لفت انتباهى صدور طبعة عربية من كتاب "قصيدة النثر .. من بودلير وحتى الوقت الراهن" لـ سوزان برنار، ترجمة راوية صادق ومراجعة وتقديم الشاعر الكبير رفعت سلام، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، هذا الكتاب الاستثنائى فى تاريخ الشعر فى العصر الحديث، الذى أثار جدلاً كبيراً منذ صدوره بالفرنسية، وكان له أثر كبير فى المثقفين العرب.
ينطلق الكتاب فى القسم الأول كون كبار شعراء المرحلة الثانية الرومانتيكية يربطون البحث عن أشكال جديدة فى التعبير بمفهوم ميتافيزيقى للشعر، ويعتبرون قصيدة النثر (عن وعى أو لا وعى) أداة تمرد ضد نظام كامل من الأعراف الاجتماعية والفنية، و"صيدا روحيا" - فى آن - وبحثا عن المجهول أو المطلق.
ويقول الكتاب سنرى فى العهد التالى ظهور اهتمامات مماثلة لدى أتباع "بوديلر" و"مالارمية"، وسيدور الحديث أكثر مما مضى، عن المعنى العميق والقيمة الميتافيزيقية للشعر: لقد ظهرت اندفاعة حاسمة، وولدت حركة، ستنتشر موجاتها دائما، منتصرة أبدا فى القوة والامتداد حتى الآن.
ورغم ذلك فيبدو أن هذا الجيل الرمزي قد انشغل -بشكل خاص- بالبعد التقنى والشكلى من المشكلة الشعرية: فقليلة هى العهود الأدبية التى شهدت مثل هذا التكاثر للكتابات النظرية، والمقالات، والمقدمات، والنشرات الهجائية، التى تقترح وتدرس تجديد الشكل الشعرى.
إن ازدهار الأشكال المتنوعة، التى شهدت ميلادها هذه الفترة الوجيزة، رغم ذلك، أشكال تنطلق من النثر الشعري إلى قصيدة النثر وإلى الشعر الحر، مرورا بعدة وسائط أخرى، لهو، ماتتميز به عن أشكال شديدة القرب منها.
ونستطيع, فى ختام هذه الفترة، أن ندرك- بشكل التى زودنا بها "رامبوا"، ومن ناحية أخرى، بفضل الإرشادات التى تستخلص من المحاولات العديدة للرمزيين. ومن هذا المزدوج عرف القرن العشرون كيف يستفيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة