بعد شهور من الترقب والتصريحات والبيانات حول فيروس كورونا، انطلقت أنباء اللقاحات المضادة للفيروس من عدة اتجاهات، وخلال أقل من أسبوعين أعلنت أكثر من شركة وجهة علمية وطبية عن لقاح وتؤكد أنه ذو فاعلية كبيرة، فيما يبدو تنافسا تجاريا أكثر منه علمى وطبى، فقد أعلنت الصين مبكرا عن طرح لقاحها وبدأت بعض الدول تجريبه، ثم خرجت روسيا وأعلن الرئيس الروسى عن طرح لقاح سبوتنيك، وبعد فترة صمت أعلنت شركة فايزر عن لقاحها بنسبة كفاءة تصل إلى 90 %، وتبعتها شركة موديرنا التى أكدت أنه ذو كفاءة بنسبة 94.5 %، ثم خرجت شركة أسترازينيكا لتعلن عن لقاحها، وفى الطريق أعلنت جامعة أكسفورد عن لقاح جديد.
وظهرت تفاصيل المنافسة فى سباق الإعلانات الدعائية التى سارعت كل شركة من شركات إنتاج اللقاحات إلى إعلانها، ونقلت وكالة الأدوية الأوروبية «EMA» عن الرئيس الجديد للهيئة التنظيمية قوله: إنه بإمكانها إصدار رأى علمى حول لقاحات فيروس كورونا التى تسعى للحصول على موافقة الجهات التنظيمية بحلول نهاية العام فى أفضل سيناريو، فيما أعلنت أن هيئة الغذاء والدواء الأمريكية قد تمنح موافقة على لقاح فايزر خلال شهر ديسمبر، لكن هذا لا يمنع من انتظار النتائج النهائية لكل هذه اللقاحات، خاصة على الفئات الأكثر تأثرا مثل كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
ورغم هذه الأنباء المبشرة، فقد بدا أن كل الجهات أعلنت فى وقت متقارب عن نتائج لقاحاتها، فى وقت لا تزال كل الجهات الطبية تؤكد أن اللقاحات لم يتم إعلان السماح باستعمالها، وحسب صحيفة «إندبندنت»، فإن أسهم شركة أسترازينيكا تراجعت بعد الإعلان عن أن لقاح فيروس كورونا، الذى طورته جامعة أكسفورد، كان له معدل فاعلية أقل من الأرقام التى أبلغ عنها المنافسان فايزر وموديرنا.
وسط هذا الزحام من اللقاحات، أعلنت كل شركة عن كفاءة وميزات أكثر، فيما بدا أقرب للدعاية ومحاولة لحجز مكان وسط سباقات ومنافسات، فى الوقت الذى لم تحسم الجهات الصحية العالمية الموقف من كل هذه اللقاحات، وفقط أبدت منظمة الصحة العالمية تفاؤلا بظهور اللقاحات، وإن كانت لا تزال فى طور التجارب على متطوعين، وفى انتظار ظهور النتائج النهائية والحاسمة، مع التأكد من عدم وجود أضرار جانبية يمكنها أن تصيب من يتلقون اللقاحات، خاصة أن هناك بعض الآراء منسوبة لأطباء وخبراء أبدوا تخوفا من أن تكون اللقاحات قد خرجت تحت ضغط الحاجة والسرعة، ما يجعل من الصعب التكهن بآثارها الجانبية، وقد نقلت بعض الجهات عن مدير الصحة العالمية تصريحا يعلن فيه أن اللقاح وحده لن يكون كافيا للقضاء على فيروس كوفيد 19، لكن اللقاح سيقوم بدور مكمل للأدوية وليس بديلا عنها.
وحسب كبير المسؤولين الطبيين فى شركة موديرنا الأمريكية، تال زاكس، فإن نتائج تجارب اللقاح تظهر فقط أنها تمنع الأشخاص من الإصابة بفيروس كورونا أو بمضاعفات خطيرة، وأن الذين تلقوا اللقاح قد ينقلون الفيروس، وقال تال زاكس: إنه لا ينبغى للجمهور المبالغة فى تفسير نتائج تجربة اللقاح على افتراض أن الحياة قد تعود إلى طبيعتها بعد تطعيم البالغين، وأضاف: «أعتقد أنه من المهم ألا نغير السلوك على أساس التطعيم فقط».
وفى نفس الوقت أعلنت الشركة المنتجة للقاح «سبوتنيك» أن اللقاح سيكون متاحا بالمجان للمواطنين الروس، وأعلن الحساب الخاص باللقاح الروسى «سبوتنيك - V»، على «تويتر»، أن فاعلية اللقاح تصل إلى 95 %، بشرط أن يتلقى الشخص الجرعة الثانية من اللقاح، وأنها تصل إلى 91.4 %، بعد أسبوع من التلقيح، وأعلنت «سبوتنيك» عن أن اللقاح سيتاح للخارج بتكلفة 10 دولارات للجرعة، فيما أعلنت أسترازينيكا عن تكلفة 4 جنيهات إسترلينى للجرعة، وهناك عوامل مختلفة تحدد كفاءة اللقاحات، منها إمكانية تخزينه ونقله بسهولة. وتستمر الأنباء والسباقات التى لا تخلو من منافسة سياسية وتجارية بين الشركات فى وقت يواجه العالم هجمة لموجة كورونا الشتوية.