كان نابليون بونابرت يشغل العالم كله في بدايات القرن التاسع عشر ، قائد عظيم أصابه النجاح ولحق به الفشل أيضا، يحمل كاريزما مهمه، جعلته دائما على ألسنة الناس وعلى أوراق المؤرخين، ومع ذلك لا نعرف الكثير عن "نابليون " والشعب، لكن من الواضح أنه كان يؤمن بـ قيمة الطبقة الإرستقراطية.
يقول نابليون بونابرت حسب كتاب "حكم نابليون" لـ محمد لطفى جمعة "لا بد للحكومة الملكية من أرستوقراطية (طبقة الأشراف) لتناصرها وتشد أزرها، لأن الملكية بلا أشراف كالسفينة بلا دفة، أوكالقباب الطيارة لا يدرى راكبها أين تذهب به الرياح، ولا يكون للأشراف قوة ونفوذ إلا إذا كانت أسرهم عريقة فى المجد والقدم، وهذا الذى عجزت عن إيجاده.
إن كل ما فى وسع الديموقراطية الحكيمة هو نشر لواء العدل على الجميع، وقد كانت خطة الحكومة فى هذه الأيام لا الانتفاع بالبقية الباقية من الأشراف واستعمال روح الديموقراطية وأشكالها، وكان من الضرورى أيضًا استعمال أسماء العظماء وأبطال التاريخ، وكانت هذه الوسائل ماسة لصبغ نظاماتنا وشرائعنا الجديدة بالصبغة القديمة.
كانت خططى وأعمالى معدة للتنفيذ والإنجاز، ولكننى لم أتمكن من ذلك لقصر الوقت، وكانت خطتى فى الانتفاع ببقايا الأشراف أن أرشح أبناء الوزراء والقواد إلى نيل لقب دوق على شرط أن يكون لديهم من الثروة والمتاع ما يناسب المقام السامى الذى يرفعون إليه، وكنت أرجو من هذه الطريق خيرًا كثيرًا؛ لأنها تقدم البعض وتملأ قلوب البعض الآخر بالأمانى والآمال، وبذلك تدب روح المنافسة النافعة بين الجميع بدون أدنى أذى. إنى واثق بأن الرتب والألقاب ألاعيب كألاعيب الأطفال، ولكنها ضرورية للحكومات.
إن الأمم القديمة الفاسدة لا يمكن حكمها بالطرق والقواعد التى تحكم بها الأمم الحديثة النشء، فإن كان فى الأمم القديمة واحد يضحى نفسه لأجل المنفعة العامة، فإن فيها آلافًا وملايين تحكمهم منافعهم وأغراضهم وشهواتهم. ومن الجنون أن يحاول المرء إصلاح مثل هذا الشعب فى يوم. إن حذق العامل كائن فى الانتفاع بما لديه من المواد واستخراج النفع مما يظنه الناظر فى أول وهلة خلوًا منه، وهذا هو السر فى إعادة الألقاب والرتب والوسامات، وفضلًا عن ذلك فإن لتلك الألاعيب منافع وليس لها مضار، لا سيما فى عصر المدنية الذى نحن فيه، فإن الألقاب تستلزم احترام الشعب لحائزيها وتستدعى احترام النفس لدى أصحابها، وهى ترضى الضعيف العاجز، ولا تؤذى القوى.