أكدت الهيئة العامة للاستعلامات أن الجمعيات الأهلية، والمنظمات غير الحكومية يعتبرها النظام القطرى أداة يستغلها للتدخل فى شئون الدول الأخرى عبر تمويل منظمات متطرفة، وجمعيات مشبوهة، مضيفة :" حدث هذا التدخل القطرى فى العديد من الدول العربية والاسلامية، بل فى أوروبا والغرب عمومًا مستغلًا فى ذلك القوانين الموجودة فى هذه الدول والتى تستهدف بالأساس تقوية المجتمع المدنى ومؤسساته لصالح التنمية والتقدم فى هذه المجتمعات كطرف ثالث فى معادلة التنمية الشاملة إلى جانب كلًا من القطاع الحكومى العام، والقطاع الخاص".
وأضافت هيئة الاستعلامات فى دراسة متخصصة لها، أنه فى المقابل، كبلت السلطة الحاكمة فى قطر شعبها بسياج محكم من الضوابط والمحظورات التى جعلت من إنشاء جمعية أهلية أمرًا صعبًا للغاية، ومن ممارستها لعملها دربًا من المستحيل، لافتة إلى أن الجمعيات فى قطر لم تعرف سوى "مؤسسة قطر الخيرية" وهى مؤسسة حكومية فى حقيقتها وليست أهلية، استخدمها الأمير وحاشيته أداة لنشر الفوضى وتشجيع التطرف فى أنحاء العالم حتى أصبح اسمها مرادفًا "للإرهاب".
فى هذه الدراسة المتخصصة التى أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات تتضح أشكال شتى من القيود التى وضعتها السلطات فى قطر لتقييد ومنع العمل الأهلى.
** محاولة إشهار الجمعيات.. مغامرة مستحيلة تنتهى بالرفض
فى الوقت الذى تتجه فيه دول العالم إلى تيسير إجراءات تأسيس الجمعيات، وثبوت الشخصية المعنوية لها بمجرد الأخـطار، إلا أن السلطات فى قـطر مازالت تتعسف فى ثبوت الشخـصية المعنوية، وتتمسك بعدم ثبوت الشخصية المعنوية إلا بعد موافقة الوزير على طلب التسجيل بعد عرضه على رئيس مجلس الوزراء، وقيام الوزارة بإجراءات الشهر، حيث تنص المادة (8) من قانون رقم 12 لسنة 2004 بشأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة على أن " تكون موافقة الوزارة على طلب التسجيل والشهر بقرار يصدره الوزير بعد العرض على رئيس مجلس الوزراء، وتُسجل الجمعية فى سجل خاص بالوزارة، يبين فيه على الأخص، أسمها ومقرها وأغراضها ومدتها وسنتها المالية، وأسماء أعضاء اللجنة المؤقتة، وعدد أعضاء مجلس الإدارة، ومن يمثلها قانونًا.
وتتولى الوزارة شهر الجمعية التى يتم تسجيلها بنشر عقد تأسيسها ونظامها الأساسى فى الجريدة الرسمية وإصدار شهادة تسجيل موقعه من الوزير. ويجب تسجيل وشهر أى تعديل فى النظام الأساسى للجمعية وفقًا لأحكام هذا القانون".
**العودة للوزير ... كعب داير
بعد موافقة الوزير – إذا وافق أصلًا ... وغالبا لا ينظر ولا ينظر غالبًا فى أى طلب - تستطيع الوزارة وقف إجراءات الشهر، وبالتالى لا تكتسب الجمعية الشخصية الاعتبارية، حيث علق القانون اكتساب الشخصية المعنوية على التسجيل والشهر، ومنح الوزارة المختصة سلطة الشهر، أى يعود اكتساب الجمعية الشخصية الاعتبارية فى يد الوزارة مرة أخرى، حيث تنص المادة (9) من القانون على أن " تكتسب الجمعية الشخصية الاعتبارية بمجرد إتمام عمليتى التسجيل والشهر وفقا لأحكام هذا القانون".
**دولة التجاهل..!
مثل العديد من القوانين العجيبة فى دويلة قطر التى يخضع شعبها لنوع من الحكم انقرض منذ عصور سحيقة، فإن " التجاهل " مدرسة حكام قطر فى الحكم والإدارة تجاه الشعب، فقد نص قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أن سلطة الوزارة لاتكتفى برفض طلب المواطنين الراغبين فى إنشاء جمعية أهلية، بل جعل القانون عدم الرد بمثابة رفض، أى أن الوزارة لا يلزمها أى أجراء فى حالة الرفض إلا أن تتجاهل الطلب ولا ترد عليه، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة (7) من هذا القانون على أن " للوزارة خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم طلب التسجيل والشهر، ووفقًا لمقتضيات المصلحة العامة، أن ترفض هذا الطلب بقرار مسبب، أو أن تطلب إدخال ما تراه ضروريًا من تعديلات على النظام الأساسي. ويُعتبر مضى هذه المدة دون رد بمثابة رفض ضمنى للطلب المشار إليه".
**التظلم إلى الظالم !!!
سمح المشرع القطرى للمواطنين الراغبين فى تكوين جمعية أهلية بالتظلم من الرفض أو عدم الرد من طلب التسجيل أمام الوزير نفسه الذى أصدر قرار الرفض، حيث تنص الفقرة الثانية من المادة (7) من هذا القانون على أن " وللمؤسسين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ إخطارهم بقرار الرفض، أو التعديل، أو من تاريخ الرفض الضمنى، التظلم إلى الوزير الذى يعرضه، مشفوعًا برأيه، على مجلس الوزراء خلال الثلاثين يومًا التالية. ويكون القرار الصادر من مجلس الوزراء بالبت فى التظلم نهائيًا.
** الجمعيات عرضة للحل و"الحجر" تبعًا لأهواء السلطة القطرية
على الرغم من أن الجمعية لا تملك الحصول على أى أموال إلا بعد الحصول على موافقة من الوزارة، لم يطلق المشرع حق الجمعية فى استثمار أموالها، بل منع الجمعية من استثمار أموالها إلا بعد موافقة الوزارة، حيث تنص المادة (27) من هذا القانون على أن " يجوز للجمعية، بعد موافقة الوزارة، وبما لا يتعارض مع أغراضها استثمار الفائض من أموالها داخل الدولة بما يساعدها على تمويل أنشطتها".
كما منح القانون الوزير سلطة حل الجمعية بقرار وزارى، فى ثلاث حالات، أبرزهم مخالفة أى حكم من الأحكام الواردة فى هذا القانون أو النظام الأساسى للجمعية، حيث تنص المادة (35) من القانون على أن " للوزير بقرار منه حل الجمعية فى إحدى الحالات الآتية: نقص عدد أعضائها عن عشرين عضوًا.
**مخالفة أحكام هذا القانون أو نظامها الأساسي.
الاشتغال بالأمور السياسية
ويجوز للوزير، بدلًا من حل الجمعية، إيقاف مجلس إدارتها عن العمل وتعيين مجلس إدارة مؤقت لها، لمدة لا تجاوز سنة، إذا كان ذلك من شأنه أن يخدم المصلحة العامة، ويحقق أغراض الجمعية، وتطبق بالنسبة للقرار الذى يصدره الوزير بحل الجمعية، أو تعيين مجلس الإدارة المؤقت، قواعد التظلم المنصوص عليها فى المادة (7) من هذا القانون.
**الحبس والغرامة لترهيب الراغبين فى ممارسة النشاط الأهلي
على الرغم من ترسانة العقوبات المنصوص عليه فى قانون العقوبات القطرى، إلا أن المشرع القطرى لم يكتف بكل هذه العقوبات، ووضع عقوبات سالبة للحرية لخمس جرائم فى هذا القانون بالإضافة إلى العقوبات الأخرى المنصوص عليه فى أى قانون أخر، حيث تنص المادة (43) من القانون على أن " مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها قانون آخر، يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تجاوز سنة وبالغرامة لا تقل عن خمسة عشر ألف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من: باشر نشاطًا للجمعية أو المؤسسة الخاصة قبل تسجيلها وشهرها، طبقًا لأحكام هذا القانون، وباشر نشاطًا محظورًا على الجمعية أو المؤسسة الخاصة أو نشاطًا يُخالف الغرض الذى أنشئت من أجله، أو أنفق أموالها فيما لا يحقق هذا الغرض، أو دخل بأموالها فى مضاربات مالية، وواصل نشاط جمعية أو مؤسسة خاصة رغم صدور قرار بحلها مع علمه بذلك، جمع تبرعات لحساب جمعية أو مؤسسة خاصة على خلاف أحكام هذا القانون، وفى هذه الحالة يُحكم بمصادرة التبرعات.