نواصل مع سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ما جرى له بعد رحلته إلى الطائف، وما لاقاه فى طريق العودة ودخوله مكة، فما الذى يقوله التراث الإسلامي فى ذلك؟.
يقول كتاب البداية والنهاية لـ الحافظ ابن كثير تحت عنوان "فصل سماع الجن لقراءة رسول الله عليه الصلاة والسلام"
وقد ذكر محمد بن إسحاق سماع الجن لقراءة رسول الله ﷺ، وذلك مرجعه من الطائف حين بات بنخلة وصلى بأصحابه الصبح، فاستمع الجن الذين صرفوا إليه قراءته هنالك.
قال ابن إسحاق: وكانوا سبعة نفر من جن أهل نصيبين وأنزل الله تعالى فيهم قوله: "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرا مِنَ الْجِنِّ" [الأحقاف: قلت: وقد تكلمنا على ذلك مستقصى فى التفسير، وتقدم قطعة من ذلك والله أعلم.
ثم دخل رسول الله ﷺ مكة مرجعه من الطائف فى جوار المطعم بن عدى، وازداد قومه عليه حنقا وغيظا وجرأةً وتكذيبا وعنادا، والله المستعان وعليه التكلان.
وقد ذكر الأموى فى (مغازيه): أن رسول الله ﷺ بعث أريقط إلى الأخنس بن شريق، فطلب منه أن يجيره بمكة.
فقال: إن حليف قريش لا يجير على صميمها، ثم بعثه إلى سهيل بن عمرو ليجيره فقال: إن بنى عامر بن لؤى لا تجير على بنى كعب بن لؤى، فبعثه إلى المطعم بن عدى ليجيره فقال: نعم قل له: فليأت.
فذهب إليه رسول الله ﷺ فبات عنده تلك الليلة، فلما أصبح خرج معه هو وبنوه ستة - أو سبعة - متقلدى السيوف جميعا، فدخلوا المسجد وقال لرسول الله ﷺ: طف واحتبوا بحمائل سيوفهم فى المطاف، فأقبل أبو سفيان إلى مطعم فقال: أمجير أو تابع؟
قال: لا بل مجير.
قال: إذا لا تخفر، فجلس معه حتى قضى رسول الله ﷺ طوافه، فلما انصرف انصرفوا معه وذهب أبو سفيان إلى مجلسه.
قال: فمكث أياما، ثم أذن له فى الهجرة فلما هاجر رسول الله ﷺ إلى المدينة توفى مطعم بن عدى بعده بيسير.
فقال حسان بن ثابت: والله لأرثينه فقال فيما قال:
فلو كان مجد مخلد اليوم واحد * من الناس نحى مجده اليوم مطعما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا * عبادك ما لبى محل وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها * وقحطان أو باقى بقية جرهما
لقالوا هو الموفى بخفرة جاره * وذمته يوما إذا ما تجشما
وما تطلع الشمس المنيرة فوقهم * على مثله فيهم أعز وأكرما
إباءً إذا يأبى وألين شيمة * وأنوم عن جار إذا الليل أظلما
قلت: ولهذا قال النبى ﷺ يوم أسارى بدر: "لو كان المطعم بن عدى حيا ثم سألنى فى هؤلاء النقباء لوهبتهم له"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة