ـ نجحنا في توفير مياه نظيفة بتكنولوجيا حديثة لـ 450 ألف مواطن
ـ 98% من أصحاب الأراضي في بنها وافقوا على استراتيجية إعادة تقسيم الأراضي ونعمل على مخطط "شرم الشيخ الخضراء"
زاد عدد سكان المناطق العشوائية والفقيرة فى العالم من 725 مليونا فى عام 2000 إلى ما يقدر بنحو 889 مليون نسمة فى عام 2020، ما تسبب فى توسيع الفجوة بين الفئات الاجتماعية فى المجتمعات الحضرية وزيادة ضعف الفقراء وحرمانهم.
فى أكثر من 70 دولة يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية على الكثير من برامج التنمية الحضارية والتنمية العمرانية المستدامة، لتوفير سكن ملائم مع تقديم كل الخدمات الأساسية لحياة أفضل بشكل متكامل منها المياه والصرف الصحى والنقل.
«اليوم السابع» أجرت حوارا مع الدكتورة رانيا هدية، مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فى مصر، والتى لديها خبرة فى العمل الأممى لأكثر من 28 عاما، انطلاقا من البرنامج الإنمائى للأمم المتحدة فى مصر، وصولا لتولى منصب مدير برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لـ«البيتات» منذ 2014 وعضو الفريق القُطرى للأمم المتحدة «UNCT».
وتطرقت للعديد من الموضوعات المهمة عن دور البرنامج فى تطوير العشوائيات والخدمات المعيشية للأحياء الفقيرة وقانون التصالح وتقسيم الأراضى وتنفيذ مشروعات مياه الشرب بتكنولوجيا حديثة فى صعيد مصر بتكلفة أقل.. إلى نص الحوار
ما دور برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية فى مصر؟
يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية « الهابيتات» بشكل متكامل على التنمية الحضرية المستدامة ويدعم الحكومة المصرية فى عمليات التطوير الحضرى والتعامل مع العشوائيات وتحسين الخدمات الأساسية «الصرف الصحى والمياه والنقل»، والاستفادة من التكنولوجيا منخفضة التكلفة لتحسين وتوفير مياه نظيفة لكل مواطن.
مصر لا تعانى من العشوائيات بالمعنى الموجود فى كثير من دول العالم، ما يوجد فى مصر أماكن غير مخططة بشكل صحيح، وهو التحدى الأكبر الموجود على نطاق واسع وخاصة فى القاهرة والجيزة، ونسعى لعدم تكونها مرة أخرى فى المستقبل مع ربطها بالخدمات الأساسية فى المدن.
ما مدى تبنى الحكومة المصرية لاستراتيجية الإسكان العالمى؟
مصر من الدول الرائدة التى تبنت توجهات استراتيجيات الإسكان العالمية والعربية من خلال رسم خارطة طريق نحو تحقيق أهداف السكن الملائم للجميع فى عام 2014، ويتضح ذلك من خلال الاستراتيجية الوطنية ورؤية مصر 2030 والمخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية 2052، والمادة 78 فى التعديل الدستورى سنة 2014، ولأكثر من 12 عاما تمكن البرنامج من بناء شراكات قوية مع المجتمع المدنى والجهات المانحة والمضى برؤيته فى مناهج تقنيات تخطيط جديدة، ونعمل باستمرار مع وزارتى الإسكان والتنمية المحلية والهيئة العامة للتخطيط وصندوق العشوائيات وهيئة المجتمعات العمرانية والكثير من الكيانات الحكومية.
ما دور مصر كنائب للمجلس التنفيذى للأمم المتحدة للمستوطنات البشرية حتى 2023؟
من خلال منصبها كنائب للمجلس التنفيذى للهابيتات، مصر لها دور قيادى وفعال فى الإشراف على تنفيذ الأنشطة لكل الدول الأعضاء والموافقة على تنفيذ برنامج العمل السنوى والميزانية واستراتيجية تعبئة الموارد، حيث يعمل البرنامج فى 70 دولة على مستوى العالم، بالإضافة إلى عرض مشروعات وإنجازات مصر المتعلقة بالتنمية العمرانية المستدامة عالميا، وتوجيه ودعم وتمويل برنامج العمل فى مصر، والتى تدعم حياة أفضل للمواطن المصرى، بالإضافة إلى التعاون مع المجالس التنفيذية لوكالات الأمم المتحدة الأخرى.
هل أثرت جائحة كورونا على عمل البرنامج فى مصر؟
جائحة كورونا أخّرت التنفيذ فى عدد من المشروعات والميزانيات، بالإضافة إلى قيود سفر الخبراء وأعضاء الفريق وتأثرت الأعمال الميدانية للبرنامج والاستطلاعات وجلسات الاستماع العامة، والتى بالتخطيط وتطوير الرؤى تم التغلب على بعض منها باستخدام التكنولوجيا، وكذلك تكوين فرق عمل محلية وخاصة بالمحافظات لضمان استمرارية العمل بشكل دقيق.
الحكومة المصرية اتخذت العديد من الإجراءات فيما يتعلق بجائحة كورونا لتخفيف الأثر الاقتصادى، فيما أعادت الجهات المانحة ترتيب أولويات تمويلها وتوجيه بعض الأموال نحو الأنشطة المتعلقة بمواجهة الجائحة وآثارها، ودفعنا ذلك أيضا إلى تغيير تفكيرنا والتخطيط لتتضمن المبادرات مرونة واستجابة للأزمات والأوبئة بمزيد من الأماكن العامة وخاصة فى المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، حيث أفادت الأمم المتحدة بأن إصابات الجائحة وصلت إلى 90 % فى المناطق الحضرية.
كيف تتوافق رؤية مصر 2030 مع الأطر الدولية للتنمية المستدامة والأجندة الحضرية الجديدة؟
زاد التحضر فى العالم ليصبح أكثر من نصف سكان العالم يعيشون فى المدن، وهناك توقعات بزيادة العدد لأكثر من 65 % بحلول 2050، ما أدى إلى أعداد متزايدة من سكان الأحياء الفقيرة، وتسبب فى زيادة تلوث الهواء وعدم كفاية وكفاءة الخدمات الأساسية، وبالتنسيق مع الحكومة المصرية بدأنا خلال الفترة الماضية فى التركيز على كل هذه التحديات ضمن خطط التطوير فى رؤية مصر 2030، وهناك وثيقة مهمة جدا فى مصر وهى المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية الحضرية 2052، الذى وضعته هيئة التخطيط العمرانى والذى يؤكد على خلق مجتمع عمرانى متوازن.
ما دور البرنامج فى رفع مستوى الأحياء الفقيرة؟
تطوير الأحياء الفقيرة ضمن أولويات البرنامج وتوجهنا لعدد كبير من المحافظات كان آخرها محافظة دمياط، وتم استخدام تكنولوجيا عالمية لتوفير الخدمات ومنها المياه النظيفة والصرف الصحى بدعم كبير من المحافظة، وجار التخطيط للعمل بعدد من المناطق فى محاولة لإعلان محافظة دمياط خالية من مشكلات الصرف الصحى.
وماذا عن دور البرنامج فى تطوير منظومة النقل الجماعى؟
يعمل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية خلال خطته الحالية بالتعاون مع الحكومة على رفع كفاءة منظومة النقل، وجار بالتعاون مع محافظة القاهرة تفعيل منظومة الدراجات الهوائية بالمشاركة لتبدأ من منطقة «وسط البلد» وربطها بشكل أولى بمنطقة «عين شمس»، وهى منظومة عالمية يتم التعامل بها دوليا من خلال مشاركة الدراجات البخارية لمناطق وسائل المواصلات العامة، ما يدعو المواطن لعدم استخدام السيارات بشكل مبالغ فيه والتوجه للنقل الجماعى بطريقة سلسة، ويعطى أولوية للعمل على النقل الجماعى وعلى تكوين شبكة لخدمة أفضل، وضمن هذه المشروعات أيضا مشروع الأتوبيسات السريعة ذات الخط الموحد، والتى ستبدأ بربط السادس من أكتوبر بالجيزة.
ماذا عن استراتيجية الإسكان فى مصر والتى تعد الأولى فى الوطن العربى؟
الحقيقة أن وزارة الإسكان المصرية كان لها دور رائد فى تحديد أطر السياسات بشكل يعالج المشاكل، وتمثل الاستراتيجية وهى الأولى فى الوطن العربى رؤية متكاملة لتوجيه قطاع الإسكان خلال عشرين عاما، والتى تم البدء فيها منذ عام 2016 بعد تحليل كامل لقطاع الإسكان المصرى، وكانت الوزارة داعمة بشكل كبير لفكرة إشراك قطاعات كثيرة فى الاستراتيجية، وتزامن إطلاق الاستراتيجية مع تحديات معقدة، حيث يكافح العالم لمواجهة جائحة كورونا، وتأتى الاستراتيجية تماشيا مع المتطلبات العالمية والإقليمية، كما تتسم الاستراتيجية بقدر كبير من المرونة فيما يتعلق بالتنفيذ العملى على أرض الواقع، وفخورون جدا بهذه الوثيقة المتكاملة، فهى الأولى فى الوطن العربى وعلى مستوى الوثائق الدولية.
تكنولوجيا ترشيح مياه النيل.. ما دور الهابيتات فى هذا المشروع؟
تحديات قطاعى الصرف الصحى والمياه، كبيرة على المستوى القومى وخاصة بالمناطق الريفية المنعزلة، ونجح البرنامج فى تطبيق طرق غير تقليدية ومتطورة لتمكين الدولة من توفير حق المياه النظيفة والصرف الصحى بأقل تكلفة وأفضل جودة، وتم إطلاق تكنولوجيا الترشيح الطبيعى لضفاف الأنهار «River firtlation units» فى 2017 بمحافظة المنيا، وتم تنفيذ 13 وحدة RBF وفرت مياها نظيفة ومستدامة لأكثر من 180 ألف نسمة بتكلفة تصل إلى 5 % فقط عن الطرق التقليدية وصديقة للبيئة، واستكملت محافظة المنيا المشروع بتكرار التجربة لعدد وحدات أكبر لتوفير المياه النظيفة لأكثر من 450 ألف نسمة، وساهمت التكنولوجيا الجديدة التى تم إدخالها فى قطاع المياه فى حل أزمات السدة الشتوية، بالإضافة إلى أنه جار تطبيقها من خلال 10 وحدات جديدة فى محافظات الصعيد «أسيوط والأقصر وسوهاج»، مع توفير الدراسة كاملة لكل المحافظات لاستكمال الفكرة مع المتابعة الدورية لاستمرار جودة المياه المقدمة.
