عُقد اجتماع لجنة الطوارئ الذى دعا إليه المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005) للنظر فى فاشية فيروس كورونا المستجد 2019 التى تشهدها جمهورية الصين الشعبية حاليا (مع الإبلاغ عن حالات وافدة إلى كل من جمهورية كوريا واليابان وتايلاند وسنغافورة) ويتمثل دور اللجنة فى إسداء المشورة إلى المدير العام، الذى يتخذ القرار النهائى بشأن تحديد ما إذا كانت الفاشية تشكل طارئة من طوارئ الصحة العمومية التى تثير قلقا دوليا، وتسدى اللجنة أيضًا المشورة بشأن الصحة العمومية أو تقترح توصيات مؤقتة رسمية، حسب الاقتضاء.
وقائع الاجتماع:
اجتمع أعضاء ومستشارو لجنة الطوارئ عن طريق التداول عن بعد، ورحب المدير العام بأعضاء اللجنة وشكرهم على دعمهم، ثم أعطى الكلمة للرئيس، ديدييه هوسان، أطلع ممثلو إدارة الشؤون القانونية والإدارة المعنية بالامتثال وإدارة المخاطر والأخلاقيات التابعتين للمنظمة، أعضاء اللجنة على أدوارهم ومسؤولياتهم، وذكر أعضاء اللجنة بالتزامهم المتعلق بالسرية، ومسؤوليتهم عن الكشف عن أى علاقات شخصية أو مالية أو مهنية قد يُنظر إليها على أنها تشكل تضاربا فى المصالح، وجرى استقصاء جميع الأعضاء الحاضرين ولم يُلاحظ أى تضارب فى المصالح ذى صلة بالاجتماع، واستعرض الرئيس بعد ذلك جدول أعمال الاجتماع، مع التعريف بمقدمى العروض.
زوّد ممثلو وزارات الصحة لكل من جمهورية الصين الشعبية، واليابان، وتايلاند، وجمهورية كوريا، اللجنة بأحدث المعلومات عن الوضع فى بلدانهم، وقد كان عدد الحالات المبلغ عنها فى الصين فى تزايد، مع تسجيل 557 حالة مؤكدة حتى الآن.
الاستنتاجات والمشورة..
أدلى أعضاء لجنة الطوارئ بآراء متباينة بخصوص ما إذا كان هذا الحدث يشكل طارئة من طوارئ الصحة العمومية التى تثير قلقا دوليا أم لا، وتمثلت المشورة المسداة آنذاك فى أن هذا الحدث لا يشكل طارئة من طوارئ الصحة العمومية التى تثير قلقا دوليا، غير أن أعضاء اللجنة اتفقوا على ضرورة الوضع الملحة، واقترحوا أن تجتمع اللجنة مجددا فى غضون أيام لمواصلة دراسة الوضع.
وبعد الإعلان عن اتخاذ تدابير احتواء جديدة فى ووهان، طلب المدير العام من لجنة الطوارئ أن تجتمع مجددا لبحث المعلومات الواردة من السلطات الصينية عن آخر التطورات الوبائية وتدابير إدارة المخاطر المتخذة.
وقدمت السلطات الصينية معلومات وبائية جديدة تكشف عن زيادة فى عدد الحالات المؤكدة والحالات المشتبه فيها والمقاطعات المتضررة، فضلا عن نسبة وفيات الحالات المبلغ عنها حتى الآن والبالغة 4% (17 من 557 حالة)، كما أبلغت عن حالات من الجيل الرابع فى ووهان وأخرى من الجيل الثانى خارج ووهان، بالإضافة إلى بعض مجموعات الحالات خارج مقاطعة هوبى، وأوضحت أنه اتُخذ عدد من تدابير الاحتواء الصارمة (إغلاق شبكات النقل العمومى فى مدينة ووهان، وفى المدن الأخرى المجاورة)، وعقب هذا العرض، أُبلغت لجنة الطوارئ عن تطور الوضع فى اليابان وجمهورية كوريا وتايلاند، وعن احتمال اكتشاف حالة جديدة فى سنغافورة، ورحبت اللجنة بالجهود التى تبذلها الصين من أجل استقصاء الفاشية الحالية واحتوائها.
وقد اعتُبرت العناصر التالية حاسمة:
تَبيّن أن الفيروس ينتقل من إنسان إلى آخر، وحسب التقديرات الأولية، فإن معدل توالد الحالات الأساسى يتراوح بين 1.4 و2.5، وحدث التضخيم فى أحد مرافق الرعاية الصحية، ومن مجموع الحالات المؤكدة المبلغ عنها، 25% منها حالات حادة، ولا يزال مصدر الفيروس غير معروف (مستودع حيوانى على الأرجح)، كما أن نطاق انتقال العدوى من إنسان إلى آخر غير واضح حتى الآن.
واعتبر العديد من الأعضاء أنه من السابق للأوان الإعلان عن طارئة الصحة العمومية التى تثير قلقا دوليا، نظرًا لطبيعتها التقييدية.
وبناءً على هذه الآراء المتباينة، تسدى لجنة الطوارئ المشورة التالية:
أولا : إلى منظمة الصحة العالمية:
إن اللجنة على أهبة الاستعداد للاجتماع مجددا فى غضون عشرة أيام تقريبًا، أو قبل ذلك إذا رأى المدير العام ضرورة فى ذلك.
وحثّت اللجنة المنظمة على دعم الجهود الجارية فى إطار بعثة دولية متعددة التخصصات تضم خبراء وطنيين، وستتولى هذه البعثة استعراض ودعم الجهود الرامية إلى تقصى المصدر الحيوانى للفاشية، وتحديد نطاق انتقال العدوى من إنسان إلى آخر، ودعم جهود التحرى المبذولة فى المقاطعات الأخرى من الصين، وتعزيز ترصّد الإصابات التنفسية الحادة الوخيمة فى هذه المناطق، وتعزيز تدابير الاحتواء وتخفيف الآثار، وستزوّد البعثة المجتمع الدولى بمعلومات من أجل مساعدته على فهم الوضع وما يترتب عليه من آثار محتملة على الصحة العمومية.
وينبغى للمنظمة أن تواصل تقديم الدعم التقنى والتشغيلى اللازم لمواجهة هذه الفاشية، بما فى ذلك من خلال شبكاتها الواسعة من الشركاء والمؤسسات المتعاونة، وتنفيذ استراتيجية شاملة بشأن الإبلاغ عن المخاطر، وإتاحة النهوض بالبحوث والتطورات العلمية فيما يتعلق بـفيروس كورونا المستجد هذا.
ونظرا للتغير المستمر للوضع الوبائى والطبيعة الثنائية التقييدية للإعلان عن طارئة الصحة العمومية التى تثير قلقا دوليا أو عدم الإعلان عنها، فإنه ينبغى للمنظمة أن تنظر فى إرساء نظام أكثر دقة يتيح مستوى متوسطا من الإنذار، ومن شأن هذا النظام أن يعكس بشكل أفضل شدة الفاشية، وأثرها والتدابير اللازمة لمواجهتها، وأن يساعد فى تحسين التنسيق الدولى، بما فى ذلك جهود البحث الرامية إلى وضع تدابير مكافحة طبية.
ثانيا: إلى جمهورية الصين الشعبية:
توفير المزيد من المعلومات عن تدابير إدارة المخاطر على نطاق الحكومة، بما فى ذلك نظم إدارة الأزمات على المستوى الوطنى والإقليمى وعلى صعيد المدن، وغيرها من التدابير المحلية، تعزيز تدابير الصحة العمومية الرشيدة من أجل احتواء الفاشية الحالية وتخفيف أثرها، تعزيز ترصّد الحالات والكشف عنها بشكل نشط فى جميع أنحاء الصين، لاسيما أثناء الاحتفالات بالعام الصينى الجديد.
كما حثت اللجنة على ضرورة التعاون مع المنظمة وشركائها على إجراء استقصاءات من أجل فهم الوبائيات، وتطور هذه الفاشية، بما فى ذلك إجراء استقصاءات محددة لفهم مصدر فيروس كورونا المستجد، لاسيما المستودع الحيوانى والحيوانات المشمولة بالانتقال الحيوانى المصدر، فضلا عن استيعاب مدى قدرات الفيروس على الانتقال من إنسان إلى آخر، ومكان حدوث الانتقال، والسمات السريرية المرتبطة بالعدوى والعلاج اللازم لخفض معدلات المرض والوفيات.
الاستمرار فى تبادل بيانات كاملة مع المنظمة بشأن جميع الحالات، بما فى ذلك متواليات الجينوم وتفاصيل الإصابات فى صفوف العاملين فى مجال الرعاية الصحية، أو مجموعات الحالات، وإجراء التحرى عند المغادرة فى المطارات والموانئ الدولية الواقعة فى المقاطعات المتضررة من أجل الكشف المبكر عن المسافرين الذين تظهر عليهم أعراض المرض بهدف إجراء تقييم معمّق لحالتهم وتوفير المزيد من العلاج لهم، مع الحد من التأثير على حركة المرور الدولى، وتشجيع إجراء تحريات فى المطارات المحلية ومحطات السكك الحديدية ومحطات الحافلات المخصصة للمسافات الطويلة، حسب الضرورة.
ثالثا : إلى البلدان الأخرى:
من المتوقع أن يتواصل تصدير حالات الإصابة بالفيروس إلى بلدان أخرى، وبناء على ذلك، ينبغى أن تكون جميع البلدان على أهبة الاستعداد لاحتوائها، بما فى ذلك عن طريق الترصّد النشط، والكشف المبكر، والعزل وإدارة الحالات، وتتبع المخالطين، ومنع استمرار انتشار عدوى فيروس كورونا المستجد (2019-nCoV)، وتبادل بيانات كاملة مع المنظمة، ويتعين على البلدان أن تتبادل المعلومات مع المنظمة وفقًا للوائح الصحية الدولية.
وأضافت اللجنة، إنه ينبغى للبلدان أن تركز بشكل خاص على الحد من العدوى عند الإنسان، والوقاية من الانتقال الثانوى للعدوى والانتشار الدولى للفيروس، والمساهمة فى الاستجابة الدولية من خلال جهود التواصل والتعاون المتعددة القطاعات والمشاركة النشطة فى زيادة المعرفة بشأن الفيروس والمرض، فضلا عن تطوير البحوث، وينبغى للبلدان أيضًا أن تتقيّد بنصائح السفر الصادرة عن المنظمة.
رابعا : إلى المجتمع العالمي..
نظرًا لأن فيروس كورونا هذا هو فيروس جديد، وأنه ثبت فى الماضى أن فيروسات كورونا من هذا النوع تتطلب جهودًا كبيرة لتبادل المعلومات وإجراء بحوث منتظمة، فإنه ينبغى للمجتمع الدولى أن يواصل التحلى بروح التضامن والتعاون، وفقًا للمادة 44 من اللوائح الصحية الدولية (2005)، وأن يدعم كل عضو فيه الآخر فى سبيل تحديد مصدر هذا الفيروس الجديد، ومدى قدراته على الانتقال من إنسان إلى آخر، والتأهب لوفود حالات محتملة وإجراء بحوث بغية استحداث العلاج اللازم، حيث شكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية اللجنة على مشورتها.