على بعد أيام قليلة من قمة 10 ديسمبر للاتحاد الأوروبى، تبدو تركيا فى مأزق يزيد عزلتها الدولية، بعد ارتفاع الأصوات المطالبة بفرض عقوبات عليها، تمنع رئيسها رجب طيب أردوغان من ممارسة تصرفاته المخالفة للقوانين الدولية، والمعتدية على سيادة الدول.
ويواجه الاتحاد الأوروبى، ضغوطًا متزايدة للعمل ضد تصرفات تركيا في شرق البحر المتوسط، بعد مطالبة فرنسا والنمسا بالفعل بفرض عقوبات، فى حين آثار رفض تركيا الأخير السماح لسفينة ألمانية بتفتيش سفينة تركية كجزء من مهمة الاتحاد الأوروبي "إيرينى" غضب برلين.
وزعمت تركيا أن التفتيش كان غير مصرح به وأن الجنود أظهروا استخدام القوة، الأمر الذى أدى إلى رد من وزيرة الدفاع الألمانية أنجريت كرامب كارينباور، قائلة: الجنود تصرفوا بشكل صحيح وتصرفوا بشكل مطلق بما يتفق مع تفويض البعثة الأوروبية، إيريني، وقالت أنجريت كرامب كارينباور: "الاتهامات التي تثار ضد الجنود غير مبررة".
فيما أعلن زعيم حزب الشعب الأوروبى فى البرلمان الأوروبى مانفريد ويبر على تويتر اتخاذ إجراءات ضد سلوك تركيا.
كما دعا القادة الأوروبيون إلى الحفاظ على موقف موحد ضد ما وصفوه بـ"الإجراءات الأحادية وغير القانونية" التي تقوم بها تركيا، مع التفكير في فرض عقوبات على أطراف تركية محددة
كان الرئيس رجب طيب أردوغان يمارس ضغوطه على الاتحاد الأوروبى، حيث استمر، في استخدام قضية اللاجئين السوريين للضغط على الاتحاد الأوروبي وابتزازه لإعطاء المزيد من الأموال لمنع التدفق الكبير للاجئين إلى الشواطئ الأوروبية، كما تضاعف تركيا بقيادة أردوغان الاستفزازات ضد بعض دول الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان.
وفي أواخر أكتوبر، انتقد الاتحاد الأوروبي، استفزازات أنقرة ووصفها بأنها "غير مقبولة على الإطلاق"، ومع ذلك، اتفق صناع القرار على تأجيل أي قرار بشأن العقوبات على تركيا حتى قمة الاتحاد الأوروبي في ديسمبر.
ويحمل مشروع قانون العقوبات على تركيا، بنود تدين ممارستها الاستفزاية فى منطقة شرق المتوسط وقبرص.
وأدان مشروع القرار نشاطات تركيا غير الشرعية في فاروشا القبرصية ، رافضا بشدة محاولات تركيا تقسيم جزيرة قبرص.
ويدعو القرار إلى فرض عقوبات عاجلة على تركيا ردًا على أفعالها في قبرص ومياهها الإقليمية، وكذلك إجراءاتها في أماكن أخرى في شرق البحر المتوسط وخلافاتها مع اليونان وألمانيا وفرنسا.
وسلط منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الضوء على إمكانية فرض عقوبات أشد صرامة من جانب الاتحاد الأوروبي على تركيا بسبب أنشطتها في شرق البحر المتوسط، قائلاً إن زعماء الاتحاد سيتناولون الأمر في اجتماع يومي 10 و 11 ديسمبر.
وقال بوريل للبرلمان الأوروبي يوم الثلاثاء في بروكسل: بالتأكيد نحن في لحظة حرجة فيما يتعلق بعلاقتنا مع تركياـ وسيتعين على الزعماء اتخاذ قرار إذا كان سيتم فرض مزيد من العقوبات.
وفي فبراير، فرض الاتحاد الأوروبي، تجميد أصول وحظر سفر على اثنين من موظفي شركة البترول التركية ردًا على مطاردة تركيا للغاز الطبيعي قبالة قبرص. تم تعليق اقتراح قبرصي بإدراج كيانات تركية وإضافة أفراد إلى تلك القائمة السوداء منذ يونيو وسط تردد من دول الاتحاد الأوروبي بما في ذلك ألمانيا.
