فى كل عام، ومع اقتراب موعد الإعلان عن الفائز أو الفائزة بجائزة نوبل للآداب، يثار الجدل عن أسلوب إدارة الجائزة، وتوجهاتها، وقبل إعلان جائزة نوبل للآداب لعام 2020، فعلى الفائز أو الفائزة بالجائزة هذا العام، أن يعتذر عن قبولها، بل ويرفضها علانية.
لا شك أن عام 2020، هو عام الطوارئ، وبعدما أصبحت الأكاديمية السويدية المانحة لجائزة نوبل للآداب، ذات سمعة سيئة وفاسدة تغاضت، وكان آخر التهم التى لاحقتها، وألصقت بها هى إنكار الإبادة الجماعية والاعتداء الجنسي.
وقبل أن نعرف اسم الفائز أو الفائزة بجائزة نوبل للآداب، فربما يكون من الأفضل بالنسبة لمن يتلقى اتصالا هاتفيا اليوم من الأكاديمية السويدية، لإعلامه بفوزه بالجائزة أن يكون رده: "شكرًا، لكن لا شكرًا".
وفقا للكاتب بيتر ماس، الصحفى الأمريكى فى مقال له نشر على موقع theintercept فإن جائزة نوبل للآداب، فى شكلها الحالي، تجاوزت فائدتها وتسببت فى أضرار جسيمة، ففى العام الماضي، مُنحت جائزة نوبل للآداب إلى بيتر هاندكه، وهو كاتب نمساوى كتب مجموعة من الأعمال الأدبية الرائعة فى الجزء الأول من حياته المهنية، لكن منذ التسعينيات وقع فى مستنقع إنكار الإبادة الجماعية.
الإبادة الجماعية ضد المسلمين فى الصرب
وفى العقود الأخيرة، كتب بيتر هاندكه ما لا يقل عن ستة كتب ومسرحيات قللت من أهمية الإبادة الجماعية التى ارتكبها الصرب ضد المسلمين خلال حرب البوسنة ونفتها. حتى أن هاندكه حضر الجنازة، وألقى كلمة تأبين للزعيم السابق لصربيا، سلوبودان ميلوسيفيتش، الذى توفى أثناء محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وبحسب بيتر ماس، فبإمكاننا أن نكون شاكرين لهذه الفضائح لأنها تذكير بالحاجة إلى تنفيذ إصلاح جذرى وفرعى لجائزة نوبل للأدب. فخلال فترة طويلة من وجودها، كانت الجائزة عمومًا بمثابة استفتاء على أفضل ما فى الأدب الغربي. لهذه المهمة، كان الأعضاء الثمانية عشر فى الأكاديمية السويدية هيئة محلفين صالحة للاستعمال. ولكن ومنذ فترة طويلة أصبح الوصول إلى جائزة نوبل وطموحها عالميًا حقًا. فمن المضحك والمأساوى أن جائزة مثل هذا التأثير تتحكم فيها مجموعة صغيرة وسرية من السويديين، ناهيك عن أولئك الذين أظهروا أنفسهم كمحرضين على الاعتداء الجنسى وإنكار الإبادة الجماعية.
ولهذا وبما أننا فى عالم الطوارئ – حسبما يرى بيتر ماس – فمن الجيد المطالبة بتشكل لجنة تحكيم متنوعة تكون اللغات غير الأوروبية - مثل الصينية والهندية والعربية والأردية - هى الأولى أو اللغات الثانية. وسيكون من الحكمة ألا يتم تعيين هؤلاء المحلفين مدى الحياة، لأن الامتياز الذى لا يمكن تعويضه هو قوة متأصلة من العفن.
ويرى بيتر ماس أنه حتى وإن أعلنت جائزة نوبل للآداب، عن اختيار كتاب على عكس بيتر هاندكه لا يدعم الإبادة الجماعية وليس أوروبيًا وليس من الذكور، لكى تتخلص الأكاديمية من فضائحها وتظهر قدرتها على القيام بالمهمة، إلا أن هذا لا ينفى عنها تراثها فى إفساد الأدب على مدار السنوات الماضية.
ولهذا، يجب على من يفوز بالجائزة أن يرفضها - لفرض التغيير الذى تمس الحاجة إليه والذى من شأنه أن يفيد قراء العالم وكتابه/، فمع رفض الكاتب أو الكاتبة لجائزة بقيمة مليون دولار، قد يؤدى ذلك إلى زيادة مبيعات كتبه، ولن يخسر كثيرا، بل سيكسب احترام القراء على مستوى العالم مثلما حدث فى عام 1964، حينما رفض جان بول سارتر قبول جائزة نوبل الأدبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة