أهالى شهداء مجزرة الروضة بشمال سيناء يروون قصصا مفجعة.. "موسى" خرج من تحت الرصاص ليحتضن ابنه الشهيد.. و"مجدى" شاهد ابنه يموت أمام عينه.. ويؤكدون: الجريمة زادتنا إصرارا فى مواجهة الإرهابيين.. فيديو وصور

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2020 08:28 م
أهالى شهداء مجزرة الروضة بشمال سيناء يروون قصصا مفجعة.. "موسى" خرج من تحت الرصاص ليحتضن ابنه الشهيد.. و"مجدى" شاهد ابنه يموت أمام عينه.. ويؤكدون: الجريمة زادتنا إصرارا فى مواجهة الإرهابيين.. فيديو وصور أهالى شهداء مجزرة الروضة بشمال سيناء
شمال سيناء - محمد حسين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع حلول الذكرى الثالثة لمجزرة الروضة بشمال سيناء، يروى الناجون لـ"اليوم السابع"، تفاصيل الحادث، وتحل اليوم 24 نوفمبر الذكرى الثالثة لمجزرة مسجد الروضة، التى راح ضحيتها أكثر من 300 من المصلين و150 من المصابين أثناء تأدية صلاة الجمعة، بعد أن أطلقت عليهم مجموعة من الإرهابيين النار بدم بارد ولاحقوا كل من حاول الفرار بحثا عن النجاة.

ولا يزال كل من شهد مذبحة مسجد الروضة يحمل لمشاهدها ذكريات لا تمحوها الأيام، لكن موسى سعيد حمود، ابن قرية الروضة يعيش الذكريات بشكل مختلف، حيث كان فى مقدمة المصلين الذين استهدفهم الإرهابيين بالرصاص الحى وكتب له النجاة، ليحتضن جسد ابنه الشهيد بعد أن وجده أمامه غارقا فى دمه.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (3)

وقال شاهد العيان موسى سعيد، إنه فى هذا اليوم اصطحب ابنه "علاء" وكان عمره وقتها 18 عاما، ومبكرا كانوا فى المسجد جلس هو فى مقدمة الصفوف يستمع لتلاوة قرآن الجمعة ثم الخطبة، حتى أتت لحظة الغدر، عندما اقتحم القتلة المسجد، وقتها لم يشعر سوى بأصوات وطلقات نارية ووضع يديه على رأسه واحتمى بجدار المسجد وكان فوقه يتدافع المصلون بحثا عن مخرج للفرار.

وأضاف أنه بجواره كان يجلس صديقه الشهيد سليمان عزاره، وعندما توقفت أصوات النيران، رفع رأسه ليجد مأساة من حوله جثث مسجاة بلا ترتيب ودماء وأنين وصراخ تحرك لخطوات نحو الباب ليجد ابنه علاء غارقا فى الدماء احتضنه ووجده قد فارق الحياة.

 

وتابع قائلا: "نطقت الشهادتين وأنا فى حالة ذهول ولن أنسى كيف كانت المأساة ولن أنسى أن الله ألهمنا وقتها الصبر وتخطى صعوبة حالنا". وقال إن ابنه الشهيد، كان من الشباب المحبين للصلاة والمسجد ويحرص على أن يتواجد مبكرا فيه.

وذكر: رسالتى الوحيدة لقتلة ابنى "ربنا ينتقم منكم وحسبنا الله ونعم الوكيل فيكم".

ومن بين الناجين على أبو شميط، رئيس مجلس إدارة مركز شباب شهداء الروضة، يعمل معلما بالمدرسة الإعدادية بالقرية، روى لـ"اليوم السابع" تفاصيل معايشته لهذا الحادث الذى وقع على بعد 30 مترًا أمامه وهو يهم للحاق بصلاة الجمعة.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (6)

وقال "شميط"، إنه كغيره من أبناء القرية يتسابقون فى يوم الجمعة لأداء الصلاة وكان قدره أن يتأخر قليلا فى الوقت، وكان يهم مسرعا لدخول المسجد بعد إقامة الآذان وصعود الخطيب على المنبر.

وأضاف، أنه كان على بعد 30 مترا تقريبا من موقع المسجد عندما فوجئ بإطلاق نار كثيف فى كل مكان، وأصبح الرصاص يتطاير من حوله.

وتابع قائلا إنه عاد للخلف بحثا عن مكان آمن، وسادت حالة من الهلع كل من حول المسجد، الكل يجرى بلا اتجاه وسط صراخ شديد وأصوات طلقات نيران بكثافة.

وأضاف، أنه كان فى حالة عدم اتزان وهلع وخوف من هول ما يرى من حوله، وهو ومن حوله يهرولون بلا واجهة محددة كل ما يبحثون عنه حائط يصد عنهم الرصاص.

وتابع: "كل هذا استمر لدقائق بعدها توقف أصوات الرصاص وبقيت حالة الصراخ، وعدنا بسرعة للمسجد ويا هول ما رأينا".

وقال، إنه رأى ما يشيب له الولدان من جثث تغرق فى الدماء داخل المسجد، وجثث فوق بعضها عند الأبواب والشبابيك كانوا يحاولون الفرار.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (1)

واستطرد أنهم من الصدمة أصبحوا يتعاملون مع الموقف بجمود، حيث يبحثون بين المصلين عن ناجين لإسعافهم، وكلما نضع أيدينا على أحدهم نجده وقد لفظ أنفاسه الأخيرة، والذى يزيد الأمر ألما أن تجد من بين من تقلبه أب وابن وشقيق وجار وصديق وزميل عمل ومسن وطفل ومعاق؛ جميعهم قتلهم هؤلاء الجبناء بلا رحمة.

وقال على شميط ابن قرية الروضة، ومن بين الناجين من المجزرة، إنه بعد وقوع الحادث شهدت القرية تضامن الجميع معهم من أهالى وجهات مسئولة بتقديم الدعم بكل أنواعه.

وأشار إلى أن بيته كان من بين بيوت الأهالى الذين أعيد ترميم بيوتهم، حيث تم رفع كفاءة جميع منازل القرية وإنشاء مشروعات بها، مؤكدا أنهم يفخرون بشهدائهم وكانت أمنيتهم أن يكونوا استشهدوا معهم.

وقال مجدى رزق أحمد، معلم رياضيات بمدرسة آل جرير الابتدائية، إنه من أبناء محافظة البحيرة ويقيم فى قرية الروضة منذ عام 1991معلما لأبنائها وأنه فى هذا الوقت ككل يوم جمعة اصطحب ابنه الطفل أحمد، وابنه البكر وتأخر عنهم قليلا ابنه الأوسط محمود، واتخذ موضعه فى الجلوس داخل المسجد للاستماع لخطبة الجمعة فى الناحية البحرية قرب الباب، وهذا أتاح له رؤية مجموعة المهاجمين وهم يقتربون وكان يظنهم مجموعه تلاحق أحدا وستمر من أمام المسجد حتى فوجئ بدخول أحدهم وأشهر السلاح وبدأ إطلاق النيران فتبعه بقيتهم وعلى الفور اتخذ موضعه بجوار أحد أعمدة المسجد وأطلقوا النار بكل عشوائية وبينهم من يرمى بقنابل أحدثت أصواتا فيتحرك المصلون هلعا وعندما يرون من يتحرك ولم تصبه النيران يطلقون عليه الرصاص.

وتابع: كتب الله لى النجاة، وعندما انتهى الكابوس المرعب أردت أن أتحرك لأبحث عن أبنائي ولكن فوجئت أنى مصاب فى ركبتى والفخذ برصاص والدم يسيل منى من كل جانب أردت الاطمئنان وعرفت أن ابنى أمير استشهد وأحمد الصغير نجا.

واستكمل الحديث الطفل أحمد نجله بقوله إنه كان فى ذاك الوقت فى التاسعة من عمره، ومع بقية أطفال القرية يصلون فى الخارج وعندما شاهد قدوم القتلة أسرع لداخل المسجد للاحتماء به وكان الناس حوله يتدافعون ووقع ولم يستطيع التحرك، حتى أفاق ليشاهد دماء حوله والنَّاس يصرخون وأول من رأى من الشهداء شقيقه وقد فارق الحياة.

واستكمل الحديث شاهد العيان عيد مصطفى عامل بمدرسة آل جري، بقوله إنه من أبناء محافظة الشرقية واستقر فى قرية الروضة فى عام 1997، لافتا إلى أنه فى هذا اليوم كان فى أول صف مصلين عندما انطلق الإمام فى خطبته وبدأ سماع أصوات النيران تقترب، فتسابق الجميع للفرار وقفز هو من شباك المسجد لخارجه.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (2)

وأضاف أنه بحث عن مخرج ووجد أمامه طفل يصرخ "يا عم عيد قتلوا أبوى"، فحملته على كتفى وأسرعت به لمنزل بعيد اختبئت فيه حتى هدأت الأصوات لأعود بحثا عن ابنى .

وتابع: وقفت مذهولا لمدة خمس دقائق الجثث فى كل مكان والقاتل وجه رصاصه للرأس والقلب ووجدت ابنى بين المصابين.

وبدوره استكمل الحديث ابنه "محمد" الذى كان وقتها فى الصف الأول إعدادي بقوله إنه أيضا كان يصلى خارج المسجد حاول الهروب بداخله عندما رأهم قادمين إلا أنه وجد من يطلق النار بداخله.

وأجمع المتحدثين إنه بعد الحادث لم تتركهم الدولة وقدمت لهم مساعدات معنوية ومادية وقامت بترميم بيوتهم وصرف تعويضات لهم تصلهم شهريا حتى اليوم من التضامن والأزهر الشريف.

ونقل المعلم "مجدى" مطالب لأسر الشهداء معربا عن أمله أن تتحقق لهم واهمها تخصيص يوم 24 نوفمبر الذى يصادف يوم مجزرة الروضة عيدا للشهداء المدنيين فى كل مكان على مستوى الدولة، وتسجيل أسر شهداء ومصابى الروضة بقاعدة بيانات المجلس القومي للشهداء، وإطلاق أسماء الشهداء المدنيين الذين سقطوا فى هذا الحادث بمحافظاتهم على أسماء الميادين والمدارس، وقال إنه بشكل شخصى طالب محافظ البحيرة إطلاق اسم ابنه الشهيد أمير على ميدان او مدرسة ببلدتهم ولم تتم الاستجابة لمطلبه حتى اليوم.

وخلفت مجزرة الروضة التى وقعت أحداثها قبل 3 سنوات شهداء، وشكلت مأساة تعيشها كثيرا من الأسر التى أضرت نتيجة فقد عائلها، بينها الشاب رشاد رمضان، وهو أصم أبكم فقد والده فى المجزرة، ابن قرية الروضة البالغ من العمر 20 عاما، فقد والده شهيدا من بين شهداء المسجد.

بعد فقد والده يعاني رشاد فى توفير متطلبات حياته بعد أن أصبح العائل الوحيد لأسرته ووالدته.

حلم رشاد كما أكد لـ"اليوم السابع" بلغة الإشارة، أنه يتم توفير أى وظيفة له تضمن له مصدر دخل مناسب يكفيه وأسرته، لافتا إلى أنه كان لا يحمل للمعيشة هما لكن بعد فقد والده واجهته متطلبات الحياة.

وقال إنه فى يوم حادث مسجد الروضة كان خارج القرية وعندما عاد فجع على خبر فقد والده وأعمامه وأصدقائه وكانت أمنيته أن كان فى المسجد واستشهد مثلهم.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (4)

وأكد الدكتور سليمان سالم شميط، أحد أهالى قرية الروضة بشمال سيناء، مدير إدارة بئر العبد التعليمية، أحد مصابى حادث مسجد الروضة، أن ما حدث فى قريتهم زاد الأهالى صمودا وإصرارا عزيمة على الثأر بمن أطلق عليهم النار وهم يؤدون الصلاة فى بيت الله.

وقال: "أقول لمن قام بهذا العمل الجبان "موتوا بغيظكم، نحن مصريين وسنبقى مصريين صامدين على ارضنا وسنثأر منكم".

وأشار إلى أنه كان فى المسجد يؤدى الصلاة يوم الحادث، وأصيب بينما استشهد ابنه الوحيد الذي كان يدرس وقتها بكلية الهندسة.

اهالي شهداء مجزرة مسجد الروضة (5)

وتابع قائلا إن نجاته من الموت كانت بأعجوبة حيث يجلس فى الصلاة بالصف الثالث وعندما هاجم الإرهابيين المسجد وأطلقوا النار وبينما يتدافع المصلين للأمام فى اتجاه النوافذ وصل هو لأول صف ولم يستطيع القفز نظرا لثقل وزنه، وكان كل من يحضر ويصل يطلقون عليه النار فيسقط فوقه فحالت أجساد الشهداء دون وصول الرصاص لرأسه، ولكن أصيب به فى بقية جسمه، وسقط ابنه الوحيد شهيدا أمام عينه.

وأشار إلى أنه يدعو الله أن يلحقه بالشهداء على خير ليس شؤما من الحياة، وإنما حبا فى الشهادة التى تمناها هو وغيره من كل الناجين.

وقال إن الأسبوع الذى وقعت فيه المجزرة كان من أصعب الأوقات عليهم، ولم ولن ينسوا الواقعة، لافتا إلى أن آثارها النفسية لا تزال عالقة بذهن كل من عاشها من رعب وخوف. واستطرد "ليس فى الاستطاعة وصف أن تعيش الموت بهذه الطريقة البشعة داخل مسجد آمن ولا وصف أن تشاهد بعينك كل من حولك وقد فارق بعضهم الحياة وآخرين يتألمون من ألم الجروح".







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة