"التاسعة يا أهلى" .. "السادسة يا زمالك" .. فى لغة الهاشتاجات سيحتل الأهلاوية والزمالكاوية منصات السوشيال ميديا خلال الأيام المقبلة، قبل المواجهة المرتقبة بين الفريقين يوم 27 من شهر نوفمبر الجارى على لقب دوري أبطال أفريقيا فى نسخته الحالية، أو كما أطلق عليه "نهائى القرن"، خصوصاً أنهما يلتقيان لأول مرة فى التاريخ على اللقب.
من هنا يجب علينا جميعاً أن ندق ناقوس الخطر بضرورة عدم الانسياق خلف مهاويس مواقع التواصل الاجتماعى وركوب التريند، حيث إنه بات معروف للجميع أن هناك البعض الآن يستغل هذه المنصات لزرع التعصب والفتنة بين جماهير الأهلى والزمالك من أجل الخروج عن قضبان التشجيع المثالى، وذلك لتحقيق أغراض شخصية بزعزعة الاستقرار في المجتمع ككل، لاسيما أن معظم المواطنين يعشقون كرة القدم ويشجعون الفريقين بجنون.
الحقيقة الثابتة خلال الفترة الحالية أن جماهير الكرة أصبحت بالفعل تعانى من أزمات غير مسبوقة تجاه بعضها البعض، فالتشجيع بينها لم يعد قاصراً على استخدام مفردات بث الحماسة للاعبين أو الهتافات بأسمائهم، بل أصبح السباب وتبادل الاتهامات والعنف هو السمة الغالبة على بعض المشجعين المواظبين على حضور المباريات حتى وإن كان بأعداد قليلة للفريقين المتنافسين في ظل عدم السماح بالحضور الجماهيرى حاليا بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، أو خلف شاشات نافذة مواقع التواصل الاجتماعى، فلك أن تتخيل كم الألفاظ المسيئة بين جماهير الأهلى والزمالك بعد كل مباراة، يكون طرفها أحد الناديين الكبار، والأخطر هنا أن هذه المعارك انتقلت لقيادات الأندية نفسها، مما يجعلنا نرى حالة من التشاحن غير المسبوقة بين اللاعبين والأجهزة الفنية خلال المباريات، وذلك على عكس ما كنا نراه فى الأزمنة السابقة، حيث كان الترابط بين الجميع والتنافس الشريف هو السمة السائدة.
بدت الأمور تزداد سوءً يوماً بعد يوم ، حتى أصبح "ركوب التريند" عادة يومية نراها على السوشيال ميديا أو فى القنوات الفضائية، خصوصًا أننا بدأنا نرى ونسمع ألفاظا وخروجا عن النص من جانب بعض الجماهير لعدم إعجابها لسلوك أو أداء لاعب ما خلال المباريات، والأدهى هنا أننا نصطدم برد بعض اللاعبين على الجماهير لدرجة أن الأمور تصل فى كثير من الأحيان إلى حد الاشتباك اللفظى على مواقع التواصل الاجتماعى، كما بدأنا نرى بعض اللاعبين القدامى والحاليين المنتمين للقطبين يظهرون فى الفضائيات ويطلقون التصريحات النارية بهدف إثارة الجدل وخطف الأضواء.
أعتقد هنا أن حب الشهرة والنجومية لدى بعض الجماهير واللاعبين قد يدفعهم لمثل هذه الأفعال الصبيانية، ومن هنا يكون اللجوء إلى ساحة "السوشيال ميديا" أو البرامج الرياضية، فهى الملاذ حتى يشعر بأنه ذو قيمة وحضور، ويستعرض نفسه، فهو يحاول تعويض شىء مما يفتقده، ولكن بشكل سلبى، مثل هؤلاء يحتاجون إلى علاج، واهتمام الآخرين بهم، ومساعدتهم فى تحقيق ذواتهم والتعبير عن أنفسهم بشكل إيجابى، وإخراج طاقتاهم فيما هو مفيد بدلاً من بث الفتنة.
هذا عكس ما نراه قديما، فنحن سمعنا كثيرا عن مجنون محمود الخطيب أو حسن شحاتة وغيرهم من نجوم الناديين تاريخيا، فقد شهدت حياتهم الكثير من حالات الإعجاب التى وصلت إلى المرض أو بعض الهتافات المعادية من الجمهور المنافس في المدرجات، إلا أنهم كانوا لا يهتمون بذلك ويستمرون فى التألق ويعرفون الطريقة المثالية للتعامل مع الجمهور، أما الآن فبعض اللاعبين والمسؤولين ينجرفون ويسقطون فى فخ "السوشيال ميديا" بسهولة جداً، كما استعرضت سابقا.
الحلول سهلة وبسيطة للتغلب على هذه الظاهرة، وطبعا الإعلام عليه المسؤولية الأكبر فى هذا الشأن، فيجب على القنوات الفضائية والصحف ألا تندرج خلف الشائعات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعى أو إبراز الأشياء التى تستهدف زيادة التعصب، كما لا يجب السماح للاعبين الباحثين عن ركوب التريند بالظهور فى البرامج الرياضية، وهم طبعا معروفين بالاسم أمام الجميع، مع حتمية العمل والتركيز على المبادرات التى تنادى بتغليب الروح الرياضية بين الجميع على الساحة الكروية.
هنا يجب الإشادة بسعى الدولة إلى تهدئة الأجواء بين جماهير الأهلى والزمالك متمثلة في المبادرة التي أطلقها الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة لنبذ التعصب الكروى بين الجماهير المصرية تحت شعار "لا للتعصب نعم للروح الرياضية" بهدف حث الجماهير على تشجيع فرقهم دون أي نوع من أنواع التعصب، وإعلاء مبادئ المحبة والسلام والتنافس الرياضى الشريف كونها ركائز أساسية لرياضة كرة القدم.
هذا المنهج يجب السير عليه من الجميع خلال الفترة المقبلة قبل مباراة الأهلى والزمالك، حتى نرى مشهدا حضاريا يليق باسم مصر وأكبر ناديين فى القارة السمراء، فلابد أن نتقبل فكرة أن الكرة مكسب وخسارة، ونبارك للفريق الفائز فى النهائى، والأهم أن البطولة مصرية فى النهاية.
الخلاصة تقول: يجب أن نتكاتف جميعا بمختلف انتماءاتنا الكروية أهلاوى أو زمالكاوى أو إسماعيلاوى أو اتحاداوى أو مصراوى أو أسوانى من أجل التصدى لكارهى هذا الوطن والذين سيحاولون خلال الأيام المقبلة العمل على ملف الفتنة قبل نهائى القرن، ولذلك أتمنى أن تزيد جرعة الانتماء الحقيقى حتى تظهر أجيالًا سوية وغير معقدة نفسيًا.. "اللهم احفظ بلادنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة