لم تكن بداية القيادى الإخوانى سيد قطب تماما كنهايته، فالرجل الذى نظر للقتل واستخدام العنف، امتلك فى بداية حياته موهبة أدبية قامت على أساس نظرى وإصرار قوى على تنميتها بالبحث الدائم والتحصيل المستمر، حتى مكنته من التعبير عن ذاته، ولعل ذلك يتمثل فى روايته الأشهر "أشواك".
وتمر اليوم الذكرى الـ114 على ميلاد الزعيم التكفيرى والأب الروحى لجماعة الإخوان الإرهابية سيد قطب، إذ ولد فى 9 أكتوبر عام 1906، وهو كاتب وشاعر وأديب ومنظر إسلامى مصرى، مؤلف كتاب فى ظلال القرآن، وعضو سابق فى مكتب إرشاد جماعة الإخوان ورئيس سابق لقسم نشر الدعوة فى الجماعة ورئيس تحرير جريدة الإخوان.
عرف سيد قطب فى بداياته كناقد جيد، وكانت له عدة إصدارات لاقت صدى واسعا عند عامة المثقفين والنقاد، وفى فترة الأربعينيات كانت خطوات سيد قطب فى النقد الأدبى قد اتسعت وتميزت وظهر له كتابان هما: "كتب وشخصيات"، "والنقد الأدبى - أصوله ومناهجه". وبعد ميدان النقد سلك سيد قطب مسلكًا آخر بعيدًا: بكتابه "التصوير الفنى فى القرآن" الذى لاقى مقابلة طيبة من الأوساط الأدبية والعلمية فكتب: "مشاهد القيامة فى القرآن".
كتب وشخصيات سيد قطب
كذلك نظم الشعر وكنت له عدة قصائد نشرت من قبل فى كتاب تحت عنوان "الأعمال الشعرية الكاملة"، وقد نشر ديوانه الوحيد عام 1935، بعنوان "الشاطئ المجهول" ديوانه الشعرى الوحيد، طُبع طبعة واحدة فقط ولم يطبع بعدها، طبع منه ألفًا وخمسمائة نسخة وعدد صفحاته 280 صفحة.
ديوان سيد قطب
ولم يكتف بذلك بل كتب روايتين الأولى هما "أشواك"، وهى قصة حب حقيقية عاشها سيد نفسه مع خطيبته وقد أهداها إليها وأطلق عليها اسم سميرة كما أسمى نفسه سامى يقول فى الإهداء: إلى التى خاضت معى فى الأشواك فدميت ودميت وشقيت.. ثم سارت فى طريق وسرت فى طريق: جريحين بعد المعركة. لا نفسها إلى قرار ولا نقسى إلى استقرار.
أشواك سيد قطب
أما ثانى رواياته كانت رواية "المدينة المسحورة" وهى قصة خيالية على غرار ألف ليلة وليلة، تبدأ بأن شهرزاد تقص على شهريار قصة المدينة المسحورة.
كذلك قدم "روضة الطفل" وهى سلسلة قصصية للأطفال بالاشتراك مع أمينة السعيد ويوسف مراد، صدر منها حلقتان: أرنبو والكنز، وكتكت المدهش، فضلا عن كتابته سيرته الذاتية عن فترة الطفولة بعنوان "طفل من القرية" وقد أهدى الكتاب لطه حسين، حيث كان مُعجبًا بكتابه الأيام، كتب فيه مقدمته: "هذه صور من حياة القرية التى عاصرت طفولته خلال ربع قرن من الزمان. نقلها كما هي؛ لم ينمق فيها شيئاً وإنما كانت صنعته، نقلها من صفحة الذاكرة إلى صفحة القرطاس".
المدينة المسحورة
ديوان شعر وروايتين ومجموعة شعرية للطفل وكتب في النقد، كلها أعمال تنم عن موهبة إبداعية هائلة، لكن ما السبب وراء كل هذا التحول ليكون الأب الروحى لأفكار الإرهابية والزعيم التفكيرى الحى في ذاكرة العناصر التكفيرية المتطرفة؟
وتنوعت تفسيرات الانقلاب العجيب في حياة سيد قطب حيث ربط البعض بينه وبين رحلته إلى الولايات المتحدة سنة 1949 وأرجع هؤلاء التغير المفاجئ في شخصيته إلى ما شهده من صدمة حضارية حادة.
وبحسب الكاتب مصطفى عبيد، تحدث آخرون على أن التحول كان نتيجة تورطه غير المحسوب في العمل التنظيمي داخل جماعة الإخوان الإرهابية وما استتبعه من نصرة التنظيم بأي طريقة وفكر، لكن لم يُشر إلى المرأة، فرغم مقولة نابليون بونابرت الشهيرة "فتش عن المرأة"، إلا أن أحدا من الباحثين الذين تناولوا سيرة سيد قطب بالبحث والدراسة والتحليل لم يشك لحظة أن امرأة مجهولة فاتنة لعبت دورا مؤثرا في تبدل شخصية قطب، وهذه المرأة التي أحبها الرجل بجنون تركت جُرحا غائرا في ذاته عانى منه أشد المعاناة، كان كفيلا بإبحاره ناحية التطرف وكراهية الحياة.
وردت بعض تفاصيل حكاية سيد قطب وأسرارها مع المرأة في ثنايا رواية قصيرة له بعنوان "أشواك"، والتي صدرت طبعتها الأولى في العام 1947 عن دار سعد بالفجالة في وسط القاهرة، وهي رواية أعيدت طباعتها في مصر سنة 2011 بعد صعود نجم الإخوان عقب انتفاضة يناير من العام نفسه، ونشرتها حينها هيئة الكتاب المصرية بمقدمة للناقد والشاعر شعبان يوسف.
وترسم الرواية قصة حب محموم بين رجل يدعى "سامي" وفتاة تدعى "سميرة" انتهت بالفراق والألم والوجيعة، ففي حقيقة الأمر لم يكن "سامي" بطل الرواية سوى سيد قطب نفسه، خاصة أن الأدباء في ذلك الوقت اعتادوا سرد أجزاء من حياتهم في قصص أو روايات كنوع من الواقعية، مثلما فعل الكاتب توفيق الحكيم في روايته "يوميات نائب في الأرياف". الصادرة سنة 1937.