فى 4 سبتمبر 1870، وخلال النهضة الاقتصادية التى قام بها الامبراطور الفرنسى نابليون الثالث فى بلادة من تحسين الأوضاع الإجتماعية والاقتصادية ومد خطوط السكك الحديدية، وإنشاء دائرة للبرق والبريد، وإرساء قواعد لإعادة بناء مدينة باريس لتصبح أروع عواصم أوروبا.
ولكن هذا لم يكن كافيا كما كان يدرك ذلك نابليون، بل أراد أن يوطد مكانته ومركزه كإمبراطور كان عليه أن يظفر بالمجد لنفسه ولفرنسا خارج حدود البلاد، وكان ذلك ما قاده إلى الكارثة، ففى ذلك الوقت، كانت دولة بروسيا حينئذ ولعدة أعوام تزداد قوة في ظل حكم بسمارك (المستشار الحديدي)، وبدا أن حربا توشك أن تنشب بين بروسيا والنمسا، فأسعد ذلك نابليون كثيرا، إذ خيل إليه أنها ستكون حربا طويلة تنتهي بإنهاك قوى الطرفين ، ومن ثم تصبح فرنسا القوة المتفوقة في قارة أوروبا، ولكن الحرب لم تستمر سوى سبعة أسابيع، فقد تم سحق جيوش النمسا ، ثم توجهت الجيوش والمدافع البروسية نحو فرنسا.
وأراد بسمارك أن يخوض الحرب مع فرنسا، ولكنه أراد التأكد من أنه عند وقوعها ستكون فرنسا في عزلة وحيدة بلا حليف يساندها ، كما أراد بسمارك أن تبدو فرنسا كما لو أنها هي التي أعلنت الحرب على بروسيا وليس العكس ، وبمزيج من الدهاء والخداع استطاع بسمارك أن يحقق أهدافه، فلقد أمكن توريط نابليون الثالث في موقف أصبح عليه فيه أن يعلن الحرب على بروسيا عام 1870م ، وأصبح بسمارك على يقين من أن أحدا لن يسارع لنجدة فرنسا، وذلك حين كشف النقاب عن خطاب سري في لحظة حرجة.
وعلى إثر ذلك حشدت فرنسا جيوشها وأعلنت الحرب لتبدو بمظهر المعتدى أمام الأمراء والملوك الألمان ، فاندفعوا بنداء الوطنية والقومية إلى الاتحاد والتحالف مع بروسيا ضد فرنسا.
ولم تستمر الحرب طويلا ، إذ أن الجيش الفرنسى كان فى حالة يرثى لها ، وغير متأهب للقتال، وأسلحته قديمة نسبياً وخلال أسابيع قليلة نجح الجيش البروسى فى محاصرة الجيش الفرنسى فيما يعرف بحصار "ميتز"، فتحرك نابليون لنجدته، ودارت معركة سيدان التى انتهت بهزيمة الجيش الفرنسى، وتم أسر نابليون، وانتهت الحرب فى أشهر قليلة، وبعد أن أمضى نابليون فترة قصيرة بالسجن فى ألمانيا، عاد مرة أخرى إلى إنجلترا التى أحتضنته قبل أيام المجد فترة من الزمن وبقى فيها حتى وافته المنية.