تحل اليوم ذكرى ميلاد، منظر الإخوان وصاحبة مدرسة التكفير بالأوطان الأول، سيد قطب فى 1906، والذى كان الراعى والملهم لمنهج الفكر المتطرف والذى تبنته وعملت عليه " الإرهابية"، وصاحب عبارة " الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن " ، وهو يمثل الأب الروحي لأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية، بصفته أكثر الشخصيات تأثيرًا في الحركات الإسلامية في بداية الخمسينيات من القرن الماضي، حُكم على "قطب" بالإعدام مع 7 آخرين، وتم تنفيذه بعد أسبوع واحد فقط في 29 أغسطس 1966.
قطب استطاع أن يربط بين كل أجيال الجماعة الإرهابية قديما وحديثاَ من خلال الربط الوثيق بالفكر القطبى للمنظر الأول للجماعة بعد المؤسس حسن البنا، وقام بتطوير منهج حسن البنا واضعًا له صياغة بيانية وفكرية أكثر جذبًا وتأثيرًا ورواجًا وقام بعمل موائمة وتلقيح بينه وبين أفكار وأدبيات استوحاها من طرح أبو الأعلى المودودى لينتج صياغة أكثر تحديدًا لفكر تكفير المجتمعات والثورة الاسلامية المسلحة، وتنسج جماعة الإخوان حول "قطب" وإعدامه الأساطير والخرافات حتى يكون بالنسبة للأجيال المقبلة بـ"شهيد الجماعة" وضمن هذه الخرافات أن دمه سيصبح لعنة على قاتليه، ولا ينسى فى ذلك ما طلبه المعزول محمد مرسي حينما وصل إلى سجن برج العرب قبل البدء فى محاكمته، من الجهات المعنية وقتها الحصول على جميع كتب سيد قطب، وفى مقدمتها كتابى تفسير "معالم على الطريق" الذى كان الشرارة الأولى لتشكيل الإرهاب ليس فى مصر فقط بل على مستوى العالم، وكذا كتاب "فى ظلال القرآن" لتصبح كتب "قطب" أنيس "مرسى" فى سجنه، كما أنه قال مسبقا فى أحدى الندوات"صحيح أن سيد قطب، يقول نصوصًا تكفيرية، إلا أننا لا نعتبرها تكفيرية، بينما هى نصوص تحرك الوجدان وتتحدى العقل".
وكان ثطب من المؤكدين على ضرورة الخروج على الحاكم بقوة السلاح بإسم فكرة "الحاكمية" المتمثلة فى تحكيم شرع الله، والذى قبل أن ينضم إلى جماعة الإخوان الإرهابية كان يُعد من أحد شعراء ونُقاد جيله.
ولقب "سيد قطب" بـ"مفتى الموت"، فلا ينسى عنه أنه استغل موقعه المقرب من رجال ثورة يوليو آنذاك وبدأ فى التحريض ضد الحركة العمالية فكتب فى الأخبار مقالًا بعنوان (حركات لا تخيفنا) فى عدد 15 أغسطس 1952 قال فيه: «إن عهدا عفنًا بأكمله يلفظ أنفاسه الأخيرة فى قبضة طاهرة ولكنّها قويّة مكينة فلا بأس أن يرفس برجليه، ولكنه عهد انتهى، عهد قد مات، ولكن المهم هو أن نشرع فى الإجهاز عليه، وأن تكون المدية حامية فلا يطول الصراع، ولا تطول السكرات، لقد أطلع الشيطان قرنيه فى كفر الدوّار، فلنضرب بقوّة، ولنضرب بسرعة، وليس على الشعب سوى أن يرقبنا ونحن نحفر القبر ونهيل التراب على الرجعيّة و الغوغائيّة بعد أن نجعلها تشهد مصرعها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة".
وفى 7 سبتمبر من عام 1952، نفذت سلطات ثورة يوليو حكم الإعدام فى 2 من قيادات إضراب العمال بكفر الدوار، هم مصطفى خميس وعبد الرحمن البقرى، ومن عجيب القول إن هذه الواقعة استغلتها جماعة الإخوان تحديدا فى الهجوم بقسوة على ثورة يوليو دون النظر لموقف الجماعة نفسها التى كانت آنذاك طرفا فى التحريض على الإضراب العمالى.
يشار إلى أن سيد قطب ولد في قرية موشة بمحافظة أسيوط، في 9 أكتوبر 1906،حيث تلقّى دراسته الابتدائية في قريته، وفي سنة 1920 سافر إلى القاهرة، والتحق بمدرسة المعلمين الأوّلية ونال منها شهادة الكفاءة للتعليم الأوّلي، ثم التحق بتجهيزية دار العلوم، وفى سنة 1932 حصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من كلية دار العلوم، وعمل مدرسا حوالي 6 سنوات، ثم شغل عدة وظائف في الوزارة.
وساهم في تشكيل الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان الإرهابية، وعمل في قسم الدعوة وتعرض للتحقيقات التي تعرضت لها قيادات الجماعة في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إثر حادث المنشية في 1954 الذي اتهمت فيه جماعة الإخوان، وتم الحكم عليه بالسجن لمدة 15 عاما، وتدخل الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف لدى عبدالناصر للإفراج عنه في مايو 1964، وبتاريخ 30 يوليو 1965، ألقى القبض على شقيقه محمد قطب وأرسل قطب رسالة احتجاج للمباحث العامة في 9 أغسطس 1965، فكانت سببًا في القبض عليه مجددا مع أعضاء من جماعة الإخوان، وحُكم عليه بالإعدام مع 7 آخرين، وتم تنفيذه بسرعة بعد أسبوع واحد فقط في 29 أغسطس 1966.
ومن أبرز هذه المحطات أنه بعد عودته من بعثته الدراسية فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبعد انضمامه بشكل مباشر للجماعة الإرهابية تحول من أديب كما يراه البعض إلى "مفتى للموت"، تاركاَ وراءه "التفكير" متجهاَ إلى "التكفير"، حيث أسس لأفكار الجاهلية والحاكمية، الأمر الذى أدى معه إلى إفراز التنظيم القطبى الذى كان بمثابة نواة للتنظيمات والجماعات الجهادية، أمثال جماعة الجهاد والتكفير والهجرة والجماعة الإسلامية وصولاَ لجبهة النصرة فضلاَ عن تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش" رغم نسبته للسلفية الجهادية، إلا أن القيادات موصوفة كونها "قطبية المنهج".
ومن أبرز مؤلفاته التكفيرية كتاب "معالم على الطريق" الذى أطلق فيه تجلياته الشيطانية بوصف المجتمعات العربية والإسلامية البعيدة عن تطبيق الشريعة - على حد زعمه - بأنها مجتمعات جاهلية لابد من نسفها فكرياَ وعملياَ، وأن الحكام فيها والمحكومين "جاهلين" لابد من التصدى لهم بكل السُبل، كما أكد "قطب" فى هذا الكتاب الذى يُعد بمثابة "نواة الإرهاب فى العالم" لفكرة الحاكمية الإلهية معتبراَ أن من يطبقون القوانين الوضعية ينافسون الإله سبحانه وتعالى فى حكمته وحكم، وكان بمثابة "القنبلة الموقوتة" ليرى أن المجتمع المسلم الحقيقى، هو الذى يُحكم ويرضخ بالشريعة الإسلامية وليس الذى يتكون من أفراد مسلمين.
وفى عام 1963 تسربت أفكار وكتابات المنظر الأول للجماعة سيد قطب إلى عدد من قيادات التنظيم السرى لجماعة الإخوان خارج السجون، وبحلول عام 1964، تكونت مجموعة سرية من قادة شباب جماعة الإخوان الإرهابية، تدعو للفكر القطبى حيث نجحت فى اجتذاب السواد الأعظم لمسجونى سجن القناطر من الشباب، فتوسع التنظيم ليضم أكثر من مائتى شخص، ومع خروج سيد قطب من السجن فى مطلع 1965 تولى قيادة التنظيم الناشئ، إلا أن إعدامه لم يضع نهاية للقصة، فقد صارت أفكاره المسمومة تجد طريقها إلى الانتشار حتى أصبحت هى الأساس الفكرى الأهم لحركات الإسلام الجهادى التى لازالت يعانى منها العالم أجمع والدولة المصرية بصفة خاصة حتى كتابة تلك السطور.
ويقول هشام النجار، الباحث فى الحركات الإسلامية، أن سيد قطب" هو أديب وناقد أدبى من الأساس لم يأخذ فرصته ولم يكن بالمستوى الذى يبرز نفسه فى هذا الفكر، لمحدودية فكره، كما أنه حاول تقليد مؤلفات "طه حسين" : فى كلا من كتابه باسم "العدالة الاجتماعية " والذى كان إعادة لطرح "المعذبون فى الأرض" لطه حسين وكتاب الأيام فى المؤلف الذى انتجه "قطب" بمسمى طفل فى القرية" لتكون أول مؤلفاته ما هى إلا إعادة إنتاج، موضحا أن "عباس العقاد" رفض كتابة المقدمة لكتابه " العدالة الاجتماعية" لأنه لم يكن من مستواه الفكري.
وأوضح أنه مع ضعف فرصه فى ذلك، اتجه "قطب " ليثبت وجوده بإجرامية، وأصبح مفكر الإخوان ومفكر الرجال الأكثر تشددا، قائلا:"كل محطات سيد قطب تعكس عقدا نفسية وأنه يحاول إثبات وجوده بدون استحقاق لهذا المكان..وحينما تعرف على الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والضباط الأحرار ووجوده بالصدفة فى خطة الثورة ظنوا فيه أنه يمكن أن يكون من كتاب الثورة ولم يكن إخوانيا فى هذا الوقت وبعدما تكشفت نواياه ومنهجه المتشدد وطلب تلبية مصالحه الخاصة بأن يتولى وزارة المعارف لفظه الضباط الأحرار.. وذهب بعدها لينضم لجماعة الإخوان وقال لـ"عبد الناصر" حينها مكنتش إخوان وبقيت بالجماعة"
ولفت إلى أنه تبنى أكثر السياقات تطرفا وعداوة ضد الضباط الأحرار لدرجة أنه خطط للانقلاب فى 1965 وأراد اغتيال جمال عبد الناصر وعدد من الضباط الأحرار وهو ما ذكره صراحة فى اعترافات التنظيم السرى وبرسالته "لماذا أعدمونى" وأيضا أكد على غرضه فى تخريب المنشآت العامة ".
وأوضح أن أبرز مناوراته الفكرية والتى تتبنى صراحة الفكر المتطرف ويستعين بها الإخوان ورجال تنظيم القاعدة ليكون هو الأول فى مراجع الإرهاب والتطرف، تتمثل فى كتاب الظلال والذى كان "إسلامى تكفيرى" ، حيث مزج فيه بين الإسلاميات وبين التكفير والجاهلية والانقلاب على الحكومات، والذى سعى من خلاله لبث السم فى العسل واعتماد سياسة المناوره والخداع بأن ما يكتبه فى ذلك هو صحيح الإسلام والكثير خدعوا بما هو مكتوب فيه وبه صفحات قليلة وضع بها الفكر التكفيرة بتلون محدد تعمد فيه نشر فكره الإرهابى، بينما الكتاب الآخر الخاص بـ"معالم فى الطريق" وهو ماركسى إسلامى، والذى مزج فيه بين الاشتراكية "الفكر الماركسى"، وعمل على أسلمتها وبصفة أنها ثورة المضطهدين واستخدم موهبته المحدودة ليكون برنامج عمل للإسلاميين .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة