انتفاضة غضب تقودها السلطات الفرنسية منذ ما يقرب من أسبوع ضد الجماعات والهيئات المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية والتي لديها أفكار وتوجهات متطرفة، في رد حاسم وسريع على جريمة ذبح أستاذ التاريخ الفرنسي، صامويل باتي، مساء الجمعة الماضية، فى وقت تلقت فيه إحدى الصحف الفرنسية تهديدات على خلفية إعادة نشرها الرسوم المسيئة للنبي محمد.
وقال صحفي يعمل في صحيفة لا نوفيل ريبوبليك الفرنسية الإقليمية صباح اليوم الأربعاء، إنها تلقت تهديدات على وسائل التواصل الاجتماعي بعدما نشرت رسما كاريكاتيريا للنبي محمد على صفحتها الأولى. ونشرت الصحيفة في 18 أكتوبر رسما مسيئا للنبي محمد كانت مجلة شارلي إبدو الساخرة قد نشرته في وقت سابق.
وقال الصحفي كريستوف إيريجو لقناة بي.اف.إم اليوم الأربعاء: "كانت هناك أربعة أو خمسة تهديدات، خاصة على فيسبوك، مما دفعنا لتقديم شكوى قضائية باعتبارها مسألة مبدأ".
وقالت وسائل إعلام فرنسية إن 7 أشخاص بينهم قاصران سيمثلون الأربعاء أمام قاضي تحقيق مختص بقضايا الإرهاب في قضية الاعتداء الذي راح ضحيته "باتي"، حيث ينظر المحققون بشكل خاص في رسائل تبادلها القاتل على واتس اب مع أب تلميذة لمعرفة ما إذا كان تواطأ معه.
ويمهد التحقيق أمام فريق المحققين المختص بقضايا الإرهاب الطريق أمام فتح دعوى قضائية، حيث قال مصدر لوكالة الأنباء الفرنسية إن الأشخاص السبعة هم قاصران، يشتبه بأنهما قبضا مبلغا ماليا من القاتل لقاء تزويده بمعلومات عن الضحية، ووالد تلميذة شن حملة ضد المدرّس، والداعية المتطرف عبد الحكيم الصفريوي، وثلاثة أصدقاء للجاني يشتبه في أنهم أقلوه أو رافقوه حين ابتاع سلاحا.
وينظر المحققون بشكل خاص في رسائل تبادلها على تطبيق واتساب أب التلميذة مع الجاني لمعرفة ما إذا كان الأب قد تواطأ مع القاتل.
فى المقابل قررت السلطات ليل الثلاثاء إخلاء سبيل تسعة أشخاص آخرين كانوا موقوفين على ذمّة هذه القضية.
وتعرض الأستاذ صامويل باتي، 47 عاما وهو رب عائلة، الجمعة لاعتداء بشع بقطع رأسه قرب مدرسة يدرّس فيها مادتي التاريخ والجغرافيا بحي هادئ في منطقة "كونفلان سانت -أونورين"، في الضاحية الغربية لباريس.
وأفادت الشرطة أن الجاني لاجئ روسي من أصل شيشاني يبلغ من العمر 18 عاما.
ضحية الذبح صامويل باتي
وقتل المدرس لعرضه على تلاميذه رسوما كاريكاتورية مسيئة تمثل النبي محمد أثناء درس عن حرية التعبير.
ومساء الثلاثاء، عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمرا صحفيا بعد اجتماع أمني بمدينة بوبيني شمال باريس، تعهد خلاله بتكثيف التحركات ضد المتطرفين بعد مقتل المدرس صامويل باتي.
وأعلن ماكرون أن جماعة الشيخ "أحمد ياسين" الموالية لحركة حماس والضالعة مباشرة في الاعتداء سيتم حلها، وسيتم اتخاذ إجراءات مماثلة بحق جماعات مشابهة لها.
وقال ماكرون في كلمة مقتضبة في بوبيني شمال باريس بعد ترؤسه اجتماعا أمنيا مع وحدة مكافحة الإسلام السياسي إن "قرارات مماثلة بحق جمعيات وجماعات تضم أفرادا ستصدر في الأيام والأسابيع المقبلة".
وبحسب ما نشرته وكالة رويترز، قال مصدر من نقابة الشرطة الفرنسية إن فرنسا تستعد لطرد 231 أجنبيا مدرجين على قائمة المراقبة الحكومية للاشتباه في أنهم يتبنون فكرا دينيا متطرفا. فيما كشفت إذاعة أوروبا 1 في وقت سابق أن وزير الداخلية جيرالد دارمانان طلب من مسؤولي الشرطة المحليين إصدار أوامر الطرد في اجتماع عقد عصر الأحد.
ومن بين الـ231 شخصا المراد ترحيلهم، يقبع في سجون فرنسا حاليا نحو 180. وسيتم توقيف 51 آخرين خلال الساعات المقبلة، وفقا للإذاعة. وبالفعل، نفذت الشرطة الفرنسية صباح الإثنين عمليات توقيف ضد "عشرات الأفراد" المرتبطين بالتيار الإسلامي.
وطالب دارمانان أمام مجلس الدفاع الفرنسي، بإعادة النظر في ملفات طلب اللجوء، معربا عن آماله في أن تتوقف بلاده عن استقبال طالبي اللجوء القادمين من بعض البلدان.
وأثار الحادث الصادم ردود فعل واسعة داخل وخارج فرنسا، خاصة مع تزامنه مع مراجعات أمنية شاملة كانت تجريها السلطات الفرنسية للكيانات والجماعات المرتبطة بجماعة الإخوان الإرهابية، وبمقدمتها المعهد الأوروبي للعلوم الذي تموله إمارة قطر، ويقدم ظاهريا خدمات تعليميه لأبناء الجاليات ذات الأصول العربية والمسلمة، ويديره مسئولون تربطهم علاقات وثيقة بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان.
ومنتصف الأسبوع الجاري، أعلن وزير التعليم الفرنسي جون ميشيل بلانكير منح اسم المدرس صامويل باتي، وسام جوقة الشرف وهو أعلى وسام في فرنسا. ومن المقرر أن تقام مراسم التكريم للضحية في جامعة السوربون.