مع الإرهاصات الأولى لحراك 25 يناير 2011 عقد نظام مبارك جلسات سرية مع جماعة الإخوان، لاستيضاح موقفها، ومطالبته لها بعدم المشاركة فى الحراك، وقدمت الجماعة كل الضمانات والعهود بأنها لن تشارك يوم 28 يناير، ومع أول بزوغ ضوء صباح يوم الجمعة 28 يناير، احتل الإخوان المساجد فى الحسين والأزهر والاستقامة ومصطفى محمود، بالقاهرة، والقائد إبراهيم فى الإسكندرية، ومساجد السويس، وضربوا بكل تعهداتهم لقيادات مبارك، عرض الحائط.
وعندما نجح الحراك فى إزاحة مبارك ونظامه من سدة الحكم، جلست مع شباب الثورة والأحزاب والنخب المدنية، واستطاعت أن توظفهم جميعا لخدمة أهدافها، وجعلت منهم كاسحة ألغام تطهر كل الطرق المؤدية لكافة قصور السلطة، وبالفعل استطاعت اختطاف الثورة والسيطرة على السلطة، وتنصلت من كل وعودها لهم، ومنها أنها لن تخوض الانتخابات الرئاسية..!!
تلك الوقائع، تلخص مسيرة جماعة الإخوان الإرهابية، وترسم صورة واقعية عن نهجها وسلوكها القائم على الخيانة ونقض العهود، منذ تأسيسها عام 1928 .. فلم تفى بعهد قطعته على نفسها، يوما، ويُظهر كل قياداتها وأعضائها عكس ما يخفونه، ولا يسيرون فى طريق واضح ومستقيم، وإنما يعشقون السير فى الطرق المعوجة، وجميعها صفات الفاسقين والمنافقين، والله سبحانه وتعالى قال فى سورة الأعراف: "وما وجدنا لأكثرهم من عهد وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين". صدق الله العظيم.
وعندما طفا على السطح مؤخرا، مقاول لص هلفوت، استولى على أموال البنوك، وشركائه المقاولين، وهرب إلى إسبانيا، وبدأ يطبق سياسة قلب الحقائق للتغطية على جرائمه من خلال تنصيب نفسه، المحارب للفساد، والقادر على تحريك الشارع، ولاقى كلامه، هوى فى بعض نفوس الذين أجروا عمليات غسيل مخ، أزعج قيادات وأعضاء والمتعاطفين مع الجماعة، الموجودون فى إسطنبول، ورأوا فى محمد على، "مقاول" هدم لمشروعهم، و"لودر" مدمر لكعكة التمويلات، والتى وصلت إلى نصف مليار دولار، لذلك وضعوا خطة التخلص منه بـ"الحرق".
وكون أن المقاول اللص الهلفوت، مريض بشبق الشهرة والنجومية، وأن إمكانياته التعليمية والثقافية والعقلية ضعيفة للغاية، إلى درجة البؤس، فإنه ارتمى فى شباك الجماعة، وبلع الطعم، وصار صيدا سهلا وطيعا، عندما قررت الجماعة اختبار إمكانياته عن قرب، والوقوف على نقاط ضعفه، وتمكنت من معرفة أنه دون إمكانيات، ولا يمتلك أدواته، فقررت التخلص منه بسهولة، حتى لا يكون عقبة أمام مشروعها، أو شريكا فى "الخيانة" التى تحتكرها الجماعة بقوة..!!
وبالفعل، قدمته فى كل المناسبات وفتحت له كل أبواقها، ودست الأسئلة السامة له، ليتناولها وتقطع أحشائه، وتفقده أى تعاطف من أى نوع، ونجحت الخطة، وكان ميعاد النهاية ذكرى 25 يناير، عندما هيأت له الجماعة أنه قادر على تحريك الشارع، ولائق بجدارة لارتداء عباءة الزعامة، فكانت الضربة القاضية أمس، عندما خلت شوارع الكفور والنجوع والمدن بمحافظات مصر قاطبة، من شخص واحد فقط، يؤيد دعوة المقاول اللص الهلفوت، لينتهى السيناريو، بالمشهد المأساوى.
ويبقى فى الأخير، أن المصريين، وحدهم، فقط، أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة فى تحديد ورسم صورة مستقبلهم فى وطنهم، وليس جماعة أو حركة أو حزب أو نخبة، والشعب صار أكثر وعيا وفهما، واكتسب خبرة كبيرة مما عايشه وشاهده من مخططات رامية لإسقاط بلاده فى مستنقع الفوضى، فصار أكثر فهما وسبق النخب، وكشف حقيقتهم، وصراعهم وأطماعهم فى السيطرة على كعكة الحكم..!!