"الخبيئة" بمفهوم الأثريين ، هى مكان قام المصري القديم باستخدامه لإخفاء مقتنياته المهمة، وإنقاذ شواهد أثرية من الانتهاكات والتدنيس، وإخفائها بعيدا عن أعين الدخلاء، وانطلاقا من هذا المفهوم أراد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن يقوم بإجراءات على شاكلة أجداده الفراعنة في شكل طقس جديدة قام من خلالها بإيداع خبيئته للأجيال القادمة، في حضور كبار مسئولي الدولة، أثناء تفقده هذا الكيان الضخم الذي سيكون مركز قيادة الدولة الاستراتيجي لإدارة المعارك والحروب والأزمات
و كما نعلم وشاهدنا على الهواء مباشرة ، فقد تم إنشاء وتجهيز مركز قيادة الدولة الاستراتيجي بأحدث المواصفات العالمية، متضمنا أحدث نظم الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووسائل المراقبة الأمنية والنظم الذكية في مجال القيادة والسيطرة ليشمل عددا من المراكز المهمة التي تضمن السيطرة والانسيابية في إدارة كافة مؤسسات الدولة والاستعداد لمجابهة أية أزمات أو طواري، وكما هو معلوم أيضا فإن هذا المقر أقيم على مساحة 22 ألف فدان ، ويضم 13 منطقة تختلف باختلاف طبيعة كل منها.
إنها إذن إحدى مفاجآت مصر القوية، أو فلنقل إنها خبيئة السيسي الاستراتيجية في إطار خطة عمله لمصر المستقبل، وتلك مهمة قد وضعها نصب عينيه فور توليه قيادة مصر قبل 6 سنوات .. نعم أراد الرئيس بعزيمة قوية وإيمان راسخ بأن يسطر تاريخا يبقى على مر الأجيال القادمة من خلال مشروعات قومية عملاقة، وتحديث البنية الأساسية للمجتمع على مستوى البشر والحجر، وتلك عقيدة قديمة ربما استمدها من أجداده الفراعنة الذين بنوا حضارة عريقة ماتزال شاهدا حيا على عظمة الإنسان المصري الذي كان يضع المستقبل نصب عينيه دائما، وذلك جنبا إلى جنب مع عمله لأن يكون حاضره محفوفا بالأمن والأمان.
لقد أدرك الرئيس السيسي مبكرا أن ميلاد الدول لم يكن صدفة في التاريخ، كما أن بقاءها وقدرتها لم يكن يوما رهن الصراع بقدر ما كان بالضرورة هدفا له، فمن الدفاع إلى التنمية كانت كل المجريات تدفع بضرورة صناعة عقل استراتيجي للدول لينتصر لها في الأولى ويحقق لها استدامة الثانية، فعلى الخط الوسيط ما بين صراع التاريخ وإحداثيات الجغرافيا الاقتصادية تتمركز الموارد البشرية لتشكل سيادة هويتها الوطنية، لتمدد لتصنع السيادة السياسية ثم تعمل على تأمين مجالها الاستراتيجي وفق إحداثيات التأثير في شبكة مصالحها؛ وبناء على ما سبق، فإذا كانت الدولة كائنا جغرافيا يولد في التاريخ، ويحيا بالاقتصاد، وينضج بالصراع، ويعجز بالجهل؛ فإن العقل الاستراتيجي للدول هو نتاج تفاعلات وتراكمات كل ما سبق.
ولتحقيق هذا الهدف ، سعى الرئيس لإنشاء هذا المركز الاستراتيجي لقيادة مصر، مركزا لتنسيق أعمال دفاع الدولة، ومركز البيانات الاستراتيجي الموحد للدولة، أو عقل مصر الاستراتيجي الموحد الذي يحتوي على كل البيانات الخاصة بمؤسسات الدولة، مركزا للتحكم في الشبكة الاستراتيجية المغلقة للسيطرة على الجهاز الإداري للدولة، ومركز الإدارة والتشغيل للتحكم في مرافق الدولة، مركزا للتحكم في شبكة الاتصالات، لضمان استمرار تحقيق الاتصالات على مستوى الدولة، ومراكز السيطرة على خدمات الطوارئ والسلامة الميدانية، مركزا للتنبؤات الجوية، و من أهم مهامه تزويد الدولة ببيانات الأحوال الجوية أولا بأول ليكون هناك استعداد دائم لمجابهة التغيرات الجوية المفاجئة.
وتتعدد منشآت مركز قيادة الدولة الاستراتيجي لتشمل عددا من دور العبادة والنوادي والفنادق والمدارس والملاعب الرياضية والمشروعات السكنية والمولات التجارية إلى جانب عدد من المستشفيات والمجمعات الخدمية والإدارية، وليس سرا أن يؤمن مركز قيادة الدولة بوحدتين من الحرس الجمهوري ووسائل التأمين الأخرى التي توفر الحماية والوقاية والتأمين للمركز، وهذا شيئ طبيعي لأن هذا المركز يجسد رؤية مصر كقوة إقليمية واعدة ودولة رائدة كانت وسوف تبقى قادرة على قهر التحديات وتحقيق التطلعات بوحدة شعبها وجيشها القوى، وفي نفس الوقت يأتي تماشياً مع رؤية مصر المستقبلية، لأن تكون قوى إقليمية واعدة ورائدة لما يحقق تطلعات الشعب المصري لمستقبل أفضل على جميع المستويات بأحدث النظم العالمية، وهو ما يجعلنا في مقدمة الدول القوية بوحدة شعبها وجنودها البواسل الذين يقدمون الغالي والنفيس في حماية أراضيها.
والأهم من كل ذلك أن يكون مركزا للوجيستيات ويشمل مجموعة من المخازن الضخمة التي تؤمن احتياجات الدولة من السلع الاستراتيجية تحسبا لأية مفاجآت قد تحدث، على غرار عمليات تخزين الغلال والحبوب التي أنشأها سيدنا يوسف عليه السلام، هذا ما تم الإعلان عنه وما رأيناه جميعا على شاشات التلفزيون، لكن ما خفي كان أعظم، وظني أن ما رأيناه وما تم الإعلان عنه لا يمثل سوى 10% فقط من حقيقة هذا الكيان الهائل العملاق، فهناك بالطبع مالا يجوز الإفصاح عنه أو كشف أسراره تحسبا لما يمكن أن يضمره أهل الشر بمصر
لقد فكر العقل المصري الحديث بنفس أسلوب المصري القديم في استغلال موارد الطبيعة، حيث يوجد أيضا عدد من الآبار الارتوازية والتي تضخ الماء العذب لمحطات تكرير وتنقية لتأمين مصادر مياه الشرب النظيفة لكل سكان الكيان، ناهيك طبعا عن عدد ضخم من المخازن التي تحتوي على مواد الإطفاء ومنظومات السلامة والمواد والمستلزمات الطبية الجاهزة للاستخدام في حالة الطوارئ ، بالاضافة لمخازن أخرى تحتوي على أنواع مختلفة من الطعام ومواد الإعاشة وغيرها من مستلزمات طبية ولوجستية تكفل لهم الأمان بعيدا عن أية طوارئ غير متوقعة.
ومن هنا يمكننا القول براحة تامة أن المركز الاستراتيجي لقيادة الدولة تم تحصينه وتأمينه لصد أي هجمات إرهابية أو عدائيات مهما بلغت قوتها وتطور معداتها أو أسلحتها الحديثة، وتم إعداده وتجهيزه بحيث يمكنه العمل ذاتيا دون احتياج لأي شئ من خارجه وبحيث يستطيع الاستمرار في العمل وتأمين متطلبات سكانه من القادة لمدة عام على الأقل تحسبا لأي طارئ، وهذا يؤكد بما لايدع مجالا للشك بأن هذا الكيان العملاق يمثل صرحا عظيما وغير مسبوق يجسد رؤية الرئيس السيسي لمصر المستقبل كقوة عظمى إقليمية ودولة رائدة قادرة على قهر التحديات وتحقيق التطلعات لأجيال قادمة على الطريق
وأنتهز هذه الفرصة بأن أدعو الناس جميعا في مصرنا المحروسة، والذين حتى هذه اللحظة لم يقدروا مشروع العاصمة الإدارية و لم يعطوه قدره بسبب أنهم لم يروه على الطبيعة، هى مجرد مشاهدات فى برامج تلفزيونية لا أكثر ولا ترسخ فى الذاكرة، بأن يذهبوا لرؤية هذه الصروح العملاقة التي صنعها السيسي وسط تحديات خطيرة ومؤمرات لا تنتهي في الداخل والخارج، فالرؤية على الطبيعة شىء آخر تماما كما شاهدت ورأيت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة