لن نتحدث عن الدروس القاسية التى لقنها الجيش المصرى للجيش التركى، وتحديدا «العلقة الساخنة» فى «قونية» التى تقع فى قلب الأناضول، وسحق الجيش المصرى، حينها، نظيره العثمانى، وأسر قائده رشيد باشا، وأصبح الطريق إلى إسطنبول مفتوحا، وارتعد السلطان واستنجد بالدول الأوروبية لنجدته من المصريين، فتدخلت فرنسا وبريطانيا وروسيا وأقنعوا الجانبين بعقد صلح كوتاهية عام 1833.
ولكن سنتحدث عن التاريخ العظيم الذى سطره الجيش المصرى، قبل أن يكون هناك دولة اسمها تركيا، فى هذا الكوكب، وهو مسجل نصا فى وثائق تاريخية، لا يمكن أن يتسرب لها الشك، ومحاولات تشويه الحقائق.
ومن المعروف أن ألد أعداء مصر، كانوا يأتون من آسيا، ومنهم ما أطلق عليهم المصريون «شعوب البحر» جاءوا من مناطق آسيا الصغرى والبلقان والبحر الأسود، وكانوا يتربصون بالممالك والإمبراطوريات الكبرى «شرق البحر المتوسط» وينتظرون الفرص «لانتزاع أجزاء منها»، وقد أدت هجماتهم إلى سقوط مملكة الحيثيين وكبرى مدن شرق البحر المتوسط باستثناء بعض المدن الفينيقية.
وسجل التاريخ أول هجمة لهم كانت فى عهد الملك مرنبتاح، والذى تصدى لهم، كما سجل أن تلك الشعوب، اتصفت بالوحشية والبربرية، وأبادوا مدنا كاملة أثناء زحفهم لاقتطاع أجزاء من ممالك الشرق الأوسط، وكأن كتب على مصر أن تتصدى للبربرية والوحشية بشكل دائم، وتضع نهاية لسيناريوهات أطماعهم وتوحشهم وبربريتهم.
وما أشبه الليلة بالبارحة، وكأن التاريخ يعيد كتابة فصوله، ويسجل أحداثه المتطابقة، التى تقع فى نفس المكان، مع اختلاف الأزمنة، فالتهديدات التى يقودها الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، حاليا، وأطماعه فى منطقة شرق المتوسط، وليبيا، هى نفس تهديدات شعوب ومرتزقة البحر، والمنازعة للسيطرة على شرق المتوسط وليبيا وسوريا ومصر وشمال إفريقيا منذ ما يقرب من 5 آلاف عام.
لكن تبقى الشواهد الأثرية والوثائق التاريخية، تسجل ماذا صنع جيش مصر بقيادة الملك رمسيس الثالث، من الأسرة الـ20 بشعوب البحر، وحربه فى ليبيا، وكيف استطاع أن يسحقهم ويضع حدا لبربريتهم وتوحشهم، محققا انتصارات مدوية.
البداية، عندما وصل رمسيس الثالث للحكم، كانت الإمبراطورية الحيثية قد اندثرت واختفت من فوق الخريطة الجغرافية، وصار الوضع فى آسيا وشرق المتوسط، متوترا، وقلقا، وكانت مصر قد فقدت هيبتها على تلك المناطق، وتقوقعت داخليا، ولكن عندما استشعر رمسيس الثالث خطر زحف «شعوب ومرتزقة البحر المتوسط» وقضاءهم على المملكة الحيثية واحتلوا «قبرص» وبلاد «نارينا»، وبدأو الإغارة على «كنعان» وهى المقاطعة الخاضعة لمصر، هنا قرر المواجهة.
قاد الملك رمسيس الثالث، جيش مصر لتأديب تلك الشعوب التى أغارت على ليبيا وسواحلها، وحاولوا غزو مصر، وانتصر على سفنهم الكبيرة، فى معركة بحرية، كما استطاع جيش مصر من أن يسحق هؤلاء، على الأرض، وأسر عددا كبيرا منهم، وقدمهم عبيدا للمعابد المصرية، وبسط نفوذه على ليبيا، بالكامل، وسجل هذه الانتصارات الصاخبة على جدران معبد «هابو».
وأكد عدد كبير من المؤرخين أن تلك المعركة، تعد أول معركة بحرية بمفهومها الشامل، فى التاريخ.
المعركة وتفاصيلها، مسجلة على جدران معبد هابو بالأقصر، وتسرد كيف حاول أعداء مصر، تهديد حدودها، برا وبحرا، وكيف استعد الملك رمسيس الثالث، للمواجهة، وتأديب شعوب البحر، كما صورت، مشاهد قتال المصريين فوق سفنهم وهروب الأعداء من أمامهم كالفئران المذعورة عقب تحطم أسطولهم.
الآن وبعد مرور ما يقرب من 5 آلاف سنة، تعاد الكرة، ونفس التهديدات، من الأتراك، مقطوعى النسب والهوية، وأصحاب وطن بالتبنى، لتهديد أمن مصر، وينتظر الجيش المصرى، لردع كل من تسول له نفسه تهديد حدود وثروات ومقدرات الوطن!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة