فى شارع المعز لدين الله الفاطمى، حيث العمارة الزاهرة، والأضواء الباهرة، تقف مجموعة أثرية تعود إلى العصر المملوكى، صاحبها هو صاحب واحدة من أكبر الأسر التى حكمت مصر، حيث حكمت أسرته مصر والمشرق العربى مايزيد على قرن من الزمان، إنه السلطان المنصور قلاوون.
وتحل اليوم ذكرى رحيل السلطان المنصور قلاوون، إذ رحل فى 10 نوفمبر عام 1290م، وهو أحد أشهر سلاطين المماليك البحرية، ورأس أسرة حكمت مصر والمشرق العربى ما يزيد على قرن من الزمان، كان من رجال الملك الصالح أيوب (الصالح أيوب زوج شجرة الدر، وليس والد صلاح الدين الأيوبي)، وأبلى بلاء حسناً فى معركة المنصورة، وعلا شأنه بعد ذلك، فكان من كبار الأمراء أصحاب النفوذ فى دولة بيبرس.
وبنى السلطان الراحل مجموعة أثرية كبيرة لا تزال موجودة إلى اليوم بشارع المعز لدين الله الفاطمى، تحديدًا أمام المدرسة الصالحية، وقد تم إنشائها خلال عامى 1284 و1285 ميلادية، أى فى أقل من عامين، تحديدًا أربعة عشر شهرًا، أشرف على البناء الأمير علم الدين الشجاعي. وكان خبيراً فى العمارة والهندسة، وحشد جميع الصناع ومنعهم من العمل فى أى مكان آخر من أجل سرعة الانتهاء من المبنى.
ويعد مجمع المنصور قلاوون النموذج الأول لظهور نظام المجمعات فى مصر، ويتكون من عدة منشآت، مدرسة وضريح وبيمارستان للعلاج، وقد اندثر معظمه، بالإضافة إلى سبيل للشرب من عصر الناصر محمد بن قلاوون، وتعتبر الواجهة الجنوبية الشرقية هى الواجهة الرئيسية للمجمع ككل، ويشرف عليها كل من المدرسة والضريح، يتوسطها كتلة الدخول للمجمع، ويوجد على الجانب الأيمن منها واجهة الضريح ويوجد على الجانب الأيسر واجهة المدرسة.
ويقال إن كان البيمارستان من أسباب بناء هذا المجمع، إذ يذكر أنه أثناء وجود قلاوون فى الشام وهو أمير، مرض مرضاً شديداً فعالجه الأطباء بأدوية أحضرت من بيمارستان نور الدين محمود فى دمشق فشفى، وزار قلاوون البيمارستان فأعجب به ونذر إن أتاه الله الملك أن يبنى واحداً مثله. وقد اختار قلاوون لبناء البيمارستان قاعة ست الملك ابنة العزيز بالله الفاطمى والتى آلت بعد ذلك إلى مؤنسة خاتون ابنة الملك العادل الأيوبي.
وبحسب الموقع الرسمى لوزارة الآثار، قد أنشأها السلطان المنصور قلاوون أحد أشهر سلاطين دولة المماليك البحرية عام ٦٨٣-٦٨٤هـ / ١٢٨٤-١٢٨٥م على أطلال القصر الفاطمى الغربي، وتعد من أقدم المجموعات المعمارية الإسلامية الباقية بمدينة القاهرة التاريخية.
وتكتسب المجموعة أهميتها وقيمتها الأثرية والفنية من التفرد والتنوع فى التخطيط والتصميم والفنون الزخرفية؛ حيث تضمنت بيمارستانًا (مستشفى) لعلاج المرضى عمل به أطباء وصيادلة من جميع التخصصات، وقبة دفن للسلطان تعد من أجمل القباب الباقية بالقاهرة واستخدمت أيضًا كمسجد لقارئى القرآن وكخزانة للكتب، بالإضافة إلى مدرسة تعليمية تتكون من صحن أوسط محاط بأربعة إيوانات تستخدم لتدريس المذاهب الفقهية الأربعة وإقامة شعائر الصلاة، ومئذنة شاهقة الارتفاع تعد من أضخم المآذن التى بنيت فى مصر.