لم يتخيل يوماً محمود الأسيوطى أن هذا النادى الوليد، الذى أسسه فى 2008 وباعه لأحد المستثمرين بعدها بعشر سنوات، سيصبح أحد أهم أندية الدورى المصرى الممتاز، وينافس قطبى الكرة المصرية على التتويج بالألقاب، ليس ذلك فحسب بل ويلعب فى بطولة الكونفدرالية الأفريقية ويمثل مصر بين كبار أندية القارة، ولكن كل ذلك لم يأت من فراغ.
بدا منذ اللحظة الأولى أن الأسيوطى ولد ليعيش بين الكبار، فسرعان ما لعب فى القسم الرابع موسمين ومثلهما فى الثالث ثم صعد للممتاز "ب" الذى لعب به موسما وحيدا لفت خلاله أنظار الجميع وبات نداً قوياً للكبار موسم 2014/ 2015 عندما تعادل مع الأهلى فى مباراة يسعى الأهلاوية لمحوها من التاريخ شهدت إصابة عمرو جمال بالرباط الصليبى وإيقاف وليد سليمان، فى موسم لم يحقق خلاله المارد الأحمر طموحات جماهيره بعد تتويج الزمالك بلقب الدورى، ولكن عندما سنحت الفرص للأسيوطى مرة ثانية للعب بين الكبار تشبث بها، فصعد للدورى الممتاز موسم 2017/2018 ليقرر استثمار هذه الفرصة والبقاء بين الكبار حتى ساهم فى تغيير خريطة الدورى المصرى وأصبح الجميع يعمل له ألف حساب.
2018 كانت نقطة التحول للأسيوطى عندما انتقلت ملكيته لأحد المستثمرين العرب، ليدخل النادى مرحلة فارقة فى تاريخه، ولم يكتف المالك الجديد بتغيير اسم النادى وإنما أجرى تغييراً جذرياً على جميع المستويات، ودعم الفريق بعدد من الصفقات القوية التى استطاعت بالفعل تحقيق طفرة فى الأداء والنتائج لينهى بيراميدز - الاسم الجديد ـ جدول الدورى الممتاز فى المركز الثالث، كما تمكن من الإطاحة بأحد قطبى الكرة المصرية وهو النادى الأهلى من البطولة، وينافس الآخر وهو الزمالك فى نهائى كأس مصر.
نجاح تجربة بيراميدز فى الدورى المصرى ـ اتفقنا أو اختلفنا حولها ـ شهد لها الجميع، بعدما فرض نفسه على الجميع، وخلق منافساً جديداً بين كبار أندية الدورى، والتى كانت تقتصر على الأهلى والزمالك والإسماعيلى والمصرى، وظهر ذلك جلياً فى انتصاره على الأهلى فى الدورى ذهاباً وإياباً ـ فضلاً عن الإطاحة بالمارد الأحمر من بطولة كأس مصر، وقدم أداءً مذهلاً أيضاً أمام الزمالك فى مباراتين من أقوى مباريات الدورى، انتهت الأولى بالتعادل بثلاثية والثانية بفوز بيراميدز، الأمر الذى انعكس إيجاباً على الدورى المصرى بشكل عام، وأضاف منافسين للمسابقة، فضلاً عن زيادة المنافسة الجماهيرية.
الاستثمار فى كرة القدم نوع من الاستثمار الذى ينعكس على السوق الاقتصادية بشكل عام وعلى صاحبه بشكل خاص، كما يخلق نوعاً من الانتعاشة الاقتصادية فى ارتفاع قيمة اللاعبين بسوق الانتقالات، ويضفى جواً من المنافسة أيضاً، ويحدث فى جميع دوريات العالم، ومنها الدورى الإنجليزى _ وهى أحد أقوى البطولات على مستوى العالم _ حيث تذكرنا تجربة بيراميدز بما حققه مانشستر سيتى فى السنوات الأخيرة، وكيف تحول من الهبوط إلى دورى الدرجة الثالثة عام 1998 إلى واحد من أغنى أندية إنجلترا وفرض نفسه على الجميع، وعاد لاحتكار جميع البطولات المحلية الموسم الماضى (الدورى الإنجليزى + كأس الاتحاد الإنجليزى + كأس الرابطة + السوبر المحلى)، بالإضافة إلى أنه أحد أقوى المرشحين للفوز بلقب الدورى للموسم الثالث على التوالى، وهو ما يدعو للتساؤل، هل تتكرر تجربة بيراميدز فى الدورى المصرى من بوابة نادٍ جديد؟، هذا ما سيتضح خلال الأيام المقبلة.