مهمة المستشار الإعلامى الحقيقية تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة (برلمان/ حكومة/ شركة. إلخ) أو الشخصية (مسؤول/ نائب / رجل أعمال/.. إلخ)، هذا هو المتعارف عليه سواء فى علم العلاقات العامة أو التسويق السياسي، وهكذا كنت حريصا خلال فترة عملى مستشارا إعلاميا لرئيس مجلس النواب بمملكة البحرين (2012-2015). بخلاف ما يحدث فى عالمنا العربى من تبادل الأدواء بين المستشار والمؤسسة التى يعمل بها أو المستشار والشخصية التى يعمل معها ويعاونها، ليتحول إلى تلميع نفسه وتحسين صورته، بدلا من خدمة مؤسسته أو تحسين الصورة الذهنية للشخصية التى يعمل معها عند الجمهور الداخلى والخارجي.
يبقى المستشار صانع الحدث خلف الكواليس، فالمستشار القانونى مثلا تقع عليه صياغة القوانين والتشريعات، ومساعدة النائب من خلال اللجان المختلفة سواء كانت لجانا دائمة أو مؤقتة أو نوعية، فى استخدام أدواته البرلمانية، من اقتراحات قوانين أو عمل لجان تحقيق برلمانية أو تقديم استجوابات. وينسب الفضل فى النهاية لنائب أو كتلة برلمانية من مجموعة نواب، أو للجنة التى قدمت مشروع القانون وليس المستشار القانونى الذى تنتهى مهمته على الورق وخلف الكواليس فى اجتماعات اللجان.
كنت أدرك تماما حدود مسؤولياتى الوظيفية الجديدة، لم أعد ذلك الإعلامى الذى يبحث عن شهوة الظهور فى الصحف والفضائيات، أو يعقد مؤتمرات صحفية يكون فيها النجم الأوحد، ولا ذلك الذى يظهر فى مقدمة كل الصور بمناسبة وغير مناسبة.. بل كان تركيزى منصبا على التواصل الفعال بين المؤسسة البرلمانية والجمهور، ومن خلال إشرافى على صحيفة النواب الشهرية التى كانت تصدر عن مجلس النواب، حرصت على مساعدة لجان المجلس الخمسة الدائمة وهى (لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني، لجنة الخدمات، لجنة المرافق العامة والبيئة)، فى عملها، ليس فى التغطية الإعلامية الخبرية فقط فهى مهمة إدارة الإعلام البرلماني، ولكن مساعدة اللجان قبل وأثناء وبعد الانتهاء من مشروع أى قانون.
كانت تربطنى علاقات طيبة وصداقة بجميع رؤساء اللجان، وأذكر منهم النائب المخضرم المرحوم حسن الدوسرى نائب المحافظة الشمالية رئيس لجنة المرافق العمة والبيئة، والنائب على العطيش رئيس اللجنة التشريعية ورئيس جمعية الرابطة الإسلامية، وهى جمعية سياسية شيعية معتدلة، والنائب عبد الرحمن بومجيد رئيس لجنة الشؤون الخارجية، والمستشار القانونى لكل لجنة، وقد اقترحت عمل ندوة برلمانية مغلقة بلا جمهور عن كل مشروع قانون مهم، أو قضية يجرى بشأنها لجنة تحقيق، واستضافة رموز من المجتمع المدنى ورئيس كل لجنة، بهدف التواصل مع الذين سيطبق عليهم القانون أو المتضررين والمستفيدين من القوانين والقضايا المعلقة فى البرلمان.
كانت أول ندوة برلمانية قمت بتنظيمها عن أزمة سكن العمالة الأجنبية الوافدة، بعد احتراق بنايات تضمن عشرات العمال الآسيويين فى منطقة المحرق، وطلبت بيانات وتقارير عن ظاهرة العمالة الوافدة من مركز البحوث والمعلومات البرلمانية، والذى كان يرأسه وقتها فؤاد الانصاري، وكان شخصية مثقفة ومتعاونة ومنظمة، يعمل معه عدد من الباحثين والمترجمين المتميزين. ومن خلال ما تكون لدى من معلومات قمت بصياغة مسودة مقترحات للندوة حول مفهوم العمالة الوافدة، وإحصائيات بعددها، ومشكلات سكن العزاب فى المناطق السكنية العائلية، وخاصة المشكلات الاجتماعية والأخلاقية والأمنية. وقمت بعرض المقترحات على القائم بأعمال الأمين العام للمجلس جمال زويد "بوفيصل"، وكذلك ناقشتها مع رئيس لجنة الخدمات النائب عباس الماضي. واتفقنا على حضور ممثلى جمعيات العمالة الوافدة وممثل عن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وممثلى وزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل.
وكانت مناقشات ثرية لمشكلة تشغل منطقة الخليج العربي، التى شهدت تدفقا كبيرا للعمالة الأجنبية فى الأربعينات والخمسينات من القرن العشرين، بسبب تدفق العوائد النفطية فى اقتصاديات دول الخليج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة