أتحرك يوميا عبر شارع الثورة، ذهابا وعودة بين المنزل والعمل، وهو أحد الشوارع المهمة داخل حى الدقى، وقد كان سكنا لعدد من الضباط الأحرار إبان ثورة يوليو 1952، وجاءت تسميته بالثورة تيمنا بـ يوليو ورجالها، وعلى الرغم من أن الشارع قصير نسبيا، ويخدم المنطقة المحيطة بوزارة الزراعة ونادى الصيد، والراغبين فى الصعود إلى كوبرى أكتوبر، إلا أنه فى زحام مستمر لا يتوقف، والسبب الأساسى يعود إلى أنه تحول إلى جراج كبير، حيث تنتظر السيارات على الجانبين يمينا ويسارا دون مراعاة حرم الطريق، وبات لا يتحمل الضغط الكبير من السيارات عليه وأصبح مثالا على التكدس والسلوكيات الفوضوية غير المقبولة.
شارع الثورة قبل سنوات كان يسمح بالسير فى "اتجاهين"، وبالرغم من ذلك لم يكن يشهد مستويات الزحام التى نراها اليوم، وبعد أن تم تحديد السير فيه بـ "اتجاه واحد فقط"، بات أكثر زحاما وفوضى، وتحول بفعل ظاهرة "السايس"، إلى جراج ضخم لمن يرغب فى الانتظار، بل أضحى الأمر أكثر من ذلك بأن "البوابين" والعاملين فى عمارات وفلل المنطقة يقسمونه فيما بينهم، وقد لاحظت أغرب مشهد فى الصباح الباكر اليوم، عندما رأيت أحدهم يضع زجاجات المياه بجوار الرصيف، حتى يحجز أماكن للسيارات التى تتعامل معه ويتعهد بحراستها.
ظاهرة شارع الثورة تستحق البحث والدراسة من جانب محافظة الجيزة وإدارة المرور فى وزارة الداخلية، فالشارع مع الرابعة أو الخامسة مساء تتوقف فيه الحركة تماما وتسير العربات بسرعة نصف كيلو متر فى الساعة، نتيجة التكدس والزحام الشديد بعد احتلال الشارع بالكامل على الجانبين من أصحاب السيارات بدعم من البوابين والساسة، وما يتبع ذلك من فوضى ومشكلات وشد وجذب.
تحويل الشوارع إلى "جراجات" ليس فقط فى منطقة "الثورة"، بل هناك عشرات ومئات الشوارع فى مناطق مختلفة بالقاهرة والجيزة بها نفس المشكلة، نتيجة غياب التنسيق والتنظيم، وتغافل أجهزة الحكم المحلى عن ملاحقة مظاهر العشوائية والفوضى، وعدم وجود جراجات عمومية كافية أو افتقار المنازل القديمة لهذه الفكرة، وهذا يتطلب السعي والتحرك العاجل لحل هذه المشكلة وفك الاشتباكات المرورية الصعبة التى تنتج عنها.
لا يوجد دولة في العالم تترك شوارعها مشاعا هكذا لمن يتركون سياراتهم بالأيام ربما الأشهر، بالإضافة إلى فكرة السائس لا نراها فى أى مكان سوى فى القاهرة الكبرى تحديدا، وبعض عواصم المحافظات المزدحمة، لذلك يجب أن تكون هناك توعية أولا بحق الشارع وشروط استغلاله وحدود ذلك، ثم تكون اللوائح المنظمة والإجراءات الصارمة، التي تفرض هيئة الدولة وتقر قوة القانون.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة