تمر اليوم ذكرى ميلاد الفقيه الإسلامى الشهير ابن تيمية الذى ولد فى 22 يناير من عام 1263 ميلادية، وربما لم يختلف حول فقيه إسلامى مثلما حدث مع هذا الرجل، كثيرون يرونه عالما مجددا وفى الوقت نفسه يراه آخرون صاحب أفكار متطرفة.. أين الحقيقة؟
يهتم الغرب بابن تيمية، وسيصدر قريبا كتاب عن دار الروافد الثقافية ودار ابن النديم بعنوان "ابن تيمية، حياته وفكره" للباحث والأكاديمى الإنجليزى جون هوفر ترجمة عمرو بسيونى، وفى الكتاب يقدم جون هوفر من قسم اللاهوت فى جامعة (نوتنجهام) البريطانية دراسة مستفيضة عن حياة وفكر الشيخ، ليصبح بعدها من محبيه، وأحد المدافعين عنه وقد حاول الإجابة عن سؤال يتكرر منذ عدة قرون: لماذا يكرهون ابن تيمية؟
من الذى جعل البعض يكرهون ابن تيمية؟
الواضح أن تلقى فكر ابن تيمية لم يتم بصورة واحدة، وهذا ما يوضحه الباحث هانى نسيرة فى مشاركته فى كتاب (بين السلفية وإرهاب التكفير.. أفكار فى التفسير) والتى جاءت تحت عنوان "فهم التراث ومشاكل الجهاديين: ابن تيمية والسلفية الجهادية نموذجا".
ويقول الكتاب "إن بداية تعرف الجهاديين إلى ابن تيمية كانت مصادفة، وليس تأسيسا عبر فتواه فى التتار وأهل ماردين، وهو ما يمكن التأريخ له حسب الرواية الأشهر بعام 1958 مع تأسيس أول مجموعة جهادية مصرية على يد شاب مصرى عشرينى يدعى نبيل البرعى سنة 1958، حين وجد على سور الأزبكية فى مصر كتيبا صغيرا يضم فتاوى جهادية لابن تيمية منها هذه الفتاوى، فرأى فى ابن تيمية جهاديا لا سلفيا فقط، كما ترى الدعوات السلفية التى كانت شائعة فى مصر حينها، وطار بها مؤسسا أولى هذه المجموعات، التى توالت وظلت مجموعات متفرقة لم تنتظم فى تنظيم واحد إلا مرتين، أولاهما سنة 1979 مع محمد عبد السلام فرج، وثانيهما مع أيمن الظواهرى وقيادته لتنظيم الجهاد منذ أواسط الثمانينيات حتى انضمامه إلى القاعدة سنة 1997".
ويتابع الكتاب "هكذا كان لقاء المنظرين الجهاديين عشوائيا مصادفة، لم ينظمه نظام فكرى أو تنظيم عملى منذ البداية إلا طموح ومغامرة حديثى السن المتسرعين فى إلقاء التهم والأحكام. كما تأخرت أدبيات هذه المجموعات الخاصة ما يقرب من العقد ونصف العقد، رغم تأثرها بتجربة الصدام الناصرى – الإخوانى والفكر القطبى. ويتضح شتاتها من اختلاف روايات نشأتها بين مؤرخيها وعناصرها، إما على يد الظواهرى الذى يرى نفسه مؤسس أول مجموعة جهادية مع عبد القادر عبد العزيز فى ضاحية المعادى المصرية 1965، وكل منهما يدعى أنه كان أميرها، وأنها كانت بداية تأسيس ما يعرف الآن بالسلفية الجهادية حيث اهتما بكتب وإصدارات الدعوات السلفية حينها، وإما على يد محمد عبد السلام فرج عام 1979 ورسالته الفريضة الغائبة التى انطلقت من مفهوم الدار وقتال العدو القريب بحكم تحول الدار / الدولة لدار كفر استنادا إلى فتوى ابن تيمية الشهيرة فى التتار أو أهل ماردين.
لكن أين الحقيقة؟
يتناول كتاب "مرجعيات العقل الإرهابى: المصادر والأفكار" الصادر عن مركز المسبار فى نهاية عام 2018 بعض المصادر النظرية التى يستند إليها "الجهاديون المتطرفون والتنظيمات الإرهابية والسلفية الجهادية"، ومن ذلك أفكار ابن تيمية الذى تمّ استعادة تراثه مجزأً من قبل الجماعات الإسلامية، ونزعت أفكاره عن سياقها التاريخى المرتبط بمغالبة المد المغولى، وسيادة التتر على محاضن الثقافة الإسلامية آنذاك، هذه الاستعادة جعلت أفكار تطبيق الشريعة والحكم بغير ما أُنزِل وتكفير الحكام وأعوانهم، تقف على خط واحد مع أفكار تكفير المجتمع وتجهيله، وتخلق من الجماعة التى تصدر الأحكام أصلاً متعالياً ينعزل عن المجتمع والحاكم ويتفرّغ لإصدار قرارات التكفير، وما إن تمت عملية الأدلجة باستغلال الظروف السياسية والاجتماعية حتى بدأت رحلة العنف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة