عدل صندوق النقد الدولى اليوم الثلاثاء، توقعاته لانكماش التجارة العالمية إلى نحو -10.4% خلال العام الحالى، وهى وتيرة مماثلة لما كانت عليه خلال الأزمة المالية العالمية عام 2009، وقالت "جيتا جوبيناث" كبيرة اقتصاديى الصندوق فى مؤتمر صحفي للكشف عن عدد أكتوبر من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، إن "النقد الدولي" رفع معدلا توقعاته السابقة بإنكماش -11.9% بنحو 1.5%، موضحا أن معدلات التجارة البينية بدأت في الانتعاش منذ يونيو الماضي مع تخفيف إجراءات الإغلاق حول العالم.
وأوضحت أن الصين مساهم مهم، حيث تعافت صادراتها من الانخفاضات العميقة في وقت سابق من العام، مدعومة بإعادة بدء النشاط وانتعاش قوي في الطلب الخارجي على المعدات الطبية ومعدات دعم التحول إلى العمل عن بعد.
وذكرت "جوبيناث" أن الانخفاض المتوقع في أحجام التجارة يعكس إلى حد كبير ضعف الطلب من المستهلكين والشركات في ظل الانكماش العالمي المتزامن، مضيفة أن القيود التجارية على سبيل المثال على الإمدادات الطبية، واضطرابات سلاسل التوريد تلعب أدوارا محدودة في تفسير الانهيار.
وأضافت أنه تماشيا مع الانتعاش المتوقع في النشاط العالمي، من المتوقع أن ينمو حجم التجارة بنحو 8.3% في عام 2021 وبنسبة تزيد قليلا عن 4% في المتوسط في السنوات اللاحقة.
وأكملت كبيرة اقتصاديي الصندوق أن أحجام التجارة الضعيفة تعكس جزئيا، التحولات المحتملة في سلاسل التوريد حيث تعيد الشركات دعم الإنتاج لتقليل نقاط الضعف من الاعتماد على المنتجين الأجانب.
وذكرت "جوبيناث" أنه من المتوقع أن تعاني جميع البلدان من انخفاضات كبيرة في الصادرات والواردات، فإن معدل التباطؤ غير متكافئ، حيث تظهر آفاق التجارة قاتمة بشكل خاص بالنسبة للاقتصادات المعتمدة على السياحة، إذ من المرجح أن تؤثر القيود المفروضة بسبب "كورونا" على السفر الدولي، إلى جانب خوف المستهلكين من العدوى، بشكل كبير على النشاط السياحي حتى في الحالات التي يبدو فيها الوباء ضعيفا في الوقت الحالي.
وأكدت أن بيانات ميزان المدفوعات للنصف الأول من العام الحالي تظهر انهيار صافي الإيرادات من السياحة والسفر في البلدان التي تلعب فيها هذه القطاعات دورا مهما.
ولفتت "جوبيناث" إلى أن مصدرو النفط عانوا من صدمة حادة في معدلات التبادل التجاري مع انخفاض أسعار النفط ويواجهون توقعات خارجية أكثر صعوبة.
من جانب آخر، قالت "جوبيناث" أنه على الرغم من التوصل لاتفاق المرحلة الأولى التجاري بين الولايات المتحدة والصين الذي تم توقيعه في بداية العام، لا تزال التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم مرتفعة على جبهات عديدة.
وأوضحت أن تعثر المفاوضات المتكرر بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي يلقي بظلاله على آفاق التجارة العالمية، إذ أن في حالة فشل الطرفين في التوصل لاتفاق سياسي وتجاري قبل موعد البريكست في 31 ديسمبر 2020 قد يرفع الحواجز التجارية بينهما بشكل كبير مما قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الأعمال وقد يؤدي إلى تعطل طويل الأمد لترتيبات الإنتاج عبر الحدود.
وأشارت إلى أن كل هذا يأتي بالإضافة إلى أن الجزء الأكبر من حواجز الرسوم الجمركية وغير الجمركية التي تم وضعها على مدى العامين الماضيين لا تزال قائمة.
كما رفع صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء، توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى (4.4-%) في تحسن من (4.9-%) في توقعات سابقة.
وقالت "جيتا جوبيناث" كبيرة اقتصاديي الصندوق مديرة إدارة البحوث في مؤتمر صحفي للكشف عن عدد أكتوبر من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، إنه من المتوقع تعافي نمو الناتج العالمي الإجمالي إلى 5.2% في 2021.
وأوضحت أنه بعد الانتعاش في عام 2021، من المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي تدريجيا إلى حوالي 3.5% في المدى المتوسط، وهذا يعني تقدما محدودا نحو اللحاق بمسار النشاط الاقتصادي للفترة 2020-2025 المتوقع قبل انتشار الوباء في اقتصادات الأسواق المتقدمة والناشئة والاقتصادات النامية.
وأرجعت "جوبيناث" الرفع الطفيف للتوقعات لنتائج الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من 2020 في الاقتصادات المتقدمة الكبيرة، وعودة الصين إلى النمو الذي جاء أقوى من المتوقع، وعلامات انتعاش أسرع في الربع الثالث من العام الجاري.
وأوضحت أنه كان متوقعا أن يكون التعافي أضعف بكثير لولا الاستجابات المالية والنقدية والتنظيمية الضخمة والسريعة وغير المسبوقة التي حافظت على الدخل المتاح للأسر، وحماية التدفق النقدي للشركات، ودعم توفير الإئتمان.
وأكدت أن هذه الإجراءات مجتمعة حالت حتى الآن دون تكرار الكارثة المالية في 2008-2009، مضيفة أن طريق العودة بالنسبة للاقتصاد العالمي لسابق عهده سيكون رحلة طويلة وغير متكافئة وتتزايد بها حالة عدم اليقين.
وذكرت "جوبيناث" أنه مقارنة بتوقعات سابقة في يونيو الماضي، ساءت آفاق النمو بشكل كبير في بعض الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية إذ ترتفع الإصابات بسرعة، حيث من المتوقع أن تتكبد اقتصادات الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، باستثناء الصين، خسارة أكبر في الإنتاج خلال الفترة 2020-2021 مقارنة بالمسار المتوقع قبل الجائحة مقارنة بالاقتصادات المتقدمة، فيما تؤدي حالات التعافي غير المتكافئة إلى تفاقم آفاق التقارب العالمي في مستويات الدخل بشكل كبير.
ولفتت إلى أن الانتعاش غير مضمون بينما تستمر الجائحة في الانتشار، خاصة مع تزايد حالات الإصابة في الأماكن التي قللت من انتقال العدوى المحلية إلى مستويات منخفضة، ما أجبر عمليات إعادة الفتح على التوقف مؤقتا، وتمت إعادة عمليات الإغلاق المستهدفة.
وأشارت "جوبيناث" إلى أن الاقتصادات تواجه مسارات صعبة للعودة إلى مستويات ما قبل "كوفيد-19"، موضحة أن منع المزيد من الانتكاسات سيتطلب عدم سحب السياسات المالية الداعمة قبل أوانها، كما سيتطلب المسار المقبل سياسات محلية ماهرة تدير المفاضلات بين رفع النشاط على المدى القريب والتصدي للتحديات متوسطة الأجل.
وأوضحت "جوبيناث" أنه لولا الدعم السياسي الهائل حول العالم لكانت الأرقام القاتمة التي تشير إلى الركود الناجم عن "كوفيد-19" ستشكل نتائجا أسوأ بكثير.
وأضافت أن تدابير الإيرادات والإنفاق التقديرية المعلنة حتى الآن في الاقتصادات المتقدمة تبلغ أكثر من 9% من الناتج المحلي الإجمالي، مع 11% أخرى في أشكال مختلفة من دعم السيولة، بما في ذلك ضخ الأسهم وشراء الأصول والقروض وضمانات الائتمان.
وأشارت إلى أن الاستجابة في اقتصادات الأسواق الصاعدة والبلدان النامية أصغر لكنها لا تزال كبيرة، إذ تمثل حوالي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي في تدابير الميزانية التقديرية وأكثر من 2% في دعم السيولة.
وشددت على أن الحفاظ على الانتعاش سيتطلب أيضا تعاونا دوليا قويا في مجال الصحة والدعم المالي للبلدان التي تواجه نقصا في السيولة، لافتة إلى أن العثور على المزيج الصحيح من السياسات أمر شاق، لكن تجربة الأشهر القليلة الماضية توفر أسبابا للتفاؤل الحذر بإمكانية تحقيق الأولويات من حماية لرأس المال البشري ومؤشرات الاقتصاد العالمي.
وأوضحت أنه يجب تصميم سياسات الدعم على المدى القريب بهدف وضع الاقتصادات على مسارات نمو أقوى وعادل ومستدام، فيمكن لواضعي السياسات أن يهدفوا في الوقت نفسه إلى التخفيف من تغير المناخ وتعزيز التعافي من أزمة "كوفيد-19".
وأشارت إلى أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال حزمة شاملة تتضمن دفعة كبيرة للبنية التحتية العامة الخضراء، والارتفاع التدريجي في أسعار الكربون، وتعويض الأسر ذات الدخل المنخفض لجعل الانتقال عادلا، وبشكل عام، يمكن لتوسيع شبكة الأمان حيث توجد فجوات أن يضمن حماية الفئات الأكثر ضعفا مع دعم النشاط على المدى القريب.
ولفتت "جوبيناث" أنه في العديد من الاقتصادات المتقدمة حيث ظل الدخل المتاح مستقرا نسبيا حتى مع انهيار الناتج المحلي الإجمالي المسجل، ساعد الاستثمارات في الصحة والتعليم بما في ذلك معالجة الخسائر المتكبدة أثناء الوباء، في تحقيق نمو تشاركي وشامل.