم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لترميم المتاحف الأثرية الثلاث في السودان التي تشكل إرثاً ثقافياً قيماً من تاريخ السودان العريق، بالإضافة إلى دعم مختلف الفنون والثقافات والمواقع التي يتم العمل على الحفاظ عليها ودعمها لتشكل موارد ثقافية عريقة تحفظ للسودان تاريخها وإرثها الثقافي.
وفي كلمة للمجلس الثقافي البريطاني أشار جافين آندرسون إلى الجهود التي يقوم بها المجلس في دعم التراث الثقافي بالتعاون مع المؤسسات المعنية بالمحافظة على التراث المادي مما يسهم في لفت الأنظار إلى ضرورة العناية بكل ما يتصل بتاريخ وثقافة المجتمعات المحلية.
وأعرب آندرسون عن سرور المجلس الثقافي البريطاني بالمشاركة في دعم مشروعات الحفاظ على التراث الثقافي، بالتعاون مع إيكروم - الشارقة ومن ضمنها هذا المشروع الثقافي الهام والذي يخدم مجتمعات كبيرة ومتنوعة، عبر إدخال السكان المحليين في خطط المشروع، مما يجعل العناية بالتراث شأناً عاماً لدى كافة أفراد المجتمع، ويحقق أهداف المؤسسات العاملة في هذا المجال.
وقدمت هيلين ومايكل مالينسون من مؤسسة معماريي مالينسون، عرضاً عن مشروع المتاحف المجتمعية في غرب السودان تضمن أبرز ملامح المشروع وأعمال الترميم.
وكان حاكم الشارقة قد تجول في أروقة المعرض المصاحب الذي ضم عدد من المخططات التي يجري العمل عليها في المتاحف الثلاثة في غرب السودان، مطلعاً سموه على سير العمل وعمليات الترميم فيها.
شهد الندوة الشيخ سالم بن عبدالرحمن القاسمي رئيس مكتب سمو الحاكم، ومحمد عبيد الزعابي رئيس دائرة التشريفات والضيافة، والدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتور عبد الأمير الحمداني وزير الثقافة والآثار في جمهورية العراق، ومنال عطايا مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، والدكتور صباح عبود جاسم مدير عام هيئة الشارقة للآثار.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة