تبقى قضية الطلاق الشفهى بين الزوجين، إحدى القضايا الجدلية الموجودة فى المجتمع المسلم حول فرضية إن كانت كلمة "أنتِ طالق" تكفى لإتمام الطلاق بين الرجل وزوجته، أم إنها تحتاج ضوابط شرعية أخرى.
ورغم أن هيئة كبار العلماء في مؤسسة الأزهر، أكدت فى وقت سابق إن "الطلاق الشفوى يقع دون الحاجة لتوثيقة"، مشيرة إلى أنه بإجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم وتخصصاتهم إلى وقوع الطلاق الشفوي المستوفي أركانَه وشروطه، والصادر من الزوج عن أهلية وإرادة واعية وبالألفاظ الشرعية الدالة على الطلاق، إلا أن عددا كبيرا من المشرعين منهم الدكتور سعد الهلالى أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، يرى أنه يدمر المجتمع، كما أنه أمر فقهى وليس شرعيا فى تطبيقه.
ومؤخرا أصدر الكاتب على محمد الشرفاء الحمادى، كتابا جديدا تحت عنوان "الطلاق: يهدد أمن المجتمع"، صادر عن دار النخبة للنشر والتوزيع فى 45 صفحة من القطع المتوسط، يرى فى مقدمته أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية تتعرض للتفكك الأسرى وتشرد الأطفال وانهيار القيم نتيجة "الطلاق الشفهى" الذى هو بمثابة كلمة تخرج فى حالة غضب، مما يدمر كل شىء فى الأسرة.
ويشدد الكاتب فى مؤلفه الجديد، على أن التعامل مع "الطلاق الشفهى" فى الموروت اعتمد على الروايات من دون اعتبار للتشريع الإلهى فى القرآن الكريم، فيما يخص العلاقة الزوجية وجعل منه أمرا مسلما ومقدسا، وضربوا بالتشريع عرض الحائط فى تجاهل لما وضعه الله سبحانه وتعالى فى تشريعه من قواعد محكمة ضبطت بتوازن وإنصاف العلاقة التعاقدية بين الزوجين، على حد وصف الكاتب.
كتاب "الطلاق: يهدد أمن المجتمع" عدد باستخدام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة أحكام الزواج، أن الله تعالى استهدف أحكاما تحرص على استمرار الحياة الزوجية وتحافظ على الأسرة، ووضع قواعد وضوابط شديدة للطلاق، مستندا إلى النص القرآنى: (إِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا) النساء 19.. والنص القرآنى: (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة 229.
وشدد الكاتب أن أحكام الطلاق الشفهى جريمة، لإنها جاءت من فهم خاطئ للمذهاب الأربعة، ووضع العرف والتقاليد بديلا عما جاء فى النصوص القرآنية، وابتدع الثلاث طلقات التى لم يرد بها نص قرآنى فيما يتعلق بالعلاقة الزوحية، مما تسبب فى تدمير الحياة الأسرة، وظهور الجرائم الخلقية نتيجة أغفال أحكام التشريع الإلهى.
ويرى المؤلف إنه إتساقا مع النصوص القرآنية فإن الإنفصال بين الزوجين لا يتم إلا بالشروط التالية: أولا إمساك بمعروف، وهو أن على الزوج إذا استحالت المعيشة بين زوجه أن يبلغها بأنه ينوى إنهاء العلاقة خلال بينهما خلال مدة العدة وهى أربعة أشهر، مهلة لكليهما ولا يخرجها من بيتها تنفيذا لقوله تعالى: (ا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) سورة الطلاق 1.
والثانى هو التسريح بإحسان، إذ يرى المؤلف أن القاعدة "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" تعنى أنه فى حالة عدم اتفاق الطرفين على تحقيق المصالحة بينهما تبدأ مرحلة "الطلقة الثانية" وهى التسريح بإحسان، واقتناع كل طرف بأن الفراق بينهما يحقق مصلحتهما وفقا للآية الكريمة (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)- ( البقرة227)، والآية القرآنية: (فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ)-(البقرة 233).