قرأت لك.. "القاهرة وما فيها" حكايات وأمكنة وأزمنة وسط البلد

السبت، 31 أكتوبر 2020 07:00 ص
قرأت لك.. "القاهرة وما فيها" حكايات وأمكنة وأزمنة وسط البلد القاهرة وما فيها
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقرأ معا كتاب "القاهرة وما فيها" لـ الكاتب الراحل مكاوى سعيد، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية، ويلقى الكتاب الضوء على حكايات وأمكنة وأزمنة القاهرة عبر سنواتها المختلفة ويرصد التغيرات والتحولات التى لحقت بها.
 
وفى المقدمة يقول "مكاوى سعيد" لماذا القاهرة، وقد كُتب عنها آلاف الكتب والدراسات من مصريين وأجانب في العصر الحديث على الأقل، هل لأنها أكبر مدينة عربية من حيث المساحة وعدد السكان! هل لأنها من أكثر المدن تنوعا ثقافيا وحضاريا، حيث مرت بالعديد من الحقب التاريخية ولا تزال باقية بها آثار شتى من معالم العالم القديم والحديث! أم لأنها عاصمة الوطن العربي كما يقول البعض، ومركز الكون كما يغالي بعضهم، أو لأنها عاصمة مصر أم الدنيا كما علمونا وفطمونا عليها منذ الميلاد؟ أنا أحب القاهرة لأني وُلدت في عاصمتها الفخرية "منطقة وسط البلد"، التي عشقت أماكنها وتاريخها وأرواح ساكنيها الراحلين التي تجوب طرقها وأسبلتها كل ليلة، والمقيمين فيها الذين يتجولون ويتجادلون ويضيفون إليها أو ينتقصون منها، وكتبت عنها كتابي "مقتنيات وسط البلد".
 
القاهرة وما فيها
 
 وعندما اكتمل كتابي هذا أسميته "القاهرة وما فيها" امتنانا لهذه البقعة المباركة، التي عشنا فيها وتنسمنا نسيمها وارتوينا من عشقها وعاصرنا تحولاتها وتأسينا على ما يجري لها، والكتاب لا يتناول أحداثًا تاريخية بعينها ولا حوادث سارة أو مفجعة بذاتها، إنما هو يجري كمياه المطر كيفما اتفق، بما يحويه من مقالات وتدوينات الكتب والأخبار، وما كتبه الأجانب والمصريون والمتمصرون عن القاهرة في عهد الفاطميين وعن القاهرة الخديوية، وعن السلاطين والملوك فيما قبل عصر ثورة يوليو 1952، وفيما حدث بعدها وصولا أحيانا إلى عصرنا الحالي، في السياسة والفن والمعمار والطرائف والحوادث المفجعة، عن فنانين أحببناهم كالريحاني وأم كلثوم ومحمد فوزي وبيرم التونسي ومحمد كريم وآخرين.. عن المسرح المصري منذ نشأته الأولى والسينما التي دخلتها قبل أي بلد آخر في الشرق الأوسط، والكتاب لا يحمل إدانة لأحد، بقدر ما يقدم حوادث حدثت بالفعل بأدلتها التي شكّلها وجه القاهرة المبهر الذي يعرفه العالم كله.
 
ويتضمن الكتاب معلومات قد لا يعرفها الكثيرون، وصورًا نادرة للتدليل على أهميتها وقيمتها، وإضاءة على موهوبين أثروا حياة القاهرة الفنية، ثم غابوا ونأى الزمن بهم فلم يعد يذكرهم أحد، أو يتذكر ما قدموه لهذا البلد ولهذا الوطن، وهل نالوا منه ما يستحقون أم غبنوا؟ وقد نكبت مصر والقاهرة على مدار الزمن المعيش بمن استولى على آثارها أو دمرها أو زور تواريخها عمدًا أو دونما قصد..
 
فقد مرت علينا أزمان كان فيها الغرب على مدى قرنين من الزمان ينتهك مئات الألوف من المومياوات المصرية «رفات أجدادنا» لطحنها وبيعها لأثرياء الغرب تحت دعوى أنها مقويات جنسية، هذا غير البرديات التي كانوا يشترونها من التجار بأبخس الأسعار، والتجار الجشعون الذين كانوا يقسمون البردية الواحدة إلى عدة أقسام ويبيعونها لمشترين مختلفين لكي يربحوا! وتسببوا نتيجة لذلك في فقد وضياع آلاف البرديات التي تحمل ذكريات وتواريخ الأجداد، ثم الفلاحات الجاهلات اللواتي كُنَّ يُحمين الفرن «يحرقون البرديات داخل فرن العجين» لتسوية الخبز! فتخيلوا كم ضاع من تاريخنا غير المسجل، وكم خسرنا وخسر العالم من ضياع هذه الكنوز.. وصولاً إلى تاريخنا المعاصر.. فكما تعلم أيها القارئ الكريم أن تاريخ التصوير الفوتوغرافي «واسمه العلمي التصوير بالضوء» بدأ تقريبا في عام 1840م، وخلال سنوات قلائل انطلق عشرات المصورين إلى مصر ليصوروا أجواء الشرق التي فتنت أوروبا.. ثم أقام بعضهم وغالبيتهم من الأرمن على أرض مصر وصوروا معالم وأشخاصًا مصريين صورا جميلة ونادرة، وكانوا يستظهرون تلك الصور على الزجاج باستخدام «نترات الفضة»، بعضهم عند التقاعد منحوا نيجاتيف هذه الصور لمؤسسات علمية في مصر، كالجامعة الأمريكية والمعهد الفرنسي والمركز البريطاني والإسباني وغيرها، وبهذا – لحسن الحظ-حفظوا لنا هذه الكنوز، مع ملاحظة أن بعض هذه المؤسسات صارت تتقاضى أموالا عند منح حقوق هذه الصور للمصريين «أصحاب الحق الأصلي» باعتبارها مالكة للنيجاتيف، دون اعتبار إلى أن الأشخاص والمعالم مصرية والأرض التي تم التصوير فيها مصرية، ولم يدفع المصور لأحد مقابل أخذ هذه اللقطات لمن صوره إلا بعض الفتات، فقد كان الأهالي فقراء ومساكين يرضيهم أقل القليل، وأمل أن يُمنح المصريون مستقبلاً حق استخدام صور أجدادهم وممتلكاتهم مجانًا.. وبعض هؤلاء المصورين ماتوا للأسف دون أن يتنازلوا عن «النيجاتيف» للمؤسسات التي ستحافظ على هذه الأصول، فباعت أسرهم هذه الأصول لبائعي الروبابيكيا الذين لم يدركوا أهميتها، واعتبروها قطعًا من الزجاج! فأزالوا الصور السلبية للحصول على كميات من الفضة ضئيلة جدا، الناتجة عن استخلاص نترات الفضة، وباعوا الزجاج بأبخس الأسعار.
 
وهكذا خسرنا تاريخنا وذكرياتنا بسبب هذا الجشع الساذج، ناهيك عن أننا من أوائل الدول التي اهتمت بالسينما في أول عهدها، وها هي 100 عام قد مرت على ريادتنا هذه في الشرق الأوسط كانت حصيلتنا السينمائية فيه 5000 فيلم، الموجود حاليا في عام 2017 حسب قول د. خالد عبد الجليل مستشار وزير الثقافة للسينما 365 فيلما فقط تملكها وزارة الثقافة! والباقي تملكه شركات فنية عربية! بخلاف الأفلام التي ضاعت وفُقدت.
 
وقبلما تضيع ذكرياتنا وتواريخنا الشفهية وحواديتنا، أرى أن نعيد نشرها والكتابة عنها، فهي تاريخنا الحقيقي غير المكتوب، وقد اجتهدت في تسجيل بعضه عن طريق الكتب والصحف والمعايشة والأحاديث الشخصية مع مخضرمين، وأتمنى أن يرضيكم ما أوردته في هذا الكتاب.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة