أطماع أردوغان فى ثروات ليبيا والسيطرة على شرق المتوسط، ووضع أقدامه فى شمال إفريقيا، جاءت وفق خطة محكمة، بدأ الترتيب لها منذ 2011 وليست وليدة الاتفاقية التى وقعها «فايز السراج» رئيس ما يسمى حكومة الوفاق الليبى، والمتعلقة بالتعاون الأمنى والبحرى، لكن تبقى تصريحات نائب الرئيس التركى، فؤاد اوقطاى، خلال الساعات القليلة الماضية، هى الصادمة والكاشفة، عندما أكد أن خطة أنقرة العسكرية، قائمة على «اقتطاع» الغرب الليبى وضمه لتركيا، فى إعادة لسيناريو قبرص.!!
هنا يصبح سيناريو غزو ليبيا، قديم وواضح، وخطواته محسوبة، وفى تقديرى، فإن الخطوة الأخطر فى سيناريو الغزو، ما أدلى به فؤاد أوقطاى، نائب أردوغان، وهى، سعى أنقرة إلى تحويل الغرب الليبى لمنطقة تركية تبدأ بانتشار القوات التركية، ثم اعلان الانفصال عن الجسد الليبى، تماما، مثلما حدث فى قبرص، عندما اقتطعت تركيا جزءًا وحولتها إلى منطقة تابعة لأنقرة، فى «شرق المتوسط» تحت زعم حماية المواطنين القبارصة المنحدرين من أصول تركية، وذلك عام 1974.
أردوغان، قرر استنساخ سيناريو استقطاع ثلث الأراضى القبرصية، لتطبيقه فى ليبيا، واستقطاع الغرب وضمه لتركيا، وفقا للتصريحات العلنية لنائبه فؤاد اوقطاى، مستغلا الضعف الشديد لفائز السراج، وهو الأمر الخطير الذى سيمزق بلاد عمر المختار، ويحولها إلى كانتونات.
وبنى «فؤاد اوقطاى» تصريحاته، أن أردوغان وجماعة الإخوان الإرهابية، قرروا منذ عام 2011 وهو العام الذى شهد ما يطلق عليه كذبًا وتضليلا، ثورات الربيع العربى، تمزيق النسيج الاجتماعى الليبى، من خلال إعلاء شأن النعرات العرقية فى مدن «مصراتة وزليتن والزاوية»، وبالفعل تم تأسيس جمعيات فى هذه المدن، تستحضر الموروث العثمانى، بالادعاء أن هناك قبائل يعود نسبها للعثمانيين، مثلما كانوا يرددون فى مصر، بأن هناك عائلات لديها «عرق» تركى، ممتد.
ومن أبرز الجمعيات التى تصدرت الاضطلاع باستحضار الموروث العثمانى «الملطخ بالدماء»جمعية «الكراغلة»، ويرأسها شخص يدعى «زكريا زوبى» والذى أكد أن الكراغلة، يعود نسلهم إلى التركمان، ومن ثم فإن ولائهم مزدوج، ما بين تركيا وليبيا، وتربط زكريا زوبى، علاقات وثيقة بالنظام التركى.
أيضا، هناك شخصية تلعب نفس الدور، فى تغيير وخلط الأنساب، وهو «على محمد البشير حمودة» الذى كان يشغل منصب وزير الأوقاف الليبى، وعضوا فى الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وحاليا يعد أبرز الأذرع المعاونة لتدخل تركيا فى الشأن الليبى، ويقيم فى تركيا، ويتبنى بقوة قضية «الكراغلة» والترويج لفكرة أن تدخل تركيا، بهدف رعاية مصالح هؤلاء أصحاب «العرق» التركى الذى يبلغ عددهم مليون تركى موجودين على الأراضى الليبية..!!
فجأة، صار لتركيا أكثر من مليون مواطن يرجع أصولهم للأتراك أحفاد العثمانيين، يقيمون فى ليبيا، وفى ظل الأحداث الجارية فى بلاد عمر المختار، قرر أردوغان إرسال قواته العسكرية لحماية هؤلاء، واستقطاع الغرب الليبى، وضمه لولاية تركيا، فى استنساخ لسيناريو استقطاع الأراضى القبرصية!
ويستكمل نائب الرئيس التركى، تصريحاته الخطيرة قائلا: إن هدف أنقرة فى ليبيا وقبرص، يتمثل فى إحباط المكائد التى تستهدف تركيا، وقد أفشلنا مؤامرة حبسنا فى مياهنا الإقليمية عبر الاتفاق مع ليبيا، لذلك فإن أى خطة يتم وضعها فى المنطقة دون تركيا، لن يكتب لها النجاح، وأن تركيا تتابع بدقة ما يجرى من تطورات حولها، ولن تسمح بانتهاك حقوقها.
لكن على الضفة المقابلة، يرى رموز ليبية، أن مخطط أردوغان القائم على إشعال النعرة العرقية، والاعتماد على الأقلية «الكرغلية» لن يكتب لها النجاح، لأن «الكرغليين» أنفسهم منقسمين، فالمقيمون منهم بمدينة «الزاوية» يدعمون الجيش الليبى، وأصدروا بيانًا رسميًا أعلنوا فيه عن موقفهم الداعم لعمليات الجيش فى طرابلس.
إذن خطة أردوغان، ليس إنقاذ فايز السراج، ولا السيطرة على ثروات ليبيا النفطية، ولا فرض أمر واقع فى منطقة شرق المتوسط، فحسب، وإنما اقتطاع الغرب الليبى كله لضمه إلى ولاية تركيا، ومن ثم عدم الخروج من ليبيا نهائيا، باعتبارها أرضًا تركية خالصة، تخص مليون مواطن يعود نسبهم للأتراك.
والسؤال، متى يتحرك العرب جميعا، ويدركون حجم الخطر الداهم، وضرورة توحيد الصف، خاصة دول شمال إفريقيا، التى عانت الأمرين من الاستعمار العثمانى طيلة ثلاث قرون كاملة؟!
الجميع فى مرمى النيران، ولا يوجد دولة واحدة بمنأى عن امتداد ألسنة النار إليها، لتشتعل بداخلها حرائق، تقضى على الأخضر واليابس..!!