الخديو عباس حلمى: كرومر أشعرنى أنه منحنى العرش فأطحت برجاله من القصر

الأربعاء، 08 يناير 2020 08:00 م
الخديو عباس حلمى: كرومر أشعرنى أنه منحنى العرش فأطحت برجاله من القصر الخديو عباس حلمى الثانى
كتب أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تمر اليوم ذكرى تولى عباس حلمى الثانى حكم مصر، وكان ذلك فى مثل هذا اليوم 8 يناير من عام 1892م، خلفًا لوالده الخديوي توفيق الذي توفى فى اليوم السابق، ونستعرض خلال السطور المقبلة عبر كتاب "عهدى.. مذكرات عباس حلمى الثانى.. خديو مصر الأخير 1892 ـ1914". وروى عباس حلمى الثانى، تفاصيل مقابلته الولى مع اللورد كرومر عقب توليه السلطة، فيقول جاء ممثل إنجلترا لمقابلتى، بمجرد أن بدأت الأحداث، وكان لورد كرومر رجلا متوسط الطول، وله وجه يدل على الطاقة، ونظرة نافذة، وقالوا إنه مثقف، ورغم ذلك، فلم يكن هناك اى شعر فى حديثه، وكان رجلا عمليا بكل معنى الكلمة، ولم يأت أى سحر طبيعى لكى يصحح هذا المظهر من صفاته.

عباس حلمى الثانى (1)
عباس حلمى الثانى

وأوضح خلال مذكراته ""عهدى.. مذكرات عباس حلمى الثانى.. خديو مصر الأخير 1892 ـ1914"، أن كرومر كان خادما نشطًا لإنجلترا، ويخضع كل افعاله لمصالح بريطانيا العظمى، ودون أن يشغل نفسه بالمؤثرات التى يمكنها أن تؤثر على ضميره، وكان يميل إلى اعتبار كل ما لم يكن سوى آمال أنه حقوق، ويكمل "كانت مقابلتنا الأولى عادية ونظرًا لسنى الصغير، اعتبر ممثل إنجلترا أن من حقه أن يعطني توجيهات ونصائح، وقبلتها مع بعض الغضاضة، ولكنى عرفت أن هذه كانت مراسم شكلية للغاية، وتوقف اللورد النبيل عند اعتبارات غير محددة، وعلى موضوعات ثانوية.

وأشار عباس حلمى خلال حديثة عبر مذكراته، أن اللورد كرومر كان يصر بنوع خاص على نقطة بعينها، لافتا إلى أن حركة عرابى لم تكن قد أخمدت تمامًا بعد، وكان يكفى وقوع إحدى الحوادث، ولكى تظهر من جديد. ولذلك، فقد كان علىّ أن اكون حريصًا للغاية، وأن أتذكر بنوع خاص أننى إذا ما كنت على العرش، فإن ذلك يرجع إلى إنجلترا، التى أيدت حقوق أسرتى، وكان هذا المعنى يأتى بلا انقطاع فى محادثته.

عباس حلمى الثانى (1)
عباس حلمى الثانى

وتابع عباس حلمى، وكان ذلك بغيضًا على نفسى، خاصة وأنى كنت، وأنا صغير، قد شاهدت هذه الأحداث التى يحدثنى عنها، وكان دائما حاضرًا فى فكرى هذا البؤس الذى كان قد وقع بمصر بسبب جنون بعض الجنود غير المنضبطين، والذين وقعوا ضحية لبعض الناصائح الخبيثة، وكان هذا هو المناخ المسموم الذى تعيش فيه الجماهير غير المتعلمة، مدفوعة بشعور من الاتجاه الوطنى غير المحدد، ولكنها كانت تسير إلى أسوأ تطرف، مدفوعين ببعض الرؤساء المحنكين والطموحين، والذين كانوا فى الغالب يعملون لحساب بعض الشخصيات التى كان من مصلحتها نشر الفوضى والثورة فى الحكومة.

ولفت فى كتاب "عهدى.. مذكرات عباس حلمى الثانى.. خديو مصر الأخير 1892 ـ1914"، أن تلميحات المستمرة من جانب كرومر، إلى دور الحماية البريطانية، حين كانت يتحدث إلى والدى، تفتقر إلى الكرم، وحين ذكرها أمامى كانت غير لائقة، وزادت عن ذلك كثيرًا حينما كانت مصحوبة بالتهديد، والواقع أن لورد كرومر جعلنى أفهم أنه إذا ما أصررت على كرامتى، وعلى رفض الدور الصغير "كومبارس" الذى ترغب إنجلترا فى أن تتركه لى، فإنه سوف يدفع الشعب المصرى للوقوف ضدى.

عباس حلمى الثانى (2)
عباس حلمى الثانى 

وأكد عباس حلمى، أن مثل هذه التهديدات لم تؤثر فيه، خاصة وانه كان أعلم أن تحققها مستحيل، قائلا : كنت قد خلفت، وبطريقة نظامية، والدى، الخديو توفيق، والذى توفى وهو فى كامل ملكيته لعرشه ومخصصاته، ولذلك فإنه لم يكن علىّ شخصيًا أى التزام تجاه إنجلترا، حتى وإن قبلنا أن والدى كان عليه ذلك، بدعوى أنها كانت قد أطفأت الحريق، الذى كانت قد أشعلته، ولم يكن أمامى سوى العمل على النهوض بالبلاد، وتنظيم إدارتها، وأن ننشئ على أسس اكثر قوة، استقلالها الذى ضمنته أوربا أكثر من مائة مرة، والذى طالب به رجال الدولة الإنجليز المشهورون، دون توقف.

وتابع، لقد قررت دون تردد، أن اعيد تشكيل وزارتى، ولم اكن أرغب فى الاحتفاظ بمصطفى فهمى، الذى كانت تنازلاته تجاه إنجلترا تشبه ضعيفة كثيرًا، وكان موقفه مصبوع بالتسليم تجاه المحتلين.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة