يستعد دير الأنبا انطونيوس بالبحر الأحمر لاستقبال آلاف الأقباط اليوم وغدًا بمناسبة تذكار "نياحة" أو وفاة الأنبا انطونيوس إذ يعتبر الأنبا انطونيوس مؤسس الرهبنة المسيحية ويلقب بأبو الرهبان
إذا كانت الرهبنة قد ارتبطت فى الأذهان بالمسيحية، فإن المسيحيين يربطون الرهبنة بالأنبا أنطونيوس الملقب بأبو الرهبان، والذى يعتبره المؤرخون أول راهب فى التاريخ رغم من سبقوه إلى التعبد فى الصحارى ونذر أرواحهم إلى الله ولكن القديس الذى عاش فى القرن الثالث الميلادى قد مثل بحق أول راهب بالمعنى المعروف اليوم رغم التحولات التى طرأت على الرهبنة من عصر إلى عصر، إلا أن جوهر الرهبنة المسيحية هو الذى وضعه الأنبا أنطونيوس وتلاميذه فى البرية الشرقية بجبل القلالى قرب البحر الأحمر، ومن هناك انتقلت حركة الرهبنة إلى العالم كله فى القرون التالية فصار القديس يتسمى بأسماء أجنبية لا تمحى اسمه الأصلى، مثل سان انطونى أو انطونيو، كل ينطقه حسب لغته ولهجته
ولد الأنبا أنطونيوس فى القرن الثالث لرجل غنى توفى وأورثه ثروة كبيرة وزعها على الفقراء وهجر العالم وعاش حياة الزهد.
سكن الأنبا انطونيوس مغارة فى جبل القلالى بالبحر الأحمر تأسس عليها ديره الكبير الموجود حتى اليوم من خلال تعاليم الأنبا انطونيوس تأسست الرهبنة المسيحية وانتقلت إلى العالم كله.
كان الأنبا انطونيوس صاحب مدرسة الرهبنة التوحدية أى سكن الجبال منفردا لعبادة الله دون مشاركة أحد، ويشتهر الأنبا انطونيوس فى العالم كله ويتخذ عدة أسماء منها سان انطونى وأنطونيو.
يحتفل الأقباط بعيده بزيارة الدير فى البحر الأحمر ويطلبون الشفاعة ويقدمون له النذور
ووفقا للرواية القبطية، فإن الشاب أنطونيوس قد سكن بجوار النيل، وكان يقضى كل وقته فى الصلوات بنسك شديد، لكن إذ هاجمته أفكار الملل والضجر أخذ يصرخ إلى الله، فظهر له ملاك على شكل إنسان يلبس رداءً طويلًا متوشحًا بملابس تشبه ملابس الرهبان الأوائل ويضع على رأسه قلنسوة، وكان يجلس يضفر الخوص، وقال الملاك له أفعل مثل هذا وسوف تستريح، فيصبح بعد ذلك هذا الزى زيًا للرهبان، ويتقرر أن عمل اليد من أساسيات الرهبنة.
فى أحد الأيام نزلت سيدة إلى النهر لتغسل رجليها هى وجواريها، وإذ حَول القديس نظره عنهن منتظرًا خروجهن بدأن فى الاستحمام. ولما عاتبها على هذا التصرف، أجابته: "لو كنت راهبًا لسكنت البرية الداخلية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان". وإذ سمع القديس هذه الكلمات قال فى نفسه: "إنه صوت ملاك الرب يوبخنى"، وفى الحال ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية وتقصد مغارات الصحراء، وكان ذلك حوالى عام 285 م.
بعدها استقر القديس بأحد مغارات الجبل، يعيش حياة الوحدة إذ يعبد الله منفردًا ولا يكلم أنسيًا، حتى إذا جاء عام 305 فالتقى بتلاميذ، جاءوا إليه يشتاقون إلى التدرب على يديه، فكان يعينهم ويرشدهم، وإن كان قد عاد إلى وحدته مرة أخرى.
يقع دير الأنبا أنطونيوس على سفح جبل الجلالة القبلى بصحراء العرب التابعة لمحافظة البحر الأحمر قرب الزعفرانة، تسير بك السيارة وسط جبال خشنة تتشابك تحت سحاب كثيف وشمس تشرق على مهل فى شتاء قارس وعلى يسارك البحر الأحمر يظهر ويختفى وسط الهضاب، حتى تظهر لك لافتة "دير الأنبا أنطونيوس"، تنحرف السيارة بك يسارًا، وترى الدير وقد أخذ مكانه وسط الجبل، يظهر محفورًا وتعانق صلبانه السماء فتمتزج بالسحب المترامية وكأنها نجوم إضافية تضيئ نهارًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة