تحدثنا عن الاستهداف الذى تواجهه مصر حاليا، وأنه مرتبط بما نحن مقبلين عليه، وذلك لأن كل تقدم ثابت فى مستقبل مصر، مرتبط بتراجع نفوذ بعض الدول فى المنطقة، أى أن كل توسع تفعله مصر فى الاقتصاد والأمن، يضر دولا ظنت أنها قادرة على وقف ذلك، وارتباطا بنهج " الاستهداف "، الذى تواجهه مصر، فإن جغرافيا مصر وتاريخها، يضعنا أمام ثلاث مواجهات واضحة وصريحة، ويمكن إطلاق عليها رمزيا "الحروب الثلاثة"، وهى حرب الغاز، وحرب الماء ، وحرب المواجهات غير المباشرة، ولكل منها طريقة فى المواجهات والاستهداف، الذى يرغب فيه العدو فى ضرب مصر عبرها.
أول الحروب وهى "حرب الغاز"، وحسنا فعلت وزارة الخارجية المصرية، فى بيانها حول تركيا، والذى تؤكد فيه بشكل حاسم، رعاية تركيا للإرهاب، وارتكاب كافة أشكال العنف، وكافة ما تنتقده فى الدول الأخرى، بل هى مسئولة مسئولية مباشرة عن تدمير بعض الدول، والتداخل فى سيادة بعض الدول الأخرى، وهو ما يفتح باب الحديث، حول الحرب الأولى، وهى حرب الغاز، والمرتبطة بشكل حاسم مع ما فعله الرئيس السيسى، فى ذلك الملف، لأن خطوات مصر للتعامل مع ملف الغاز، جعلها تضرب أرقاما قياسية، فى التنفيذ والاستفادة من الثروات التى تمتلكها، وهى ثروات تعطلت لأسباب عديدة على مدار السنوات الماضية.
كانت خطوات مصر نحو دعم التنقيب عن الغاز فى البحرين الأحمر والمتوسط، ونجاحها فى اكتشاف حقل ظهر، بكافة الأرقام الكبيرة والضخمة فى الإنتاج، ثم التنسيق مع بعض الدول الأوربية والعربية، وهو ما تؤكده المؤشرات الدولية أن مصر ستكون خطا دوليا لنقل الغاز من الشرق الأوسط لأوروبا، وكل تلك الطموحات والخطط، كان لابد لها من الاصطدم كليا مع ما كان ينويه نظام أردوغان، بالعمل على خط غاز مقابل، يفرض فيه سطوته، ويعمل فيه على نزع سيادة الدول، لتحقيق ثروات تصب فى صالحه وصالح حزبه وأسرته، مستغلا الوضع فى سوريا، والدعم الكامل من النظام القطرى، بالإضافة لما يحاك فى دوائر الظل لديه، من ضرب بعض الدول العربية.
و"حرب الغاز"، ليست وليدة اللحظة الراهنة، فهى حرب نفوذ ممتد سعت فيه الولايات المتحدة من جهة، وروسيا من جهة أخرى، للدفع كلا منهم بلاعبيه فى المنطقة، للسيطرة على غاز المتوسط، وكان اللاعبان الأساسيان هما قطر وتركيا، لذلك كان ظهور مصر بحقول الغاز الجديدة، مفاجأة للكل، لأن الصراع الموضوع كان يعتمد على خطوط للغاز، فى آسيا، ولذلك جاءت صدمة أردوغان كبيرة مما فعلته مصر، ومن هنا يمكننا فهم المشهد بالكامل، عما يريد فعله النظام التركى، لوقف النفوذ المصرى.
كانت تحركات الدولة المصرية فى ملف الغاز، لما له من مردود اقتصادى فى المقام الأول، ويتناسب مع حجم ما نمتلكه من غاز طبيعى فى البحرين الأحمر والمتوسط، لكنه أيضا يحمل جانبا سياسيا واستراتيجيا هاما، فالغاز الذى تمتلكه مصر، يكسبها ثقلا اقتصاديا كبيرا فى المنطقة، كان إلى وقت قريب يسيطر عليه القطريون والأتراك، ولذلك تواجد مصر، سيحرمهم من فرض نفوذهم على ما يتخذ من قرارات فى مصير المنطقة، وباليقين أن مصر تفهم جيدا ما يدور حولها فى ملف الغاز، وتعلم أن كل تقدم فى الملف يثير ويؤرق الخليفة العثمانى، ويدفعه لزيادة عدائيته، وأن المواجهة ستنتهى لصالح مصر حتما.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة