أعتقد أن من ينكر وجود تآمر من بعض القوى ضد قوى منافسة أو معادية ربما لم يطلع بقدر كاف على التاريخ وتجاربه المريرة أحيانا، بل فى أغلب الأحيان.. فمن الصعب إنكار أن إنشاء إسرائيل فى قلب الوطن العربى ليس مؤامرة ، ولكن ما لا يعرفه كثيرون، خاصة من الأجيال الشابة، أن السبب الرئيسى فى تشريد الشعب الفلسطينى هو ما أكده الزعيم اليهودى البريطانى دى روتشيلد، لرئيس الوزراء البريطانى فى أواخر القرن التاسع عشر، أن وجود إسرائيل سوف «يمنع مصر من التمدد شرقا»، فى إشارة إلى تنامى القوة المصرية إبان حكم محمد على وتكتل كل القوى الطامعة ضده فى معركة نوارين التى انتهت بهزيمة مؤلمة.. بعد ذلك ظهر فى مصر زعيم شكل خطرا أكيدا على كل مؤامرات التفتيت، بنضاله فى سبيل تحقيق حلم الوحدة العربية، هو الزعيم جمال عبدالناصر الذى تكتلت كل القوى المناهضة لفكرة الوحدة، ضده فى حرب يونيو ٦٧.. ولكن الشعب المصرى نزل فى لحظات بالملايين إلى الشوارع وهزم الهزيمة، وهو ما تجلى فى التمسك باستمرار جمال فى الحكم ومواجهة العدوان وآثاره.. وعندما اطمأن الأعداء إلى سلوك مصر طريقا مناقضا، حتى لا نقول، معاديا، لخط عبدالناصر، تواصلوا مع جماعة الإخوان المسلمين وتفرعاتها، وجاءوا برئيس منهم ينفذ التمزيق، غير أن الشعب كشف المؤامرة ونزل إلى الشارع بعشرات الملايين وبمساندة جيشه لتمزيق أخطر مشروع كانت تعتمد عليه القوى المعادية، خاصة أمريكا وإسرائيل واختارت جماهير يونيو عبد الفتاح السيسى قائدا لثورتها.. وقال السيسى بأعلى صوت: إن الإرادة المصرية لن تعلو عليها إرادة أخرى.. ولن أنسى ما حييت، صرخة عضو مجلس الشيوخ الأمريكى آنذاك جون ماكين، الذى قال، بلا أدنى خجل: لن نسمح بظهور ناصر آخر!! وأكيد أن كثيرين منا يتذكر ما قاله محمد مرسى للسيسى «لو شيلتونى، أمريكا مش حاتسيبكوا» ويومها علق ابنى نبيل «والله لو إنه قال، الشعب مش حايسيبكوا، كنت احترمته!» وكان رهان أعداء مصر وأدواتهم على فشل القيادة الجديدة فى الخروج من الأزمة المتردية التى ورثتها البلاد من عشرات السنين من الفساد والكساد وسوء التصرف والانعزال، حتى أشرفت على التفكك، والإفلاس والتراجع إلى صفوف الدول الآفلة.. وعندما شاهد العالم كله على أرض الواقع التفاف الشعب خلف قيادته والعمل فى مشروعات كانت مصر فى أشد الحاجة إليها، استعرت الحرب والتى كان ينفذها تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية بشن جرائم وحشية استهدفت كل مؤسسات الدولة وفى المقدمة منها الجيش، لكونه يشكل العمود الفقرى للدولة.. وعلى سبيل المثال تم مرة سحب جميع علب لبن الأطفال من السوق والصيدليات وعندما عالج الجيش الموقف بكفاءة نادرة، فتح الجناة ماسورات التشويه بشن هجوم على الجيش بدعوى أنه يقوم بعمل «رجال الأعمال»؟ وكأن الجيش قد قام بجريمة إنقاذ آلاف وربما ملايين الأطفال من موت محقق، كما كانوا يخططون لضرب أكثر من عصفور بحجر جون ماكين.. هذا مثال واحد من أمثلة كثيرة قد يعطينى الله العمر والقدرة على التذكير بها، ولكنى أتوقف هنا عند ما جرى مساء يوم الجمعة الماضى، عندما استغل الإخوان وتوابعهم تجمهر الشباب لمتابعة ماتش الأهلى والزمالك، لدس بعص أفرادهم وسط المشجعين للإيهام باندلاع مظاهرات ضد الرئيس السيسى، حيث لن ينسوا أبدا أنه خلص مصر منهم وكتب بمساندة شعبه، فصل الختام لتنظيم اللئام.. غير أن ما يحتم التوقف عنده هو غياب الإعلام المصرى غيابا تاما، منذ سنوات، فقد اكتفت الوجوه الإعلامية، يوميا، بالرد على قنوات الإخوان وقناة الجزيرة القطرية، بينما لا يقترب هؤلاء من واقع حياة المصريين، سواء كانت إنجازات أو مصاعب وفتح باب مناقشة أى قضية كانت وشرح أسبابها وكيفية مواجهتها، كما لا تعرف الأغلبية الساحقة من المصريين ما يحاك ضد الوطن وهو ما يصيبهم بالملل من وسائل إعلامنا والتوجه، من باب الفضول أو التسلية، إلى قنوات معادية.. إن عدم وجود وزير إعلام فى الوقت الحالى، كارثة فعلا، وقد عبر عن هذا الرأى كثير من الكتاب والإعلاميين، فمن الذى يحجب هذا الموضوع الحيوى عن القيادة؟ ولمصلحة من؟ ألا يدعو ذلك إلى التأكد من وجود المؤامرة ضد بلدنا الذى باتت بعض الدول تتطلع بإعجاب إلى تجربته وأصبح يمثل قارة بأكملها؟ وإعلامنا يزيد من شهرة أعداء الوطن بدعوى الرد عليهم، وكأننا أصبحنا مجرد رد فعل، الرد يا سادة يكون بفتح الحوار الحر والإجابة على تساؤلات الناس وعرض المصاعب الاقتصادية بأمانة وصدق، فحتى الآن لم أجد برنامجا إعلاميا يشرح أسباب تعويم الجنيه ولماذا لم يكن هناك مفر من ذلك وأمور أخرى قد أتطرق اليها..لكن لننتبه جميعا إلى ما قاله السيناتور الأمريكى جون ماكين عن الرئيس عبد الفتاح السيسى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة