لا تزال الحرائق تلتهم مساحات شاسعة من الأراضى فى أستراليا منذ بداية موسم الحرائق فى سبتمبر الماضى، لتتسبب فى أزمة بيئية كارثية، خاصة بعد نفوق ما يقرب من 500 مليون حيوان من بينهم حيوانات الكوالا التى تشتهر بها أستراليا، ولا يبدو أن الأزمة ستنتهي قريبا، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة سرعة الرياح، وعدم قدرة السلطات على وقف انتشار الحرائق، حتى مع استدعاء 3 آلاف جندى للمساعدة على التعامل مع الحرائق المستعرة التى أودت بحياة 23 شخصا حتى الآن، وتسببت فى فقدان العديد من الأشخاص وإصابتهم، ودمرت أكثر من 1300 منزل، كما ألحقت ضررا بالغا بالحياة البرية، وكذلك محمية فليندرز تشيز بالكامل تقريبا في جزيرة الكنغر التي تضم هذا الحيوان وحيوان الكوالا.
وأعلن رئيس الوزراء الأسترالى سكوت موريسون، السبت أن حكومته استدعت ثلاثة آلاف جندى بالاحتياط للمساعدة فى مكافحة حرائق الغابات التى تلتهم أنحاء واسعة من القارة، فى تعبئة غير مسبوقة فى تاريخ البلاد.
وقال موريسون، وفقا لقناة "الحرة" الأمريكية، "إن هذا القرار يسمح بوجود مزيد من الرجال على الأرض ومزيد من الطائرات فى السماء ومزيد من السفن فى البحر"، مضيفا أن الحكومة كلفت جنرالا لمهمة الإشراف على التدخل العسكرى فى جهود مكافحة الحرائق التى ستساهم فيها أيضا حاملة مروحيات.
من جانبها، قالت وزيرة الدفاع ماريز باين إنها المرة الأولى، التى يتم فيها استدعاء مثل هذا العدد من جنود الاحتياط فى تاريخ أمتنا".
وقد أخلى عشرات الآلاف من السكان بيوتهم في جنوب شرق أستراليا بسبب الحرائق الكارثية التي يتوقع أن تؤدي الأحوال الجوية إلى تفاقمها، وتم إعلان حالة الطوارئ في تلك المنطقة، التي تضم أكبر عدد من السكان.
وقالت رئيسة وزراء ولاية نيو ساوث ويلز جلاديس بيريجيكليان محذرة: "اليوم يتعلق الأمر بإنقاذ أرواح"، وأكد قائد فرق الإطفاء في الولاية نفسها شين فيتسيمونز "الانتظار حتى السبت يعني المجازفة، الانتظار لنصف ساعة أخرى يعني مجازفة أكبر".
وأخلى السياح وسكان جنوب شرق البلاد مواقع الاصطياف أو منازلهم، وشهدت الطرق السريعة التي تربط بين المدن الساحلية صفوفا طويلة من السيارات، في سيدني ومدن أخرى.
ويتوقع أن ترافق درجات الحرارة المرتفعة التي بلغت 40 درجة مئوية، رياح عاتية يمكن أن تؤجج مئات من حرائق الغابات التي تشهدها البلاد منذ أربعة أشهر، وتعذرت السيطرة على معظمها حتى الآن.
وقالت السلطات، إن حرائق الغابات خرجت عن نطاق السيطرة، اليوم السبت، على الشاطئ الشرقى لأستراليا، بفعل ارتفاع درجات الحرارة وقوة الرياح، وحذرت من أن الأسوأ لم يحدث بعد، فيما يحارب رجال الإطفاء لإنقاذ الأرواح والممتلكات، وبحلول المساء، ظل 16 حريقا مشتعلا فى فيكتوريا بمستوى حالة الطوارئ أو الإجلاء، و12 حريقا فى نيو ساوث ويلز بمستوى حالة الطوارئ، إضافة إلى 100 حريق فى ولايات أخرى، وبدأت حرائق جديدة فى الاشتعال بينما خرجت أخرى عن نطاق السيطرة.
ومن ناحية أخرى، قالت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية إن حيوانات الكوالا التى تم إنقاذها من حرائق الغابات فى أستراليا من المحتمل أن يعانون سواء هؤلاء الذين خاضوا عمليات جراحية ويتم احتجازهم، أو حتى هؤلاء الذين يطلق سراحهم للعيش مرة أخرى فى البرية، وذلك بسبب استمرار الحرائق.
ويخشى الخبراء على مصير الحيوانات بعد احتراق أكثر من 3 ملايين هكتار من نيو ساوث ويلز فى الأشهر الأخيرة، حيث قدر استاذ البيئة بجامعة سيدنى كريس ديكمان أن 480 مليون من الثدييات والطيور والزواحف قد قُتلت، بشكل مباشر أو غير مباشر، بسبب النيران.
وقال لصحيفة ديلى ميل أستراليا "ربما لن تعود بعض الأشياء، فنحن نتحدث عن نصف مليار حيوان من حيوانات البلاد."
وأوضحت "ديلى ميل" أن تدمير موائل الكوالا يعنى أن الجرابيات، ستعانى على الأرجح، من أجل التكاثر فى الأجيال القادمة، خاصة فى مناطق نيو ساوث ويلز التى شهدت الكثير من الحرائق. وقال البروفيسور ديكمان: "يمكنك أن تقول إنها ستنقرض فعليا فى بعض المناطق". وما يزيد الطين بلة، استمرار حرائق الغابات منذ نوفمبر والتى أحرقت أفضل موائل الكوالا فى شمال نيو ساوث ويلز، حيث كانت التربة أكثر خصوبة.
من المؤكد تقريبًا، أن الكثير من الكوالا كانت ستُقتل مباشرة بسبب النيران، وربما بشكل غير مباشر من خلال الموت جوعا، أو حتى افتراسها من قبل الكلاب، حتى بالنسبة للذين نجوا.
وقال البروفيسور ديكمان: "ليس من السهل إبقائهم فى الأسر لفترات طويلة والحفاظ على صحتهم".