نجح المبدعون الشباب من شعراء ومصورين وأصحاب حرف إبداعية فى توثيق ملامح مجزرة الروضة التى شهدتها شمال سيناء فى هذا التوقيت قبل 3 سنوات.
وكانت قرية الروضة بشمال سيناء شهدت فى 24 نوفمبر من عام 2017 حادثا إرهابيا بشعا باقتحام مجموعة إرهابية مسجد القرية أثناء أداء صلاة الجمعة وإطلاق التار على من كانوا فى المسجد بلا رحمة وبدون تفريق، وسقط خلال فى هذا الحادث أكثر من 300 شهيد و150 مصابا.
استطاع شاعر الفصحى السيناوى منصور عيد، أن يعبر بآبيات عن معايشته لمجزرة مسجد الروضة التى كان من بين الناجين منها، ولكنه فقد فيها والده و6 من أبناء عمومته وأخواله، وفى ذكرى مرور 3 سنوات على المجزرة وصفها شاعر الفصحى منصور عيد بشمال سيناء بأنها بشاعة لا يعبر عنها كلام ولا يصورها عقل.
وقال لـ"اليوم السابع"، إنه شاهد عيان على الواقعة وفيها فقد والده وأبناء عمومته وأخواله، لافتا إلى أنه كان فى وقت اقتحام المسجد يهم برفع يديه ناويا إقامة ركعتى سنة الجمعة وكانت المصادفات أنه يصلى قرب الباب خارج المسجد، وسمع إطلاق النار والتفت حوله ليشاهد قرابة 15 شخصا مقبلين على المسجد وفى أيديهم أسلحة ويطلقون النيران.
وأضاف، أنه استطاع أن ينجوا من الموت بأعجوبة حيث فر فى اتجاه آخر من الجانب الذى جاء منه من رأهم يطلقون النيران، وهم مسرعا لينجوا ليفاجئ أنه أيضًا تتواجد مجموعات أخرى منهم ينتظرون من يفر ليطلقوا عليهم النار، ومع ذلك كتبت له الحياة بأعجوبة عندما اتخذ مسارا بعيدا عن عيونهم، وأخذ ساترا بعيدا عن النيران حتى انسحب القتلة.
وتابع الشاعر منصور عيد، بقوله إنه عاد للمسجد ليجد جميع من فيه قتلى وأول من شاهد والده اطمئن عليه لكنه وجده فارق الحياة، وذهب ليسعف عمه ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة، وبجواره 3 من أعمامه وخاله واثنان من أبناء خالة، مشيرا إلى أنه كشاعر عجز عن وصف المشهد فى أبياته وكل ما استطاع وصفه أنه قال فى قصيدة :
وما زلت أحصى الضحايا على جانبى الطريق..
أرتق ثقبا..فيظهر ثقبٌ..و يظهر ثقبٌ
ويظهر ثقبٌ.. وتكبر فى الروح هذى الثقوب.
وكفى اليتيمة عبثاً تحاول ملء فراغ الثقب العميق.
على جانبى الطريق..
طفلٌ ينازع فى حضن أب.. وأبٌّ ينازع فى حضن رب..
وربٌّ يرى كيف حلوى القلوب
تصير شظايا بلون العقيق..
على جانبى الطريق
أسافر فيها على متن آه
وأحرق فيها وقود الحياة
غروبٌ يغير معنى الغروب
حريقٌ يجدد فقه الحريق
على جانبى الطريق
بدورها خلدت إدارة مدرسة آل جرير الابتدائية بقرية الروضة ذكرى سقوط 9 من طلابها الأطفال الصغار شهداء فى مجزرة الروضة إلى جانب أحد العاميلن بالمدرسة بمعرض يحمل لوحات صورهم ورسومات للأطفال طلاب المدرسة توثق ذكريات الناجين منهم للمجزرة.
"اليوم السابع" زارت المدرسة، وقال مجدى رزق المعلم بالمدرسة، إنه لا يزال مخلدا ذكراهم فى مدرستهم أطفال صغار قتلهم الإرهاب بلا رحمة فى المسجد وهم يؤدون صلاة الجمعة وهم أحمد موسى، وياسين عيسى سعيد، محمد درويش، أحمد مصطفى، هشام عبدالرحمن، شاكر سلامه، محمد أحمد يحيي، وعلى محمد سلمى، الشهيد من إدارة المدرسة موسى سلامة حسين.
وخصصت فى المدرسة غرفة فصل كمعرض لهذه المجزرة البشعة تضمن أعمال نفذها الطلبة والمعلمين وهي مجسم لمسجد الروضة ولوحات مرسومة تحمل صور أم الشهيد والشهداء بلون أبيض وأم تبكى ابنها ومشاهد منوعة تصف حال القرية يوم المجزرة.
ووثق شاعر من شمال سيناء جانبا من وقائع مجزرة الروضة التى شهدتها شمال سيناء قبل 3 سنوات بقصيدة تصف حال شهيد. وقال الشاعر محمد أبوعليان، أحد مبدعى نظم الشعر باللهجة البدوية، إن قصيدته تصف حال صديق عمره، وأحد أقربائه الشهيد على أبونصير، الذى شاء حظه أن يؤدى صلاة الجمعة فى هذا اليوم فى مسجد الروضة ليكون من بين الشهداء الذين ارتقوا فى هذا الحادث البشع.
وأشار الشاعر السيناوى محمد أبوعليان، إلى أن قصيدته تحاكى مشاعر الطفلة بنت الشهيد التى أصبحت يتيمه بعد فقد والدها ، ثم يصف كيف أن الشهيد كان ضمن كوكبه الجميع هرعوا لتلبية نداء الصلاة حتى المعاق الذى يفقد القدرة على المشى كان بينهم واستشهد .
وتقول أبيات القصيدة باللهجة البدوية :
ماوصف لك يوم تسأل.. كيف هو دمع اليتيمه ؟
اليتيمه يتمها يو..من ابوها فى الحضور
والعزم هو عزم ابوها ..فى بكوره فى عزيمه
لابس ثوبه مطيب .. وافى بحق الطهور
حاضر في بيت ربه ..عن قناعه من صميمه
لاح لواح الفراق ..بقولته جمعة سرور
طعن هو يوم الوداع.. تحس بالطعنه أليمه
ونه بكف الارامل..وهى تشممها البخور
وقفى دمعك مكفى.. كونى ياحلمى حليمه
ع المساكن روحوهم.. ياحلاهن من قصور
فى جنان الخلد دايم.. رحمة الله العظيمه
لابكاء وشق جيب ....عزمنا عزم صبور
قسمهم كان الشهاده ..والسعاده في القسيمه
هاجت الذكرى عليها ..كنها موج البحور
لانشدها ماتشوف.. تشوفها فعله جريمه
مشهدن ماله مثيل .. يخيلك يوم النشور
المنايا فى سبق للى.. خلقها مستقيمه
الطفل فى حضن جده..السّلم كان الشعور
والفتى مع ولد عمه ..جنبهم خوه كريمه
هاذا ابوه وهاذا عمه ..وخالهم جابه النور
نور من رحمات ربك ..تشفى ارواح سقيمه
والمسافر والمقيم ..الروضه كانت فى بهور
شوف (ماجد )ماتأخر. .. فاز بأقدار رحيمه
صنه وصوت المنادى.. اللى يناديهم جهور
ياسعدهم ياهناهم .. والخواطرهى كميمه
جاتهم ام الشهيد ..جاهم الصبر الجبور
ياسعدهم ياهناهم ..تقول والفجعه كظيمه
تجيب فى هاذا وتظمه.. وهى تناجى ياغفور
تقيم فى هاذا بيدها..يمه القبله تقيمه
تجيب من هاالجال مره ..ترد عقب الدور دور
الله يامعطى الصبر ...محى عظام رميمه
فى جماعه فالصلاه..وفى جماعه فى القبور
فاز من هو جى لكم... واللى غدر مر الهزيمه
قالو ان الغدر خسه... قالو ان الغدر جور
قول ان العمر مره.. وربنا وحده عليمه
قالو ان الغدر خسه... قالو ان الغدر جور
قول ان الغدر لحظه...والوفا بيتم ديمه
والفؤاد اللى نشدته... فى تفاصيل الأمور
يشهد ان حسن الختام... فى الصلاه اكبرغنيمه
وزينت صور ولوحات تحمل وجوه شهداء مجزرة الروضة بشمال سيناء منشأت خدمية وتعليمية بقريتهم التى عاشوا على ارضها .
وفى مركز شباب شهداء الروضة نفذت إدارة المركز بانوراما بالصور تحمل صور الشهداء على مدخل المركز، وتكونت من لوحات كبيرة عليها صور الشهداء .
وقال موسى شميط مدير المركز ، ان اللوحات جزء من مشروع كبير لتوثيق مجزرة الروضة .وبدورها تجملت جدران المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية بقرية الروضة بصور الشهداء وقامت إدارة المدرسة الابتدائية برسم لوحة لأطفال شهداء تحمل صورهم وتخصيص غرفة داخل المدرسة لعرض رسومات تجسد يوم اقتحام المسجد وقتل المصلين .
وفى المدارس الاعدادية والثانوية حملت الجدران صورا لشهداء معلمين من المدرسة واجمع ذوى الشهداء بقرية الروضة عن املهم ان يصل صوتهم ويخصص يوم 24 نوفمبر يوم سقوط اكثر من 300 شهيد مدنى فى قرية الروضة يوما للشهيد المدنى على مستوى مصر ،. وتسجيلهم بقاعدة بيانات المجلس القومي لأسر الشهداء والمصابين .
وفى سياق اخر نجحت " ساره سليمان " فتاه من قرية الروضة بفن التطريز على القماش تخليد ذكرى شهداء مجزرة الروضة الذين فقدت من بينهم شقيقها الوحيد واصيب والدها .
من اهم اللوحات التى رسمتها ابنة قريةً الروضة ساره هى لوحة " شهدائنا لن ننساكم "، وقامت بإتقانها بفن التطريز الذى اجادت تعلمه من والدتها وجدتها وهو من اهم فنون النقش على القماش فى سيناء.
وفى هذه اللوحة إلى جانب لوحات اخرى تحمل ايات قرأنية ورسومات تعيد للذاكرة استشهاد شقيقها الوحيد " محمد " فى مجزرة الروضة .
واعربت "ساره " عن املها ان تتاح لها فرصة عرض لوحاتها والتسويق لها حيث انها تقوم بكل هذا بجهد ذاتى وفى بيتها يدويا .
واشارت انها حاصلة على انها تستكمل دراستها العليا حاليا فى التربية الخاصة برسالة ماجستير تعد لها فى جامعة العريش .
وحلمها الذى تتمنى تحقيقه تعيينها معيدة بجامعة العريش وان يصل صوتها لوزير التعليم العالى ، لتحقيق هذا الحلم .