حجزت قضية "سفاح الجيزة" مساحات كبيرة في السوشيال ميديا وصفحات الحوادث، وشغلت تفكير الرأي العام، لا سيما في ظل وجود عدد كبير من الضحايا، وفجور المتهم في ارتكاب جرائمه.
البعض وهم يتابعون "حواديت" و"قصص السفاح" يتحدثون عنها وكأنها دربًا من الخيال، لا يمكن أن تكون دارت أحداثها على أرض الواقع، إلا أن اعترافات "السفاح" نفسه تؤكد مدى ما وصل إليه المتهم من حالة عشق للدماء، لا سيما دماء محبيه والمقربين لقلبه، فقد قتل أقرب الناس إليه.
قصة "سفاح الجيزة" من القصص التي لا تتكرر كثيرًا، تعيد للأذهان جرائم كبيرة حدثت قبل ذلك، مثل "سفاح المعادي" و"سفاح كرموز" وغيرها من الجرائم الكبيرة، وقصص أباطرة الدم.
"السفاح" كان شخصيًا عاديًا ـ مثلي ومثلك بالضبط ـ حتى جاءت اللحظة التي ضعف فيها ووهن، وسلم نفسه لساعة شيطان، تلك اللحظة هي الفارقة في حياة الإنسان، منهم من يستطيع المقاومة وكبح جماح النفس، ومنهم من يستسلم وينصاغ لشيطانه الأشر، فيقتل أقرب الناس إليه "صديق العمر" كما فعل السفاح، عندما تخلص من "انتيمه" وأرسل رسالة من هاتفه المحمول لزوجة القتيل يؤكد لها أنه تم القبض عليه لتضليل جهات البحث.
يبدو أن "السفاح" قد عشق الدم، وغرق في بحوره، فقتل زوجته، وتخلص من شقيقتها التي طالما سيطر حبه على قلبها، لكنها قرر الزواج من أختها وتركها، فهددته بفضح أمره أمام الجميع فتخلص منها، ليس هذا فحسب، وإنما انتحل اسما مزيفًا ودخل في قصة حب مع فتاة بالإسكندرية سلمته قلبها ومالها معًا، لكنه تنصل من وعوده بالزواج ورد الأموال، واستدرجها لمخزن وقتلها ودفن جثتها مثل باقي الضحايا.
نحن.. أمام "عاشق للدماء" ، ليست أي دماء، وإنما دماء "الحبايب"، فقد انحرف المتهم سلوكيًا، فقتل وسرق، وفعل معظم الموبقات، وباتت الجريمة جزءً من حياته اليومية الروتينية، أحبها وأدمن فعلها، معتقدًا أنه بمنأى عن أعين العدالة، وأن يد الأمن لن تطوله، معتمدًا على دهائه في التنفيذ، وقدرته البارعة في الهرب والتخفي والتمويه والتزوير، لكن هيهات له، فقد طالته يد العدل.
نحن أمام واحدة من أهم القضايا الجنائية خلال السنوات الماضية، التي بذل فيها رجال البحث الجنائي جهودًا خرافية، من خلال فريق أمني محترف، بإشراف اللواء علاء الدين سليم مساعد وزير الداخلية رئيس الأمن العام، واللواء محمود السبيلي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، واللواء عاصم أبو الخير، والمقدم محمد الجوهري رئيس مباحث بولاق الدكرور، الذين فكوا طلاسم القضية الأبرز خلال الفترة الماضية.