أكرم القصاص

صواريخ طهران وتويتات واشنطن.. استراتيجية «نكتفى بهذا القدر» ترضى كل الأطراف

الجمعة، 10 يناير 2020 08:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واضح أن المواجهة الأمريكية الإيرانية اتخذت اتجاها متوقعا، تبادل التهديدات، مع بعض التحرشات، إيران أطلقت عدة صواريخ على ثلاث قاعدتين أمريكيتين فى لأنبار وإربيل، وتم نشر صور وفيديو لمرشد الثورة خامنئى وهو يتابع بنفسه عملية الانتقام لمقتل قاسم سليمانى، قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى وإطلاق الصواريخ. 
 
وأعلنت إيران أن الصواريخ أسقطت قتلى بالعشرات فى صفوف الأمريكيين. الإعلان الإيرانى أثار فرح وبهجة وسرور كل من يكره الصلف الأمريكى، وكان الإعلان كافيا لإرضاء غرور جمهور يطالب بالثأر، حتى قبل التأكد من نتائج إطلاق الصواريخ، وقد أعلنت إيران دفن قاسم سليمانى، بعد يوم من مقتل أكثر من 50 إيرانيا وإصابة العشرات دهسا فى جنازة قائد فيلق القدس بسبب التدافع والتزاحم، وكانت مفارقة أن يسقط كل هذا العدد من الضحايا دهسا وهم يشيعون قائدهم.
 
الخبر المحزن الآخر، كان الإعلان عن سقوط طائرة أوكرانية بوينج وعلى متنها 180 شخصًا بعد إقلاعها من مطار الخمينى بطهران، وتمت الإشارة إلى عطل أدى لسقوط الطائرة وتحطمها فور إقلاعها، فيما كانت هناك احتمالات لأن تكون الطائرة أصيبت بأحد صواريخ الانتقام الإيرانية، ولا توجد معلومات تؤكد أو تنفى هذا، وسوف تظهر التحقيقات سبب سقوط الطائرة. 
 
القوات الأمريكية أعلنت عدم سقوط قتلى أو جرحى من جراء الصواريخ، الرئيس الأمريكى أعلن على «تويتر» أن كل الأمور على ما يرام، وأنه سيعقد اجتماعات مع المسؤولين ويرد فى الصباح بتوقيت أمريكا، وهو أمر أكد أنه لا توجد تطورات تثير القلق، ونفى الأمريكيون سقوط أى قتلى، القوات العراقية هى الأخرى أكدت أنه لم يسقط عراقيون فى القصف الصاروخى.
 
بالطبع فإن حجم الخسائر وإعداد الضحايا يعرفه الأمريكيون، ومن الصعب أن يتم التكتم على عدد القتلى الذى أعلنته إيران الذى وصل إلى 80 قتيلاً فى ظل اتساع أدوات النشر، فضلا عن وجود خصوم للرئيس الأمريكى من الديمقراطيين، وأيضا من الصحافة، وهؤلاء لن يتكتموا على سقوط عدد كبير من الجنود، ويمكنهم توظيفه فى معركتهم ضد ترامب وتسريب الأرقام.
 
 فيما يتعلق بإيران بعض التصريحات التى صدرت تقول إن الانتقام لمقتل سليمانى تم بالفعل بهذه العملية، وأنه لا اتجاه لتوسيع المواجهة، باستثناء تهديدات من بعض الفصائل التابعة لإيران بالعراق.
 
بعض المواقع والتقارير تحدثت عن «ترتيبات سبقت الرد الإيرانى وتنسيق بين طهران وواشنطن»، ويحاول هذا التفسير رسم سيناريو أقرب لتمثيلية متفق عليها بين امريكا وإيران، تطلق إيران صواريخ، لا تعترضها أمريكا بعد أن تخلى القاعدة، أو يدخل الجنود الملاجئ، وتعلن إيران الانتقام وتصمت أمريكا. ونسبت هذه الصحف لمصادرها إن ترتيبات اتُّخذت من قبل الجانبين خلال اليومين الماضيين لضمان ألا يؤدى هذا الرد إلى سقوط ضحايا أجانب، بل إن وزير الخارجية الإيرانى جواد ظريف صرح أن إيران أبلغت الأمريكيين فور بدء الضربات، وهو تصريح نشرته وكالات الأنباء، وبدا مثيرا للانتباه.
 
سيناريو الاتفاق المسبق انتشر فى صحف ومواقع اعتمدت سيناريو «المسرحية» منسوبا لمصادر عراقية، وأنه تم بوساطة من دول خليجية، وظهر فى تعليقات ساخرة على مواقع التواصل، باعتباره سيناريو يرضى كل الأطراف، ويحفظ ماء وجه الإيرانيين أمام جمهورهم، وفى نفس الوقت يتجاوز احتمالات الحرب ويمنح ترامب نقاط انتخابية. 
 
دليل أنصار هذا السيناريو أن إيران وأمريكا تتبادلان التهديدات طوال أسابيع من دون مواجهة، وأن الدخول فى مواجهة واسعة ربما لا يكون من مطالب الطرفين، حصل ترامب على بعض النقاط فى سباق الرئاسة بقتل سليمانى ومن قبله أبو بكر البغدادى زعيم داعش، وحصلت إيران على دعاية بأنها تنتقم وتضرب أمريكا حتى ولو كانت ضربات غير موجعة ولا مؤثرة.
 
صحة هذا التحليل من عدمه مرهونة بما تسفر عنه التحركات من أمريكا وإيران، وما إذا اتجهت التصريحات نحو عدم توسيع المواجهة، سواء من تصريحات الجانب الإيرانى، أو الأمريكى، لكنه يتماشى مع سوابق العلاقة التى اتسمت بالتهديدات والاستعراض أكثر من المواجهة، وحتى التصريحات التالية ومؤتمر الرئيس الأمريكى لم يخرج عن كلامه السابق، بأن أمريكا لديها أسلحة قاتلة تصيب أهدافها بدقة، ولكن بلاده لا تريد التصعيد، مع تكرار الحديث عن عقوبات اقتصادية، وباستثناء بعض الصواريخ الفارغة التى انطلقت على المنطقة الخضراء من قوات الحشد الشعبى، لم تعلن إيران عن تحركات أخرى، وبالطبع فإن ماكينات الدعاية استمرت فى تضخيم حجم الضربات الإيرانية، واستبعاد سيناريوهات الاتفاق المسبق.
 
 هذا السيناريو الذى لا يخلو من فكاهة، تدعمه المعلومات الحقيقية، وعدم الإعلان عن سقوط قتلى فى القواعد الأمريكية، يدعم نظرية «الاتفاق الدبلوماسى»، خاصة وقد انتشرت صور لصواريخ إيرانية سقطت فى الفراغ خارج القواعد الأمريكية.  وكل هذه السيناريوهات تحددها تحركات كل من واشنطن وطهران، وإن كانت المواقف والتصريحات والتويتات كلها تتجه إلى نظرية نكتفى بهذا القدر من التصعيد، ونلتقى فى تهديدات قادمة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة