سألني قلبي وقال : لما تفضل الظلام دوما؟ ألا تمل من ذلك القبو المشؤوم التي تختزل نفسك فيه؟ اترك نفسك للنور واستبدل ظلمتك ببعض شمعات تنير لك دربك ! ولما لا أفضل الظلام يا مزحة العمر؟
الا تعلم أنني قضيت أعواما وأعواما وأعواما في بحور من الظلمات؟ كنت مشتتا بكل ما لم يكن أنا.. جزءٌ مني داخل أبي والجزء الآخر داخل أمي ! خضت صراع البقاء أكثر من مرة.. هزمت ملايين الخصوم.. تعاونت بالانشطار والانقسام وكونت قلبا وعظما وعقلا، ومن ثم شاركت في خلق أكثر عناصر الطبيعة تعقيدا.. كل هذا كان في الظلام..
في الظلام يتعري المرء من مكره وخداعه.. حيث لا مكان للاستعطاف.. لا فرق بين ذو الشعر والأصلع، بين الأسود والأبيض، بين العاري والمستور.. وإنما المقياس للبصيرة..
البصيرة التي بها تواجد الكون بكل برانيته وجوانيته ! لا يمكن أن تجد نفسك منفصما إلي شخصين أحدهم أنت خارج المرآة والآخر أيضا أنت داخل المرآة.. سوف تكون شخصا واحدا لا يخدعه ظل أو ما شابه..
في الظلام يكون المرء أكثر اتزانا.. أما الضوء فقد علّق الإنسان به حتي إذ انسحب فجأة تأرجح وتملل علي غرار استملاكه.. الكون مظلم في حد ذاته والذات مظلمة ولكن ذاك النوع من الظلام الذي يبعث في الأشياء الطمأنينة والطمأنينة هي أكثر درجات السعادة عدلا... لذلك نجد أن الكون يذهل العلماء كل مرة يكتشفون فيها شيئا جديدا عنه كما اذهلت الذات علماء النفس أعواما وما زالت حتي الآن.
وكما يتدرج كل شئ، الظلام أيضا يتدرج.. بداية من الظلام المرئي حتي الظلام الغير مرئي والذي نجده ناتجا عن تذبذبات عالية لا يمكن للإنسان أن يتوعاها أو حتي يشعر بها.. تلك التذبذبات هي المكون الأساسي لكل شئ لا يمكن للإنسان أن يصل إليه.. وأكثر الأمثلة التي يمكن أن نستند عليها هي الأرواح.
فالأرواح لا يمكن أن تُري بعين يعتريها البصر والضوء وأشياء أخري تتجرد من المعني والكمال..
أيها القلب ! ألم تفكر ولو للحظة ماذا سوف تفعل إذا توقفت الشمس عن مد القمر بالضوء؟
ألم يأن الوقت لكي تُعد نفسك إلي الاعتداد علي بصيرتك ؟!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة