التحركات التركية الحالية محاولة من الرئيس التركى رجب أردوغان لتعويض خسائره فى سوريا والعراق، من خلال إعادة توظيف داعش والقاعدة والتنظيمات الإرهابية فى ليبيا، وهى خطوات متوقعة، وتمثل تطورا طبيعيا لعقلية أردوغان الذى راهن طويلا ولايزال على التنظيمات الإرهابية فى تعويض خسائره، وحتى بالرغم من موافقة البرلمان التركى على قرار أردوغان بإرسال قوات إلى ليبيا، يظل الرهان الأول استعمال وتوظيف داعش وتوابعها مع تنظيم الإخوان لتحقيق أى خطوات فى ليبيا.
وبالطبع لا توجد فواصل تحدد نهاية عام وبداية آخر، الأحداث مستمرة ومقدماتها تحدد النتائج وتحكمها، ولاتزال ارتباكات السياسة والصراع قائمة فى الشرق الاوسط خلال العام الجديد، وتظل التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة أوراقا يتم توظيفها وإعادة استعمالها فى ليبيا مثلما كان الأمر طوال العقد الماضى، حيث لعبت التنظيمات الإرهابية دورا مهما فى إشعال الفوضى فى سوريا والعراق، فقد كان داعش والقاعدة جناحا الفوضى طوال عقد كامل، فى سوريا والعراق. ولم يعد خافيا أن الراعى الرسمى الأول لداعش واخواته من تنظيمات الإرهاب هو الرئيس التركى رجب طيب أروغان، بينما التمويل قطرى، راهن أروغان وتميم على أن يوظفا داعش والقاعدة لصناعة فوضى يمكنهما من خلالها تقسيم سوريا.
حصل الرئيس التركى على نفط سوريا والعراق المسروق بمعاونة داعش مقابل خدمات لوجستية للإرهابيين، حيث تحولت الأراضى التركية إلى ممرات آمنة لدخول وخروج المقاتلين من أنحاء العالم إلى سوريا والعراق، بل إن أروغان فتح مستشفيات إسطنبول لعلاج جرحى داعش والنصرة، وراهن أروغان على التنظيمات الإرهابية، لكنه مع الوقت خسر الرهان فى سوريا والعراق، وعقب هزيمة داعش، أعلن الرئيس التركى أمام اجتماع لحزب العدالة والتنمية أن مقاتلى داعش سيتوجهون إلى ليبيا وأفريقيا، وكان هذا الإعلان بمثابة تأكيد للعلاقة التى ربطت أردوغان بداعش، وتبدى هذا بوضوح خلال الأيام الماضية عندما بدأ أروغان فى إرسال إرهابيين إلى ليبيا تمهيدا لإرسال قوات إلى ليبيا.
لكن بالرغم من تصويت البرلمان التركى على إرسال قوات تركية إلى ليبيا، فإن أردوغان اعتاد طوال السنوات الماضية أن يخوض حربه بالوكالة من خلال داعش والقاعدة، وهو ما أكده اتهامات واضحة من حلفاء أردوغان، حيث أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون فى آخر اجتماع لحلف الناتو، أن الرئيس التركى يحارب إلى جانب داعش. وفى أكتوبر الماضى قال وزير الدفاع الأمريكى مارك إسبر، إن الهجوم العسكرى الذى سنته تركيا فى شمال شرق سوريا، قوض أيضا المهمة المتعددة الجنسيات الناجحة لهزيمة داعش فى سوريا، وأدى إلى إطلاق سراح عديد من الإرهابيين الخطرين فى التنظيم. ويحاول أردوغان تعويض خسائره فى سوريا وأيضا تقديم الحماية لتنظيم داعش ومقاتليه، الذين تم نقل بعضهم إلى أفريقيا، وليبيا لإعادة توظيفهم مثلما جرى فى سوريا والعراق، حيث نجح أردوغان منذ 2011 فى إقناع الغرب بأنه يدعم الثورة السورية والجيش السورى الحر، لكن تكشف مع الوقت أن السلاح والأموال اتجهت إلى تنظيمى داعش والنصرة واختفت المعارضة السورية.
اليوم يحاول أردوغان تكرار نفس السيناريو فى ليبيا، باتفاق منقوص مع السراج، لكنه فى الواقع اتفاق مع حلفاء أردوغان من داعش والنصرة، بينما يقدم لها تنظيم الإخوان الدعم الإعلامى من خلال تأييد التحركات التركية، ولهذا فقد خصصت الجزيرة القطرية وتوابعها من القنوات التركية ساعات لتأييد الغزو التركى لسوريا قبل ذلك، ولليبيا الآن.. وبعد موافقة البرلمان التركى، يبقى رهان أردوغان على الإرهاب والفوضى.