تاريخ ليس ببعيد، وإن نساه العرب فإن المحتل لم ينساه، فقبل نحو 500 عام كان الأتراك العثمانيون يحتلون أغلب الدول العربية حيث بدأت بالسيطرة على سوريا ومصر وفلسطين بين 1516-1517 ثم العراق عام 1530 وفى منتصف القرن السادس عشر استولوا على شبه الجزيرة العربية ومعظم دول شمال أفريقيا، وأمام هذا التاريخ التاريخ الطويل من الاحتلال العثمانى والذى انتهى بتحرير العرب أراضيهم خلال الحرب العالمية الأولى يبدو أن تركيا أردوغان لا تزال ترى احقيتها فى حكم العرب.
يسعى الرئيس الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان وأطماعه فى المنطقة والتى تتجلى فى غزو واحتلال الشمال السورى أولا والآن السعى لاحتلال ليبيا والسيطرة عليها عبر ميليشيات إرهابية مسلحة أسسها ورعاها فى سوريا، وبدأ فى جرأة تحت اعين الجميع نقلها إلى ليبيا، هـذه التحركات ليست وليدة رغبة توسعية مجردة ولكنها منهج أوسع نشآ عليه اذ تعلم منذ الصغر ان العرب هم درجة اقل ولا يستحقون سوى أن يكونوا محكومين.
هذا الأمر أكدته دراسات تركية، فبحسب الدراسة التى أجراها طليب كوشكان، أستاذ علم الاجتماع والدين لدى جامعة مرمرة، فى عام 2010، بعنوان صورة العرب فى تركيا كشف الباحث التركى، فإن 39.1% من الأتراك لديهم آراء سلبية عن العرب وهذه النسبة تزيد لدى الذكور إذ تبلغ 42.1% عن الإناث 36.2%، وهذه الآراء السلبية التى تشكل الصورة الذهنية للعرب بين الأتراك والتى تنعكس فى كتب التاريخ المدرسية. فوفق الدراسة، فإن مناهج التاريخ المدرسية فى تركيا تصور العرب بانهم "خائنين" "حثالة" "قذرين"، كما أن المجتمعات العربية يهيمن عليها الذكور ولا تحترم المرأة ويستخدم الأتراك وصف "البدو" كوصف سلبى فى الإشارة إلى العرب، فضلا عن تصويرهم بالعداء والنهب والقمع. وعلى الرغم من التوجه فى التسعينيات نحو حدوث تحول تدريجى من البناء السلبى للصورة العربية إلى تقديم صورة تجمع بين الأوصاف السلبية والإيجابية، فإن الدراسة أشارت إلى أن الكتب المدرسية تجاهلت التاريخ العربى الحديث.
هذه التعبيرات السلبية التى تنم عن كراهية نحو العرب مرسخة فى العقلية التركية، وتمتد فى الإعلام والصحافة. فواحدة من المواقف البارزة التى تشهد عليها حقبة التسعينات، عندما انتقد الإعلام التركى زيارة رئيس الوزراء نجم الدين أربكان، لليبيا، إذ ورد أن الزعيم اللبيبى معمر القذافي أدلى بتعليقات مزعجة على سياسات تركيا الداخلية والخارجية، تم بث أخبار هذه الزيارة على أجهزة التلفزيون الوطنية مرارًا وتكرارًا واتُهمت الحكومة بالسماح للبدو بإهانة الشرف الوطني لتركيا، بشكل عام، خلال التسعينيات، عرض الإعلام عمومًا المجتمعات العربية على أنها سلبية ورجعية ومحافظة وسلطوية وقمعية، ومن ثم بدأ الاعلام التركى وحكومته فى القول بأن "البدو" أهانوا الشرف الوطنى التركى وخرجت عناوين مثل "البدو ذهبوا بعيدا".
وترتبط كراهية الأتراك نحو العرب بشكل رئيسى بتحرير الأراضى العربية من الحكم العثمانى، ويتجلى ذلك فى تصويرهم كخائنين وهو الأبرز فى الأفلام التى تتحدث عن هزيمة العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى بل وصفهم "المتواطئون العرب" مع بريطانيا، وأقرت بهذه الصورة مسئولة تركية حيث قالت: "لقد طعننا العرب فى الظهر خلال الحرب العالمية الأولى"، وأكدها الباحث التركى سونر جاغايتاى، فى مقال منشور لدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الاوسط، أبريل الماضى، قائلا إن العديد من المواطنين الأتراك يُضمرون مشاعر عنصرية تجاه العرب.
يذكر التاريخ جيدا مذابح العثمانيين بحق العرب انتقاما لتحرير أراضيهم، لاسيما مع صعود القومية التركية التى تحتقر كل ما هو عربى، وقد أشار جاغايتاى إلى أنه فى هذه الأثناء أمر جمال باشا، الذى تم تعيينه حاكما على سوريا عام 1915، بإعدام 7 من القادة القوميين العرب فى دمشق وبيروت، وتكريما لذكراهم تم تسمية "ساحة الشهداء" فى بيروت.
التاريخ لا ينفصل عن الواقع، فالأتراك ينظرون بنظرة فوقية للعرب ويرون أحقية فى الهيمنة على شعوب المنطقة، برز ذلك فى استغلال الرئيس التركى رجب أردوغان للإسلام فى الترويج لنفسه كزعيم جاء ليقود الشعوب الإسلامية ومنها العربية، وقد استغل واستثمر فى الجماعات الإسلامية وعلى رأسها عناصر جماعة الإخوان للتسلل إلى دول المنطقة وبسط نفوذه من خلالها، وهو المخطط الذى لقى حتفه على يد ثورة المصريين ضد حكم الإخوان فى يونيو 2013، ومن ثم لم يجد سبيلا سوى الغزو العسكرى لدول المنطقة.
هذه الحقائق كفيلة بأن تفسر السلوك التركى العدوانى ضد الدول العربية في المنطقة وسعى أردوغان لغزو لليبيا وقبلها لشمال شرق سوريا ودعمه لجماعات مسلحة متطرفة يدفع لها رواتب بالدولار لتنفيذ أجندة احتلال تركى جديد للدول العربية، فبحسب رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهى جماعة حقوقية تدعم المعارضة السورية، فان تجنيد هؤلاء المتمردين بدأ قبل 10 أيام، وقال، فى تعليقات صحفية قبل أيام "لقد عرضوا حوالي 2000 دولار للقتال فى طرابلس لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر".
وأضاف عبد الرحمن أن المسلحين تم اختيارهم من صفوف فصائل المتمردين التى كان يدعمها الغرب فى السابق، وأشار إلى أن حوالى 300 مقاتل تم نشرهم بالفعل فى طرابلس، وهناك 1000 مقاتل ينتظرون القيام بذلك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة