"دقت ساعة مجلس الشيوخ"، أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق أعمال الغرفة التشريعية الثانية بعد دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي المجلس للانعقاد لدور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول يوم الأحد 18 أكتوبر ، ليكون أول مجلس للشيوخ بعد التعديلات الدستورية التي أجريت عام 2019، والتي أعادته للحياة النيابية من جديد بعدما أسفرت التجربة العملية في ظل قصر دستور 2014 السلطة التشريعية علي مجلس النواب، مدى أهمية الغرفة الثانية بل والدور الفاعل الذي قام به مجلس الشورى وبصماته الواضحة.
بطبيعة الحال، سيكون هناك العديد من الأمور التنظيمية التي ستسيطر علي أعمال مجلس الشيوخ مع أول انعقاده، تتعلق بما يشبه بـ"ترتيب البيت من الداخل"، انطلاقا من انتخاب هيئة المكتب في أول جلسة برلمانية له وتتكون من الرئيس والوكيلين لمدة 5 سنوات (عمر الفصل التشريعي)، مروراً بتشكيل لجان نوعية قليله مؤقتة لحين الانتهاء من لائحة المجلس، فضلا عن تشكيل لجنة تضم عدد من الأعضاء ذو الكفاءة القانونية مع مراعاة التنوع الحزبي والمستقلين يٌناط بها إعداد مشروع متكامل للائحة الداخلية للمجلس.
وفي هذا الصدد يقول الدكتور صلاح فوزي أستاذ القانون الدستوري، إن لائحة مجلس الشيوخ بموجب مواد الدستور، ستصدر بقانون الأمر الذي يتطلب مناقشتها في مجلس النواب لاقرارها عقب انتهاء "الشيوخ" منها، ثم رفعها إلي رئيس الجمهورية للتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية ليتم العمل بها، لافتاً إلي أن مرحلة اعداد اللائحة قد تستغرق وقت ، فعلي سبيل المثال لم تصدر لائحة مجلس النواب إلا بعد نحو 3 أشهر لاسيما وأنها عمل قانوني دقيق ويحتاج إلي مساحة من الوقت.
ولنا هنا أن نوضح كيفية تسيير مجلس الشيوخ أعماله لحين انتهاء اللائحة؟ حيث جاء القانون رقم 141 لسنه 2020 بإصدار قانون الشيوخ واضحاً في مادته الخامسة من مواد الاصدار، لتفيد بسريان اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالقانون رقم 1 لسنة 2016 على مجلس الشيوخ لحين صدور لائحته الداخلية، وذلك بما لا يتعارض مع طبيعة المجلس واختصاصاته.
واخذاً بالقياس في مدة إعداد لائحة مجلس النواب، فأن إعداد لائحة الشيوخ قد تستغرق أيضا نحو 3 أشهر أي قد يصل بنا الأمر إلي نهاية شهر ديسمبر أو أول شهر يناير، مما يعني أن مجلس النواب الحالي قد لا يكون هو الذي يقر لائحة مجلس الشيوخ، لاسيما وأن مدته ستنتهي في 9 يناير 2021 ونكون بعدها أمام انعقاد المجلس الجديد ( الدور الأول من الفصل التشريعي الثاني لمجلس النواب).
وعن ملامح اللائحة المزمع إعدادها لمجلس الشيوخ، بداية يري الدكتور صلاح فوزي أنها ستكون أقل عدداً من مواد لائحة مجلس النواب لاسيما اختلاف اختصاصاتهم فهناك مواد عديدة تتعلق بأدوات الرقابة البرلمانية لعدم وجود مسؤولية الحكومة أمام مجلس الشيوخ، لافتاً إلي أنه للمجلس تشكيل عدد مناسب من اللجان النوعية "المؤقتة" تصدر بقرار المجلس تقوم بمهامها لحين انتهاء اللائحة الداخلية، بما يمكن المجلس من القيام بمهامه.
ويشير فوزي في تصريحه لـ"اليوم السابع" إلي أن اللائحة بالتأكيد يجب أن تتضمن والتشكيلات الهيكلية (رئيس المجلس ، الوكيلين، هيئة المكتب) فضلا عن اللجان النوعية والتي يُحدد عددها وفقا لما يستقر إليه المجلس، مقترحاً أن يكون هناك اختصاصات حصرية للوكلاء يناط بهم القيام بها فضلا عن منح رئيس المجلس قدر من الصلاحيات وحده تتعلق بإدارة الجلسات دون الرجوع إلي المجلس لضبط أدائها.
ويوضح فوزي، أن اللائحة من المتوقع أن تتضمن نصوصا تنظم كيفية أخذ رأي مجلس الشيوخ في مشروعات القوانين المُكملة للدستور التي تحال إليه من مجلس النواب، وغيرها من الأمور التي حددها الدستور في مادته 249، لافتاً إلي أن هذا التنظيم يستلزم بالضرورة تعديل في لائحة مجلس النواب، حيث يجب أن يكون هناك آلية لإرسال المطلوب أخذ الراي بشأنه وتلقي الردود والمواعيد، لافتا إلى أهمية أن تتضمن اللائحة تنظيما لحالة إجتماع المجلسين (النواب، الشيوخ) في جلسة مشتركة، فيما يتعلق بمن يرأسها وكذا الأمانة العامة، لاسيما وأن القانون خلا من هذا التنظيم، الأمر الذي يتطلب أيضا تعديلا في لائحة مجلس النواب.
ونوه صلاح فوزي، إلي أهمية الإشارة باللائحة إلي الرقابة التعاونية حيث الأدوات الرقابية التي يمكن لأعضاء الشيوخ استخدامها وتندرج تحت ما يسمي "الرقابة التعاونية"، ممثلة في تقديم اقتراح برغبة وطلب المناقشة العامة في قضية أو موضوع هام، لافتاً إلي أيضا أهمية تضمينها تنظيما لاختصاص المجلس بدراسة واقتراح ما يراه ا كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمة العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته، اخذا في الاعتبار ان هذه الاقتراحات ليست بمعني مقترح قانون بالمعنى الاصطلاحي بالقانون الدستوري.
واقترح فوزي، أن يكون تشكيل هيئة مكتب اللجان النوعية كل عامين لتعظيم الخبرة بدلا من تشكيلها كل عام مثلما هو معمول به في لائحة مجلس النواب، بالإضافة إلي وضع صيغة بشأن عضوية المجلس في البرلمانات الدولية، كما اقترح أن يتم تعديل لائحة مجلس النواب بحيث يتم تعديل المواد الخاصة بمعهد التدريب البرلماني بحيث يكون من مجلس إدارة يمثل فيه المجلسين وكذا يتم اقتسام موازنته بينهم.
ودعا أستاذ القانون الدستورى، إلى ضرورة مراجعة باب الاجتماعات والجلسات ليتم صياغتها بطريقة تدفع بإزالة أي لبس قد يتحقق عند القراءة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة