أكد الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، فى تعقيبه على مداخلة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، اعتزازه بالأزهر وبشيخة باعتباره منارة علمية لا يمكن التقليل من الجهود التى يبذلها الأزهر والإمام الأكبر على مختلف المستويات، وقال إن الخلاف فى وجهات النظر أمر منطقى وطبيعى فى الأوساط العلمية، وأنه يختلف ويتفق مع الأزهر ولكنه يقدره.
وقد رفض الدكتور الخشت خلال مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الخطاب الدينى، فى كلمته أمام المؤتمر محاولة "إحياء علوم الدين"، ودعا إلى ضرورة "تطوير علوم الدين"، موضحًا أن العلوم التى نشأت حول الدين علوم إنسانية، تقصد إلى فهم الوحى الإلهى، وأن علوم التفسير والفقه وأصول الدين وعلوم مصطلح الحديث وعلم الرجال أو علم الجرح والتعديل، هى علوم إنسانية أنشأها بشر، وكل ما جاء بها اجتهادات بشرية، ومن ثم فهى قابلة للتطوير والتطور.
وقال الدكتور عثمان الخشت، إنه بات من الضرورى تفكيك الخطاب التقليدى، والبنية العقلية التى تقف وراءه، وأن تأسيس خطاب دينى جديد، أصبح يمثل حاجة ملحة، ويجب أن نعيد تفكيك هذا النص البشرى لكى نعيد بناء العلوم، وأنه لابد من تأسيس خطاب دينى جديد، وليس تجديد الخطاب الدينى التقليدى، وأنه لا يمكن تأسيس خطاب دينى جديد بدون تكوين عقل دينى جديد، لافتًا إلى أن تطوير العقل الدينى، غير ممكن بدون تفكيكه وبيان الجانب البشرى فيه.
وأوضح رئيس جامعة القاهرة، أن من أهم الشروط لتكوين عقل دينى جديد، إصلاح طريقة التفكير، وفتح العقول المغلقة وتغيير طريقة المتعصبين فى التفكير، والعمل على تغيير رؤية العالم وتجديد فهم العقائد فى الأديان ونقد العقائد الأشعرية والاعتزالية وغيرها من عقائد المذاهب القديمة، قائلًا: نحن مسلمون قرآنًا وسنة، ولسنا من أتباع المذاهب.
وتابع الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، أن رؤيته لتأسيس خطاب دينى جديد تم فهمها بطريقة غير متوقعة وأنه تم قياس كلامه على تيار آخر وتحميله معانى تيار يهاجم الأزهر بإطلاق، مؤكدًا أن هذا ليس حقيقيًا، وأنه يعنى ما يقوله وبدقة، مشيرًا إلى أن مؤلفاته درست منذ عام 1986 فى الجامعات العربية.
وأكد الدكتور الخشت أنه جاء إلى مؤتمر الأزهر ولديه رؤية يطرحها فى مجال تجديد الفكر الإسلامى، وأن ما يطرحه مجال للحوار وليس للحجاج، موضحًا أن هناك فرقا بين طريقة التفكير بالاختيار بين أمرين (إما أو)، إما معنا أو ضدنا، وأن هذا التفكير الأرسطى خاطيء لأنه قائم على الفصل الابستمولوجى والإسلام لا يقوم على هذا الفصل، مستشهدًا بالآية الكريمة "وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ".
وأوضح الدكتور الخشت، أن تجاوز التراث ليس كما فهم نفيًا او إلغاء، ولكن استيعاب التراث في مركب جديد، مؤكدًا رفضه لتهوين التراث أو تهويله، مضيفًا أن من التراث ماهو حى وما هو ميت، ومنه الصواب ومنه الخطأ، وأن الأزهر مثله مثل المؤسسات الأخرى قد يصيب وقد يخطيء.
وأشار الدكتور الخشت فى تعقيبه، إلى أن العقل الدينى الذى قصده ليس المقصود به القرآن، ولكن المقصود به طريقتنا في التفكير في أمور الدين، واقترح ان يدرس كتاب عبد الله دراز "دستور الأخلاق في القران"، وكتاب الشيخ محمود شلتوت "الإسلام عقيدة وشريعة"، مؤكدًا أنه ليس ضد الأزهر وأنه يحترم الدولة الوطنية ذات المؤسسات والتي لابد أن نصل فيها إلى أرضية مشتركة.
ودعا الدكتور الخشت إلى ضرورة توظيف النظريات القانونية الحديثة في تطوير أحكام الشريعة، مثل توثيق الطلاق على غرار توثيق الزواج طبقًا لنظرية الأشكال القانونية المتوازية، مشيرًا إلى أن انعقاد الطلاق عن طريق توثيقه منطقي في ضوء نظرية الأشكال القانونية المتوازية، فما يتم وفق شكل وإجراء لابد ان يتم بالشكل والإجراء نفسه.
وأوضح الدكتور الخشت، أنه يطرح هذا الرأى فى مقابل باقى الآراء وأن الأمر في نهايته يحتاج الى حوار مجتمعي جديد حتى الوصول الى اتفاق جمعي في التشريع بواسطة مجلس النواب.