كيف تتوافق برامجكم مع التغييرات التى تحدث فى قانون البناء وقانون التصالح؟
الدولة المصرية فى الفترة الأخيرة بذلت جهدا كبيرا فى تحسين إدارة منظومة الحيز العمرانى من خلال إصدار عدد من القوانين منها قانون تقنين الأراضى 144 لسنة 2017 وقانون التصالح فى بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها رقم 17 لسنة 2019 وما تلاه من تعديلات تشريعية فى 2020، وتأتى هذه القوانين لتحدد آليات جديدة لتقنين ومحاولة إصلاح الوضع العمرانى المصرى وتكوين إطار جديد للتشريعات العمرانية.
ومن أهم تجارب الهابيتات فى هذا الشأن هو مخطط إعادة ترتيب الأراضى، وكانت لنا تجربة ناجحة فى بنها بمشاركة المواطنين للمنفعة العامة ووقع 98 % من أصحاب الأراضى على مخطط تقسيم الأراضى فى بنها، وجار إصدار التراخيص لتنفيذ المشروع وهذه المبادرة سيكون لها دور جيد فى قانون البناء ومشكلات التصالح كأداة تمكن الدولة بتنفيذ التصالح بطريقة أفضل، كما تزيد من قيمة الأراضى لتصبح 10 أضعاف قيمتها الحالية، وتم تنفيذ هذه المبادرة فى القليوبية وأيضا جار تنفيذها بمحافظتى قنا ودمياط، بدعم من السفارة السويسرية.
هل الاهتمام بصعيد مصر ضمن خطة عمل البرنامج؟
اهتمامات برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية موزعة على كل المناطق المصرية بما فيها محافظات الصعيد، التى تم مؤخرا دعم عدد كبير من المشروعات بها منها قنا والأقصر وسوهاج وأسيوط والمنيا، وهناك فريق عمل محلى متكامل فى محافظة قنا تم تكوينه مع تداعيات الإغلاق لجائحة كورونا، للعمل بشكل أسرع على أرض الواقع فى محافظات الصعيد وخاصة فى قطاعى المياه والصحة.
ما المناطق الأخرى التى تدخل ضمن أولويات عمل البرنامج؟
اهتم البرنامج بالمناطق السياحية فى مصر، وكان له دور كبير فى الدعم والمشاركة بالخطة الاستراتيجية والتطويرية لامتداد مدينة شرم الشيخ، وجار العمل بها لتصبح ضمن مشروعات الاقتصاد الأخضر بأن تصبح الرقعة الجديدة لشرم الشيخ مدينة خضراء، توافقا مع الاتجاه العالمى مع الالتزام بأنها مقصد دولى للسياحة العالمية وتطوير أنظمة الفندقة بأحدث الطرق التكنولوجية بالمنطقة، لتصبح صديقة للبيئة، وكذلك تم الانتهاء من تخطيط منطقتى العلمين ورأس الحكمة، مع التركيز على موقعهما الجغرافى والاستفادة بشكل كبير.
ما رؤية الدكتورة رانيا عن مدى أهمية تنافسية المدن فى الاقتصاد المصرى؟
من خلال الدراسات البحثية التى تمت فى السياسة الحضرية الوطنية كشفنا عن تحدى «نمط المدن»، وأنه لا بد من العمل على رفع كفاءة المشاركة الاقتصادية الفعالة للمدن فى مصر لتصل إلى 250 بدلا من الضغط فقط على القاهرة والجيزة والإسكندرية، للحد من عمليات النزوح وتحقيق أعلى استفادة اقتصادية للمدن المصرية، ما يدعم توفير أكبر لفرص العمل فى كل المدن المصرية ورفع دخل الفرد.
النمو العمرانى يعد السبيل الأمثل فى أغلب الدول لتعزيز الاقتصاد، فهناك علاقة وثيقة بين معدلات النمو العمرانى المخطط وارتفاع مستوى المعيشة، ففى الدول ذات الدخل المرتفع تتجاوز معدلات التحضر حاجز 80 % ومتوسط الدخل 60 % مقارنة بالدول ذات الدخل المنخفض لا تتجاوز 40 % ومن المتوقع مع التعديلات وخطوات إصلاح منظومة العمران المصرى خلال الفترة الماضية أن تتجاوز نسبة النمو الحضرى 60 % بحلول 2050، كما يقوم برنامج الأمم المتحدة بتنفيذ العديد من المشروعات من أهمها مشروع «حينا للتنمية المتكاملة»، والذى يعد مشروعا فريدا من نوعه، وهو مشروع متكامل لتحقيق التنمية العمرانية المتكاملة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة