لا يحتاج المرء إلى جهد كبير ليعرف أن كل قيادات التحريض على النزول للشارع يقيمون فى الخارج، ويتحدثون من منصات فى تركيا وقطر لندن وبرلين وأمريكا وغيرها، ويمارسون شجاعة افتراضية «فول بورد»، بل أنهم يسخرون ممن يلتفت نظرهم إلى هذا، بل ويهاجمون كل من يحذر الناس من السقوط فى فخاخ قنوات ومواقع ولجان التحريض.
ويبدو حال مناضلى قنوات تركيا وقطر كوميديا وفكاهيا إذا تم التعامل معه كنوع من الفرجة، وبالفعل فإن الفرجة على قنوات تركيا وقطر يمكن فى حال عرضها محليا أن تكون أكثر الفقرات الكوميدية والساخرة تأثيرا. وهو أمر تعرفه أغلب الجمهور العادى الذى أصبح يمتلك وعيًا يمكنه الفصل بين الرأى والتحريض وبين الرأى المجانى والآخر المدفوع.
كثيرون كانوا يتعاملون معها على أنها قنوات تعمل لصالح الممولين وتخلو من أى نوع من الإعلام، ولا تستحق الرد عليها حتى اتضح أن هناك من يصدق هذه الأكاذيب أو يتعامل معها بجدية، خاصة فقرات المقاول الذى تحول إلى أحد زعماء النضال العقارى، الذى يقدم عروضه الفكاهية لينافس زملاءه على التريند، ومن منهم ينجح فى جذب المتفرجين بالخلع والرقص والتدخين. وهى فقرات لم تعد تثير الفرجة كالسابق بعد أن تكشفت الكثير من الأوراق.
وتستحق قنوات تركيا وقطر وكبار محلليها جائزة على الدأب فى استمرار الكذب واختراع الكذب طوال 6 سنوات، ومن يريد أن يتأكد يمكنه مراجعة توقعاتهم ومعلوماتهم وأخبارهم طوال هذه المدة والتى يقسمون فيها دائمًا بأنها معلومات حصرية فإذا بها مجرد كذبات حصرية. فهم يكذبون يوميًا وبشكل مستمر ومن دون ملل ولا يمكن لعاقل أن يصدقهم وهو يرى توقعاتهم تتهاوى يوميًا. ونفس الأمر فيما يتعلق بعدد قليل من رواد السوشيال ميديا يصيبهم نوع من الارتباك فتجدهم تائهين بين البحث عن لايكات أو إرضاء المتابعين فيقعون فى تناقضات واضحة.
اللافت للنظر أن زعماء التنظيم التركى القطرى لا يكتفون باختراع أكاذيب كوميدية، لكنهم يمارسون أنواعا من الكذب والتحريض، سبق وأن قادت بعض صغار المخدوعين للانخراط فى عمليات إرهابية وبعد فشلهم وسقوطهم يتخلى زعماؤهم عنهم لأنهم قبضوا الثمن، قيادات الإرهاب الهاربون فى أرجاء المعمورة يستمتعون بالأموال والأرباح فى تركيا وقطر ولندن وألمانيا وأمريكا، ونرى قيادات يتفاخرون بالنضال من الخارج، ثم بعد أن يسقط المخدوعون الصغار يتخلون عنهم. ونفس الأمر فيما يتعلق بالتحريض الواضح على النزول والتخريب مع علمهم أن كل التيارات تعرف لعبة تنظيم اسطنبول والدوحة وتأكيد الانفصال عنهم.
وفى نفس قنوات الإخوان، رأينا قيادات الإخوان يؤكدون أنهم لم يطلبوا من أحد أن يمارس الإرهاب أو يدخل السجن. وأن كل منهم مسؤول عن نفسه. وهو نفس ما يجرى الآن بوضوح ولا يحتاج إلى جهد، فالمنافسة بين زعماء الإرهاب على التمويل، والمكاسب وباعتراف التائهين من التابعين الضائعين فى شوارع اسطنبول والدوحة.
ولم يعد الأمر سرا بأن تركيا تستضيف قيادات داعش والقاعدة والإخوان معا، وتديرهم إدارات واحدة داخل أجهزة رجب أردوغان، فى تحول يبدو بالفعل مثيرا، فلم يسبق أن كانت هناك دولة ترتبط وتتعامل وتدعم كل هذه التنظيمات الإرهابية فى وقت واحد، ولهذا فقد رصدت إدارات مواقع مثل تويتر وفيس بوك أكثر من 500 ألف حساب ضمن شبكات التحريض على مصر تنطلق من تركيا وقطر، وربعها على الأقل تابع لمواقع داعش، وهو ما يوضح العلاقة بين تركيا وقطر وأنشطة التنظيمات الإرهابية المتنوعة.
ثم أن عددا من كبار مناضلى التنظيم وأصدقائه فى أنحاء العالم يتخذون من المقاول نموذجا ويصفه بعضهم بأنه زعيم سياسى، ونفس هؤلاء هم من سبق لهم الاعتراف بأنهم شربوا مقالب تنظيم الإخوان بعد 25 يناير، نفس هؤلاء أو بعضهم وقف فى فيرمونت قبل أن يتلقى صفعات الإخوان على قفاه ويجد نفسه تائها، وطبيعى أن يشعر هؤلاء بالخجل أو الكسوف لكن بعضهم يعتبر المقاول زعيما شعبيا، نحن أمام كوميديا تتجاوز المنطق وتدخل فى سياقات اللامعقول الافتراضى.