باب الاجتهاد لم يغلق ولن يغلق إلى يوم القيامة
الحاجة إلى الاجتهاد والتجديد قائمة إلى يوم القيامة
ورب العزة لم يخص بالعلم ولا بالفقه قومًا دون قوم ولا زمانًا دون زمان.
ننظر بعين الاحترام والتقدير للأئمة الأربعة ونؤمن بحاجتنا الملحة إلى الاجتهاد لمعالجة مستجدات عصرنا
بناء المدن الجديدة سيتيح الفرصة لحياة أفضل لسكان المدن التاريخية والقديمة بتخفيف الضغط على خدماتها.
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، خطبة الجمعة بـ"مسجد الإمام الشافعى"، بمحافظة القاهرة اليوم الجمعة، بعنوان: ” الإمام الشافعى ودوره التجديدى فى عصره "، بحضور الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، واللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، والمهندسة جيهان عبد المنعم نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنونية، والشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، و الشيخ خالد خضر مدير مديرية أوقاف القاهرة .
وفى بداية خطبته أكد وزير الأوقاف، أن الكمال لله وحده، وأن العصمة لأنبيائه ورسله، وأن كل إنسان يؤخذ منه ويرد عليه إلا المعصوم (صلى الله عليه وسلم)، وكان صاحب هذا المقام الإمام الشافعى (رحمه الله) يقول : "إذا صح الحديث فهو مذهبي"، وكان يقول فى تواضع جم وتقدير لآراء الآخرين: "رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب".
وأكد جمعة، أنه يجب علينا أن ننظر بعين الاحترام والتقدير إلى تراثنا وعلمائنا وأئمتنا السابقين، وأننا ننظر بكل الاحترام والتقدير للأئمة الأربعة، الإمام أبى حنيفة رحمه الله، والإمام مالك رحمه الله والإمام الشافعى رحمه الله والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، لأنهم جميعا بذلوا وسعهم واستنفدوا طاقتهم فى خدمة دينهم، كما نؤكد أن باب الاجتهاد لم يغلق بعدهم ولن يغلق إلى يوم القيامة، وأننا فى حاجة إلى التجديد المستمر لعصرنا أكثر من أى وقت مضى نظرا لكثرة مستجدات عصرنا وتتابعها، و أكد أن ما كان راجحًا فى وقت أو زمان أو مكان معين قد يصبح مرجوحًا إذا تغير الزمان أو المكان أو الحال، وهو ما أكده صاحب هذا المقام تأكيدًا عمليًا عندما أفتى هنا فى مصر فى بعض المسائل بخلاف ما كان قد أفتى به فى العراق، نظرًا لتغير البيئة والأحوال آنذاك، فعرف مذهبه فى العراق بالمذهب القديم، ومذهبه فى مصر بالمذهب الجديد .
كما أكد جمعة أننا فى حضرة ومقام عالم جليل , وفقيه عظيم، وأديب كبير فى الفقه والعلم، يقول الإمام أحمد بن حنبل عن قول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) " إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا" , فكان عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، والشافعى (رحمه الله) على رأس المائة الثانية.
الامام الشافعي
وقد أفنى الشافعى رحمه الله حياته فى العلم والفقه، وكان أديبًا وشاعرا، يقول رحمه الله :
أَخى لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
ويقول أيضًا:
أأبيتُ سهران الدُّجى وتبيتهُ نوماً وتبغى بعدَ ذاكَ لحِاقي
وكان رحمه الله سخى النفس كريم اليد، يقول :
وَلا تَرجُ السَماحَةَ مِن بَخيلٍ فَما فى النارِ لِلظَمآنِ ماءُ
وَمَن نَزَلَت بِساحَتِهِ المَنايا فَلا أَرضٌ تَقيهِ وَلا سَماءُ
وَأَرضُ اللَهِ واسِعَةٌ وَلَكِن إِذا نَزَلَ القَضا ضاقَ الفَضاءُ
إِذا ما كُنتَ ذا قَلبٍ قَنوعٍ فَأَنتَ وَمالِكُ الدُنيا سَواءُ
ويقول المزنى : دخلت على الإمام الشافعى فى مرضه الذى توفى فيه فقال له : كيف أصبحت يا أبا عبدالله؟ فقال الشافعي: أصبحت من الدنيا راحلاً، و للإخوان مفارقًا، و لسوء عملى ملاقيًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله واردًا، و لا أدرى أروحى تصير إلى الجنة فأهنيها، أم إلى النار فأعزيها، ثم أنشد قائلًا :
لمَّا قسا قلبى وضاقَت مذاهبى جعلتُ رجائى نحوَ عفوِكَ سُلَّما
تَعاظَمنى ذنبى فلمَّا قَرَنته بعفوِكَ ربِّى كانَ عفوُكَ أعظما
كم أوضح وزير الأوقاف أننا عندما نفتتح اليوم بالتعاون مع وزارة الآثار مسجد الإمام الشافعى بعد صيانته وترميمه إنما نؤكد تأكيدًا عمليا : أننا فى الوقت الذى نعنى فيه ببناء المساجد فى المجتمعات العمرانية الجديدة، فإننا نعنى نفس العناية وأشد بمساجدنا الأثرية والتاريخية ولا سيما مساجد العلماء ومساجد آل بيت سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهو نفس النهج الذى تسير عليه الدولة المصرية العظيمة، فهى تبنى الجامعات الجديدة وتطور جنبا إلى جنب جامعاتها العريقة، وحين تنشئ المدن الجديدة تطور جنبًا إلى جنب المدن القديمة وعواصم المحافظات وقراها، مؤكدًا أن بناء المدن الجديدة سيتيح فرصًا أفضل لتطوير المدن القديمة، وتخفيف الضغط على خدماتها، مما يسهم بلا شك فى تحسين الأحوال المعيشية للمقيمين بها، فعين هنا وأخرى هناك، ويد تبنى هنا وأخرى تطور هناك، فلتحيا الدولة المصرية وقيادتها الحكيمة .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة