تمر هذه الأيام الذكرى الـ150 على ميلاد الشاعر والأديب الروسى الشهير إيفان أليكسييفيتش بونين، وأول أديب روسى حائز جائزة نوبل فى الأدب عام 1933، إذ ولد فى فى 22 أكتوبر عام 1870 فى مدينة فورونيج، حيث عاش 3 أعوام، وقدمت روسيا لـ"بونين" متحفا باسمه العام الحالى 2020، وهو أول متحف لإيفان بونين فى روسيا، إذ أنه لم يمتلك منزلا فى روسيا ولا خارجها وكان ينتقل من منطقة روسية إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى ومن بلد إلى آخر دون أن يستقر فى مكان واحد.
وقد اتسمت أعماله النثرية بعد هذه الجولة بصبغة جديدة تشيع فيها التلاوين الصارخة وكأنها لوحات زيتية، وقد منحته أكاديمية العلوم الروسية جائزة بوشكين الثانية فى عام 1909 لقاء قصة "ظل الطير" وغيرها التى صدرت فى تلك الفترة ولترجمته اسعار بايرون إلى اللغة الروسية.وانتخب بونين فى العام نفسه لنيل لقب أكاديمى شرف.
وأثارت روايته القصيرة" القرية" التى نشرت فى عام 1910 ضجة كبيرة فى الاوساط الأدبية وتعتبر بداية شهرة بونين الواسعة فى روسيا وخارجها. وكانت بداية نشر مجموعة من الروايات والقصص الأخرى التى " صورت الروح الروسية وأسسها المضيئة والقاتمة وحتى المأساوية فى غالب الاحيان" حسب قوله.
وتعود أصول إيفان إلى أسرة نبيلة، إذ تنتمى أسرة بونين إلى جذور عريقة تعود أصولها إلى سلالة القياصرة الروس الأوائل، وضمت الشاعر الروسى المشهور للقرن الـ19 ومدرس الإمبراطور ألكسندر الثاني، فاسيلى جوكوفسكى وعددا كبيرا من القادة العسكريين والأدباء والمثقفين المنورين الروس. وأسماه معاصروه آخر شاعر بين النبلاء وآخر نبيل بين الشعراء.
وتنقسم حياته إلى شطرين: الأول قضاه فى روسيا (1870 – 1920) أبدع بونين عددا كبيرا من القصص والقصائد التى انضمت فيما بعد إلى كنز روائع الشعر الروسى، وقام بونين مطلع القرن الـ20 مع زوجته مورومتسيفا – بونينا، بالحج إلى الأماكن المقدسة فى فلسطين وزار بلدان الشرق الكثيرة، بما فيها فلسطين وسوريا وأبدع أجمل الأشعار عن العرب والمسلمين حيث تمكن من التوغل فى أعماق نفس العربى والمسلم حين كتب فى قصيدته "أحفاد النبي":
ما أكثر الممالك والحكام
لكننا نحب البساتينْ،
ما أجمل المقاهى والحانات،
فعيننا قريرة بالميادينْ.
والحق أن تلتمس الراحة بالصلاة،
فإن خالقنا يحب المؤمنينْ
سبحانه تعالى عز وجل
لا يقبل من الكافرين بالزكاة.
وإذا مدحوك فقل: الله أكبر،
وإن حسبوك فردد الحمد لله،
ولا تكون كالحرباء
تلبس لكل حالة لبوسها.
أما الجزء الثانى من حياته (أعوام 1920 - 1953) فهو المهجر فى فرنسا وشاطئها الجنوبى وعاصمتها باريس حيث أبدع روايته المشهورة "حياة أرسينيف" ومجموعة القصص عن الحب" الدروب الظليلة" التى نال لقاء تأليفها عام 1933 جائزة نوبل فى الأدب.
وتوفى إيفان بونين فى نوفمبر عام 1953 فى باريس، ومن سخرية القدر يصادف عام ولادته عام ولادة لينين الذى أجبره على مغادرة الوطن، كما يصادف عام وفاته عام وفاة ستالين الذى دعاه للعودة ، لكنه لم يقبل.