يعد العالم المصرى الراحل جمال حمدان (1928 -1993) رمزا ثقافيا وحضاريا مصريا، وها هى الدورة الـ 51 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب تختاره شخصية العام الثقافية، ومن هنا نتوقف عند كتابه المهم "٦ أكتوبر فى الاستراتيجية العالمية".
يعد هذا الكتاب دراسة من الدراسات الشاملة حول معركة أكتوبر، من خلال بناء علمى محكم وتحليلات إحصائية دقيقة، بدءًا من تطورات الحرب الميدانية إلى موقعها من الاستراتيجية العالمية برمتها، مرورًا بكل أصدائها وإشعاعها وانعكاساتها العسكرية والسياسية، وكذلك نتائجها واحتمالاتها الجيوستراتيجية والجيوبوليتيكية.
ويتناول حمدان، معركة أكتوبر في فصول متتالية، يستهلها مع "معركة التحرير الكبرى"، إذ يوضح فيه، أنه سبقتها معركة نفسية ضارية، بذل فيها الصهاينة الجهد وبكل السبل، لإحباط مشاعر كل العرب وليس المصريين فقط، وربما ساعد على ذلك انتصارهم فى عام 1967.
ويتطرق المؤلف إلى ملامح الخطة العسكرية لمواجهة إسرائيل فى عام 1973، مشيراً إلى أنها بدأت مع ما يعرف بـ"المبادأة"، وهو مصطلح يعنى المبادأة بالهجوم، وهو ما كان العدو يحرص على تنفيذه طوال فترة الحروب السابقة.
والعنصر التالى هو "المفاجأة"، وهى المكملة للمبادأة، ومن مظاهرها: عامل السرية المطلقة، حيث تجمعت القوات قبل أربعة أشهر من بداية المعركة، ثم تم الدفع بالقوات الرئيسة خلال ثلاثة أسابيع قبلها، كما كان توقيت بداية المعركة من عناصر المفاجأة، وهو الذى تعامل مع عدة مواقف: أنسب طقس سياسى، أنسب يوم عطلة عمل عند العدو، أنسب يوم عبور، أنسب ساعة عبور، ويوضح حمدان مفهوم "الحرب الشاملة"، شارحاً أنها التى تجعل من المعركة العسكرية عملية ناجحة.
وهو ما يعنى أن كل عناصر موارد وقوة البلاد، عملت من أجل إنجاز معركة عسكرية ناجحة، وهو ما يتحقق من خلال النشاط السياسى والدبلوماسى، والنشاط الاقتصادى والاجتماعى للبلاد، وعلى الجانب العسكرى، الحرب الشاملة تشمل مشاركة كل الأسلحة: دفاعية وهجومية، برية وبحرية وجوية، مشاة ومدفعية ومدرعات وصواريخ وطائرات وسفن".