وفيما يتعلق بالمزيد من العقوبات المحتملة ضد تركيا، تعهد رؤساء حكومات الاتحاد الأوروبي في 1 و2 أكتوبر "باتخاذ القرارات المناسبة على أبعد تقدير" في ديسمبر، وكان التعهد جزءًا من اتفاق رفع الحظر عن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد بيلاروسيا بالفوز على قبرص، والتي ضغطت على الكتلة لاتخاذ موقف أكثر صرامة ضد أنقرة.
وآثارت تركيا غضب الاتحاد الأوروبي أكثر في 8 أكتوبر بإعادة فتح مدينة أشباح - فاروشا - في الجزء الذي تسيطر عليه تركيا من قبرص، وقد تم التخلي عن المنطقة وعزلها منذ استيلاء تركيا عام 1974 على شمال قبرص.
في وقت سابق من هذا الشهر ، زار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، المنطقة وأقام ما وصف بأنه "نزهة" في فاروشا، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى التوبيخ.
وأمام التراجع الذي أبدته تركيا قبل أيام لتلافي العقوبات، علقت باريس بشكل حاسم، مطالبة النظام التركي بـ"أفعال لا أقوال"، وبعد حالة من الشد والجذب بين أردوغان، ودول القارة الأوروبية، طالب الرئيس التركي دول أوروبا بـ"الوفاء بالوعود" في إشارة إلى رغبة أنقرة الحصول على عضوية الاتحاد، وتلقي مساعدات في ملف اللاجئين.
وفى مؤتمر لحزب العدالة والتنمية، عقد عبر الفيديو، قال أردوغان مساء الأحد مخاطباً الاتحاد الأوروبي: "أوفوا بوعودكم التي قدمتموها لبلادنا بدءا من العضوية الكاملة وحتى ملف اللاجئين لنؤسس معا تعاونا أوثق ومثمرا أكثر".
التصريحات التي أطلقها أردوغان، قابلتها باريس بتعليق على لسان وزير خارجيتها جان إيف لودريان، حيث قال إن دعوات تركيا للحوار والتهدئة "غير كافية"، مشدداً على أن تركيا مطالبة بأفعال، لا أقوال.
وقال لودريان في تصريحاته التي تأتي قبل أيام من انعقاد المجلس الأوروبي المقرر بداية ديسمبر، والذي سينظر في ملف فرض العقوبات على تركيا بسبب انتهاكات النظام التركي المتكررة تجاه دول الاتحاد وبمقدمتها فرنسا وقبرص واليونان.
وأضاف لودريان بحسب ما نشرته شبكة فرانسا 24: "لا يكفي أن نلاحظ منذ يومين أو ثلاثة أيام، تصريحات تهدئة من جانب الرئيس التركي، ينبغي أن تكون هناك أفعال".
وأكد لودريان، أن من بين الأفعال المنتظرة: "هناك أفعال بسيطة يمكن القيام بها في شرق المتوسط وليبيا وكذلك في قره باغ".
واستطرد الوزير الفرنسي: "لدينا الكثير من الخلافات مع أنقرة" مشيرا إلى "رغبة التوسع" التركية وهي "سياسة الأمر الواقع" في ليبيا والعراق وشرق المتوسط، "حيث يهاجم (الأتراك) عضوين في الاتحاد الأوروبي هما اليونان وقبرص" وحتى "في ناجورني قره باغ، حيث يرسلون أيضاً مرتزقة سوريين".
وختم بالقول إن "الاتحاد الأوروبي أعلن في شهر أكتوبر أنه سيتحقق من موقف تركيا بشأن هذه المسائل المختلفة خلال اجتماع المجلس الأوروبي في ديسمبر بعد بضعة أيام. في تلك اللحظة سنتحقق من الالتزامات".
ومدّدت تركيا السبت حتى 29 نوفمبر مهمة سفينة التنقيب التركية "عروج ريس" في منطقة بحرية تتنازع عليها مع اليونان، إذ إن اكتشاف حقول غاز هائلة فيها يغذي أطماعها، ويثير وجود السفينة في شرق المتوسط منذ أشهر عدة توترا مع الاتحاد الأوروبي الذي مدد هذا الشهر عقوبات ضد تركيا لعام إضافي ويعتزم تشديدها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة