في عودة غير منتظرة لعصور الإحتلال المباشر و حلم قديم يراود رئيس تركيا الإخواني المدعو أردوغان بعودة الدولة أو كما يتمناها الخلافة العثمانية من جديد !
إذ لا يمتلك من العقل و التعقل ما يجعله يدرك أن الأيام دول ، و أن الدائرة تدور علي الجميع ،
فكم من دول عظمي و إمبراطوريات كبيرة سيطرت علي معظم أراضي الدنيا،
ثم دارت دائرة الزمن و اتخذ المنحني الذي صعد للقمة طريقه للهبوط حتي بلغ أدناه
فهذا المفتخر دائماً بكونة حفيد العثمانيين من الأجدر به أن يخجل و يتواري خزياً من هذا الإنتماء الذي لا يعد مفخرة إلا للقتلة و المحتلين الذين أقاموا ممالكهم و رفعوا عروشهم علي أنهار من الدماء تكتظ بملايين الجثث من الأبرياء .
فقد احتل هؤلاء العثمانيون غالبية الدول العربية و الأوروبية الشرقية و عاثوا بها فساداً و استبداداً بالبلاد و العباد ،
أما عن فاتحهم كما يسمونه المدعو سليم الأول ، فقد كان من الوحشية و الظلم ما جعله يتخلي عن أي إنسانية أو رحمة بالبلاد التي فتحها بحد السيف و باستباحة الدماء دون أي وجه حق و استبد بها بشكل لا يقل قسوة و دناءة عن أفعال التتار ببلاد المسلمين !
و أما عن هذا الفتح العثماني لمصر ، فقد كان بمثابة الهوة السحيقة التي سقطت بها لتنعزل عن الدنيا و ما يدور بها و تتأخر مئات السنوات عن مواكبة التطورات الحضارية التي شهدها العالم ، ذلك بعد أن كانت بأعلي مكانة قبل أن يدخلها هؤلاء و يحتلوا القاهره فى ٢٦يناير ١٥١٧
إذ نهبوها و خربوها وتحولت من دوله مستقله لولايه عثمانيه يحكمها السطان العثمانى من استنبول ، فدخلت لنفق مظلم و اختفى منها العلم و العلماء بعد ما عزلها العثمانيين عن العالم و التطورات الحضارية ، فأصيبت برده حضاريه شنيعه
و قد نعى المؤرخ "ابن إياس " سقوط مصر فى ايدي العثمانيين بقوله :
(نوحوا على مصر لأمر قد جرى .:. من حادث عمت مصيبته الوري)
و في كتابه الشهير «بدائع الزهور في وقائع الدهور»، دوّن المؤرخ المصري محمد بن إياس الحنفي وقائع دخول القوات العثمانية مصر-بقيادة السلطان سليم الأول
إذ تعد شهادة ابن إياس من أهم ما كُتِبَ في هذا الشأن نظرًا لمعاصرته تلك الأحداث الخطيرة وتبعاتها،
ويسجل ابن إياس قول أحد شهود تلك الحوادث في أبيات جاء بها:
"نبكي على مصر وسكانها :: قد خربت أركانها العامرة
وأصبحت بالذل مقهورة :: من بعد ما كانت هي القاهرة "
و بعد أن سقطت الدولة العثمانية يوم 1 نوفمبر ١٩٢٣ بإعلان تأسيس الدولة التركية الحديثة، على يد مصطفى كمال الدين أتاتورك، بعد ٦٠٠ عام سيطر خلالها العثمانيون ولو صوريا على ما يقرب من نصف الأرض ،
و بعد أن سلمت الدول العظمي و أباطرة السيطرة بأنه زمن قد ولي و لم يعد له وجود و لم يعد مدعاة للفخر و التطاوس و إثبات القوة بعد أن عانت شعوباً كثيرة تبعات هذا الإحتلال من تأخر و تخلف و دماء قد أريقت و أرواح بريئة قد أزهقت دون ذنب اقترفته ليتحولوا إلي قرابين يقدمها هؤلاء القتلة المتشحون بوشاح العظماء ليحصلوا علي اللقب .
أي نعم ، قد سلمت القوي العظمي بأنه لم يعد يليق بها العدوان المباشر علي الآخرين ، لكنهم قد ابتكروا و استحدثوا طرقاً و أساليباً جديدة للتدخل بشؤون الغير و السيطرة علي مقدراتهم و خيراتهم و إن كان علي حساب تدميرهم و تشتيتهم و ضربهم بالإرهاب الموجه الممول دون أي خجل !
و لكن :
لا يزال هذا الطاووس المهووس المتغطرس متمسكاً بالطرق التقليدية ، مكتراً لذكريات الماضي ، باكياً علي أطلال الإمبراطورية الزائلة !
إذ لا يتورع عن فعل أي شئ ، من تمويل و تدريب و إيواء لجميع أنواع القتلة و الإرهابيين ، للتطاول أحياناً علي حدود الدول المجاورة في محاولة مكشوفة لاستقطاع أجزاء منها ، للتحالف مع كل معارض مخرب بأرض الغير و تحديداً المنطقة العربية و دعمه بكافة أشكال الدعم المادي و المعنوي ،
لعله يفوز بموطئ قدم تمهيداً للسيطرة و الإستحواذ و عودة الخلافة كما يحلم و يتمني !
في حين : أنه بالمقابل و نتيجة لهذه التصرفات الجنونية و الإنغماس التام بسلوك معوج نابع من رغبة جامحة لمجد شخصي ، قد أغرق بلاده بالديون و خنق شعبه بغلاء الأسعار و ضيق العيش و استبد بالمعارضة بشكل فج غير إنساني أقله السجن و أخره الإعدام ،
ثم تطورت الأمور إلي ما يدعو للسخرية و الحزن بآن واحد ، كالأخبار المتداولة مؤخراً و التي تصدرت تريندات منصات التواصل الإجتماعي عن انتشار (الجرب ) بتركيا تزامناً مع أخبار إرسال المجاهدين السوريين بطائرات تركية عن طريق رحلات غير مسجلة إلي الأراضي الليبية ، و انشغال هذا المستعمر الجديد بأمور البلدان الأخري منصرفاً عن الإهتمام بشعبه و مهام منصبه و مسؤوليته كراعٍ مسؤول عن رعية .
أما عن عودة الخلافة العثمانية فليست إلا أضغاث أحلام .